تنتشر على نطاق واسع معلومات مغلوطة حول الواقي الشمسي. لكن يجب ألا تمنعنا الخرافات السائدة من استعماله لحماية البشرة. عند البحث عن معلومات حوله على شبكة الإنترنت، قد لا تشعر برغبة قوية في دهنه على بشرتك. صحيح أنه مصمّم لحماية البشرة من الأشعة المضرة التي تبثها الشمس، لكن يشير بعض الادعاءات المرتبطة به إلى أنه قد يضرّ أكثر مما ينفع. تشمل المعطيات المتاحة جميع أنواع المعلومات، بدءاً من اعتبار الواقي الشمسي غير فاعل وصولاً إلى طرح تحذيرات خطيرة. حتى إن بعض الباحثين يذهب إلى حد اعتباره مسؤولاً محتملاً عن سرطان الجلد نظراً إلى خليط المقادير السامة الذي يحتوي عليه. لا شك في أن هذه المعلومات كافية كي تُظلِم يومك! لكن هل يمكن تأكيد صحة هذه المعلومات؟ للفصل بين الوقائع والخرافات، طلبنا مساعدة الدكتورة جينيفر لين، وهي أستاذة مساعِدة في قسم أمراض الجلد في كلية الطب بجامعة هارفارد ومساعِدة إدارية في عيادة «مخاطر سرطان الخلايا الصبغية والوقاية منها» في مستشفى «بريغهام» للنساء. وفيما يلي أبرز أفكارها حول رأي العلم بالواقي الشمسي واحتمال اعتباره صديقاً أو عدواً للبشرة. هل يحتوي الواقي الشمسي على مواد كيماوية محددة يجب أن يتجنبها الناس؟ يوصي بعض الجهات بتجنب مكوّنات معيّنة. ثمة نوعان من الواقيات الشمسية: تعكس الحاصرات الفيزيائية الأشعة فوق البنفسجية المنبثقة من الشمس وتحتوي على واحد من عنصرَين نشيطَين: أكسيد الزنك أو ثاني أكسيد التيتانيوم. تتضمن الحاصرات الكيماوية من جهتها مواد كيماوية تمتص الأشعة البنفسجية التي تبثها الشمس. تشمل هذه المواد: حمض الأمينوبنزويك والأفوبنزون والأوكتيسالات والأوكتوكريلين والأوكسيبنزون. حصد الأوكسيبنزون أسوأ سمعة نظراً إلى المخاوف السائدة من احتمال أن يؤدي إلى اضطراب عمل الهرمونات. العنصر الذي يعوق عمل الهرمونات عبارة عن مادة كيماوية قادرة على خرق الأغشية الخلوية، حتى أنه قد يؤثر في إنتاج الهرمونات طبيعياً في الجسم. لكن لم تبرز أدلة جازمة على مضار الأوكسيبنزون بالنسبة إلى البشر. تذكر المنظمات التي عبّرت عن مخاوفها من الأوكسيبنزون دراسات جرت على جرذان كانت تتغذى من الأوكسيبنزون. لكن وفق دراسة جرت في عام 2017 ونُشرت في «مجلة الأكاديمية الأميركية لأمراض الجلد»، يحتاج الفرد إلى استعمال الواقي الشمسي طوال 277 سنة قبل أن يتلقى الجرعة المنهجية التي أعطت الآثار المذكورة في تلك الدراسات. من المعروف أيضاً أن الأوكسيبنزون يُسبب تفاعلات تحسسية لدى بعض الناس، مع أن هذه المشكلة ليست شائعة. لكن حتى لو تجنبنا استعمال الواقيات الشمسية التي تحتوي على الأوكسيبنزون، قد نجد هذا العنصر في منتجات أخرى مثل البلاستيك ومثبّتات الشعر وطلاء الأظفار. في هذه المرحلة، لا نوصي مرضانا بتجنب الواقيات الشمسية التي تحتوي على الأوكسيبنزون. لكن إذا فضّل الناس هذا الخيار، يجب أن يدركوا أن ذلك العنصر الكيماوي موجود في منتجات أخرى نستعملها يومياً. هل تشير أية أدلة إلى قدرة الواقي الشمسي على التسبب بسرطان الجلد؟ لا. اشتقّت هذه الاستنتاجات الشائبة من دراسات كان فيها الأفراد الذين استعملوا الواقي الشمسي أكثر عرضة لسرطان الجلد، بما في ذلك سرطان الخلايا الصبغية. نشأ هذا الرابط الخاطئ لأن الأفراد الذين استعملوا الواقي الشمسي كانوا يسافرون إلى مناطق مشمسة ويتشمّسون باستمرار. بعبارة أخرى، كانت نسبة التعرض الفائقة لأشعة الشمس، وليس الواقي الشمسي، مسؤولة عن زيادة خطر الإصابة بسرطان الجلد. يزعم البعض أن الواقي الشمسي لا يحمي من أنواع سرطان الجلد الثلاثة الأساسية. هل هذا صحيح؟ لا. بل تذكر دراسات ممتازة أن الواقي الشمسي يحمي من أبرز ثلاثة أنواع من سرطان الجلد: سرطان الخلايا الحرشفية وسرطان الخلايا القاعدية وسرطان الخلايا الصبغية. ثمة رابط مباشر بين درجة الحماية التي يضمنها الواقي الشمسي ومستوى ارتباط الأشعة فوق البنفسجية بنشوء سرطان الجلد. في الدراسات المبنية على التوقعات بشأن الواقي الشمسي مثلاً، تراجعت حالات سرطان الخلايا الحرشفية أكثر من غيرها (بنسبة 40 % على مر أربع سنوات). ذكرت مقالة إلكترونية أن الواقي الشمسي يُسمّم الناس. هل هذا صحيح؟ لا تثبت أية أدلة أن الواقي الشمسي يسمّمنا. هل تُعتبر جزيئات النانو المستعملة في الواقيات الشمسية مع ثاني أكسيد التيتانيوم وأكسيد الزنك مضرة؟ تستعمل شركات التصنيع جزيئات النانو في حاصرات الشمس الفيزيائية الآنف ذكرها. تنشأ جزيئات النانو خلال عملية تهدف إلى تفكيك الجزيئات الأكبر حجماً. هذا ما يُسهّل دهن الواقيات الشمسية ويسمح لها بالاختفاء داخل البشرة على عكس الواقيات الشمسية البيضاء واللزجة التي كانت تُستعمل في الماضي. أظن أن استعمال هذه الحاصرات الفيزيائية أصبح أسهل بكثير كونها تخضع راهناً لعمليات تفكيك متكررة. لم يثبت أنّ جزيئات النانو تخترق البشرة إلى مستويات عميقة وتصل إلى مجرى الدم، ما يعني أنها لا تطرح على الأرجح مخاطر صحية. هل يحتاج جميع الناس إلى استعمال الواقي الشمسي؟ سمعتُ أن البعض لا يحتاج إلى دهنه إذا كانت البشرة داكنة وتسمرّ بسهولة. نوصي باستعمال الواقي الشمسي للوقاية من سرطان الجلد، بما في ذلك سرطان الخلايا الصبغية، وقد ثبتت منافع هذا الاستعمال في دراسات جماعية وفي تجارب عشوائية أيضاً. لما كان أصحاب البشرة الداكنة أقل عرضة لسرطان الجلد، فلن يكون استعمال الواقي الشمسي للاحتماء من ذلك السرطان في حالتهم ضرورياً. لكن يستفيد كل من يريد تجنب آثار الشيخوخة المرتبطة بأشعة الشمس من تبنّي بعض العادات المفيدة، من بينها دهن الواقي الشمسي وارتداء ملابس واقية من الشمس وتجنب أشعة الشمس. هل يؤدي استعمال الواقي الشمسي إلى زيادة احتمال التعرض لنقص في الفيتامين D؟ هل سيكون تجنب هذا المنتج محبذاً إذاً؟ صحيح أن الواقي الشمسي يعوق الأشعة فوق البنفسجية «ب» وهي عبارة عن أشعة ذات موجات قصيرة تبثها الشمس وتُعتبر ضرورية لإنتاج الفيتامين D في البشرة، لكن لن يتعرض الناس لنقصٍ في هذا الفيتامين لأن معظمهم يدهن كمية أقل بكثير من تلك الموصى بها (نحو كوب صغير على الجسم وملعقة صغيرة على الوجه). إذا كنت تخشى أن تصاب بنقص في الفيتامين D بسبب استعمال الواقي الشمسي، يمكنك اللجوء إلى حل بسيط. قد يوصيك طبيبك بأخذ مكملات الفيتامين D، بمعدل 800 وحدة دولية من الفيتامين D3 يومياً. يوصي بعض الخبراء بتخصيص بين 10 و15 دقيقة للتعرض للشمس يومياً قبل دهن الواقي الشمسي، لكن ثمة جدل حول أهمية هذه الخطوة بما أن الفيتامين D يمكن الحصول عليه عن طريق بعض المأكولات والمكملات. باختصار، يُفترض ألا يكون الخوف من نقص هذا الفيتامين سبباً لتجنب الواقي الشمسي. هل من نصائح عامة بشأن استعمال الواقي الشمسي؟ من غير الآمن أن نفترض أن دهن الواقي الشمسي يكفي للاحتماء من مضار الشمس. أثبتت دراسات عدة أن الأفراد الذين يستعملونه يميلون إلى البقاء تحت الشمس فترات أطول، من ثم قد يزيد خطر إصابتهم بسرطان الجلد. نصائح تضمن السلامة تحت أشعة الشمس تسمح النصائح التالية بحماية البشرة من أشعة الشمس المضرة: • لا تتكل على الواقي الشمسي وحده. بل تقضي أفضل استراتيجية بتجنب التعرّض للشمس إذا أمكن. • تُعتبر الملابس التي تحمي من الشمس وبدأت تزداد شيوعاً خطوة مفيدة إلى جانب استعمال الواقي الشمسي. • تذكّر ضرورة دهن الواقي الشمسي بشكل متكرر، كل ساعتين تقريباً. يتلاشى أثر الواقي الشمسي الكيماوي بعد دهنه ويميل معظم الواقيات الشمسية إلى التبخر تحت تأثير العرق.
مشاركة :