ألقى سامي اليوسف، الرئيس التنفيذي للبطريركية اللاتينية، الضوء على الدور الذي تلعبه الكنيسة في قطاع غزة، وقدم الأسباب التي تدفع السكان إلى التمسك بالرجاء والأمل رغم حالة المعاناة.وقال "اليوسف": إن الحياة اليومية في غزة قد أصيبت بتدهور في الوضع الإنساني منذ زيارته الأخيرة، ويقول: تعمل الكهرباء في القطاع لمدة ثلاث ساعات فقط في اليوم، كما أن الوضع الصحي كارثي، و5% فقط من المنازل لديها إمكانية الوصول إلى الصرف الصحي، فعلى سبيل المثال، يجب عليك في بعض الأحيان الانتظار لمدة نصف ساعة حتى تتم إعادة تشغيل مضخة المياه لكي تغسل شعر رأسك!. أما بالنسبة لمشاهدة مباراة كرة القدم دفعة واحدة، فإن الأمر يشبّه كوصولك إلى النجوم، علاوة على ذلك، لا تزال آثار القصف الإسرائيلي في صيف 2014 واضحة حيث لم يتم إعادة بناء العديد من البنى التحتية.وأضاف الرئيس التنفيذي للبطريركية اللاتينية، أن الوضع يزداد سوءًا مع مرور الوقت، فالمال بدأ ينفذ من السكان، لأنه لا السلطة الفلسطينية أو حماس تدفعان الأجور، أو على الأقل جزء منها، بسبب نقص الأموال. كما أن المستشفيات، مثل مستشفى الأهلي العربي، مكتظة جراء القمع المسلح للمظاهرات على الحدود: فمنذ بداية مسيرات العودة كان هنالك ألف حالة بتر من الفلسطينيين، في حين أن الإسرائيليين يعززون الحصار ويحظرون دخول بضائع جديدة.وفي خضم هذه الحالة البائسة، تنمو الاضطرابات بسرعة، وانعدام حالة الأمن، والواقع أن افتقار القدرة على وضع خططًا مستقبلية تؤدي إلى تصاعد التوترات. فما هو المستقبل؟ حرب وحشية، واستمرار الحصار وتدهور بطيء للوضع. كما أن البطالة تواصل ارتفاعها، حيث تؤثر على 70% من الشباب وتمنعهم من بناء حياتهم أو من بدء حياة عائلية. أما فيما يتعلق بالمسيحيين، فهم يتحملون هذه الأوضاع الاقتصادية وحصار غزة، مثلهم مثل المسلمين. فهم يعانون أيضًا من هذه الآفة.ويتابع اليوسف: إن كان هناك عدد أقل وأقل من المسيحيين في غزة (138 كاثوليكيًا من بين ألف مسيحي) فإن الخريجين أو حتى العديد من الشباب المسيحي عازمون على البقاء مع عائلاتهم على أرضهم. فبالنسبة إليهم، فإن الأولوية هي الاستقرار الاقتصادي والتنمية. فبعد تخرجهم من الجامعات، يكافحون للعثور على عمل في مجال تخصصهم. ففي حين أن العديد من المنح الدراسية قد مكنّت من ظهور جيل شاب لديه مهارات، فإن 90% من الشباب لا يجدون وظيفتهم الأولى بعد تخرجهم. وعلاوة على ذلك، فإن وضعهم كمسيحيين لا يساعدهم، بل على العكس تمامًا.ويتابع: لهذا قررت الكنيسة أن تعالج مشكلة البطالة. فالأمراض العظيمة تتطلب علاجات رائعة. حيث تعتزم البطريركية اللاتينية في القدس تزويد الشباب بفرصة المشاركة في أعمال كريمة ومثمرة من خلال توفير فرص عمل مؤقتة لهؤلاء مدة عام واحد في القطاعات غير الحكومية والخاصة في غزة. فالهدف هو تعيين الشباب في وظائف تناسب مؤهلاتهم، في حين ستدفع البطريركية اللاتينية أجورهم لمدة سنة واحدة. وسيساعد هذا العام بأكمله الشباب على اكتساب خبرات العمل والمهارات الحياتية. وبتمويل من فرسان القبر المقدس في ألمانيا، يمكن تجديد البرنامج وفقًا للأموال المتاحة. ومع ذلك، فإن البرنامج الجديد سيوسع نطاق الفرص ليشمل جميع القطاعات الخاصة وغير الحكومية مثل المستشفيات والبنوك والمدارس والشركات الهندسية ومختلف المؤسسات في غزة. ومن بين متطلبات البرنامج، فيجب على كل شاب توفير ساعة واحدة من العمل التطوعي في الكنيسة لتشجيعه على المشاركة في الأنشطة داخل الرعية. أما بالنسبة للشركات، فسوف يدفعون المواصلات للشباب من أجل إظهار التزامهم. علاوة على ذلك، فيمكن لهم إعادة توظيفهم على نفقتهم الخاصة لفترة إضافية.وتابع: ومن أجل مكافحة وباء البطالة، سيقوم الأب ماريو دا سيلفا، راعي كنيسة العائلة المقدسة، بافتتاح مركز تدريبي تعليمي مسيحي لمساعدة الشباب على اكتساب الثقة بالنفس وتطوير مهاراتهم للدخول إلى سوق العمل بسهولة أكبر من خلال التركيز على اللغة الإنجليزية وتكنولوجيا المعلومات والحاسوب، إضافة إلى القيادة وإدارة الموظفين، مشيرًا إلى أن البرنامج سيوفر للشباب بناء قدراتهم واكتسابهم خبرة واسعة كنهجٍ متكامل لإعدادهم للنمو والتطوير المهني في المستقبل.
مشاركة :