من يصل إلى قوى السراديب السرية؟! - يوسف الكويليت

  • 12/17/2014
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

المال السياسي لعب أدواراً مهمة في إنشاء الأحزاب وتأييد الجماعات والانتخابات، ولا يزال، رغم القوانين التي تحاول ضبط التمويل وسلامته، إلا أن الدوائر المستفيدة من قيام نظام يخدمها، تستطيع اللعب على القوانين وإداراتها من خلال قنوات خاصة تعرف كيف تحتال على القوانين حتى في الدول الديمقراطية.. ولأن الوطن العربي بدأت نشأة الأحزاب فيه ضعيفة، فقد كانت مسيّسة من عناصر مرتبطة بالرأسمالية الوطنية لليمين السياسي، بينما كانت الاتجاهات الاشتراكية أو من يرفع شعاراتها تأخذ دعمها من الدول اليسارية أو الشيوعية، فيما كانت الأخرى تأخذ مواردها من الحكومات العسكرية التي تأخذ شعاراتها اتجاهاً لها.. وبسبب احتكار السلطة وفشل العديد من تلك التنظيمات العلني منها والمستتر، ونتيجة الخيبات التي صاحبت دعواتها وممارساتها وفشلها التحول من أدوات للأحزاب والسياسيين، عاد نشاط الإسلامي للواجهة، وهو من أقدم من سعى لعودة الخلافة وأممية الدولة والدعوة الشاملة، وفي ظله كانت الأموال تأتي من طبقات التجار والبنوك وملاكي الأراضي من الإقطاعيين وبمبدأ شعارات مكافحة الاستعمار والشيوعية، ومظالم الحكام الذين لا تقوم مناهج دولهم على العقيدة الإسلامية، ومع الشد والحروب التي وقفت ضد توجهاتهم، أو داعميهم حتى من دول كبرى في المواجهات بين الرأسمالية والاشتراكية، فقد كان الإسلاميون الأقرب إلى اليمين من اليسار، ولذلك نشأت في ظل تمددهم دعائم مالية هائلة، وخاصة للإخوان المسلمين الذين هيمنوا على مفاصل اقتصاد أكثر من دولة في السيطرة على الشركات والمصارف، والتحالف مع المتضررين من التأميم في رحلة الاشتراكية العربية ما وفر لهم غطاءً كبيراً في تجنيد شباب الجامعات ونقابات العمال وأبناء الفلاحين في الريف الذين أوجدوا قاعدة هائلة لتلك الجماعات السياسية الإسلامية، وبالرغم من تحولات معارضتهم من الإضرابات والاعتصامات والمظاهرات، إلى النهج المتطرف، فإن عمليات الاغتيال وضرب القوى الأخرى بما فيها مراكز الدول الاقتصادية والسياسية لخلق فوضى تؤدي إلى وصولهم للحكم، جعلت دولاً تستثمر هذه الأحزاب في خدمة أغراض تقربها منها وتؤدي أدوارها، وهي مشاهد انكشفت بعد أن استهدفت الجماعات الإرهابية مواقع القوى الكبرى وخاصة أحداث سبتمبر.. الحديث عن مكافحة الإرهاب صاحبه تجفيف منابع دعمه المادي وموارده الأخرى غير أن ظاهرة غسيل الأموال والاقتصادات القذرة نتيجة أعمال غير مشروعة ورواجها من قبل بنوك وشركات أموال وأشخاص بما فيها استعمال مختلف الوسائل من زراعة المخدرات وتصنيعها وترويجها وتجارة الأسلحة وأنشطة تجارية غير مشروعة، استطاعت أن تجد لها مناخاً في ميادين تمويل الإرهاب، ولذلك صار من الصعب مواجهة قوى السراديب السرية حتى لو وصلت المكافحة إلى تحالف دولي، وهو ما صعب الأمر على دول للحد من تجارة المخدرات وغسيل الأموال، وقد يكون هناك منافع سرية لدول المكافحة ذاتها إذا كانت تحررها من دعم الجماعات المتحالفة معها، والإسلام السياسي لا يزال مجالاً مفتوحاً لإدارة وتصعيد الأزمات حتى لو شهدنا مظاهر محاربته مع داعش والقاعدة، والإبقاء على نفوذ القواعد الأساسية له مثل الإخوان المسلمين وحزب التحرير وغيرهما، بمعنى أننا أمام أخطبوط هائل من المافيا نراه بأكثر من وجه ودور.. لمراسلة الكاتب: yalkowaileet@alriyadh.net

مشاركة :