فريق التحرير قال سفير خادم الحرمين الشريفين لدى الولايات المتحدة، الأمير خالد بن سلمان، إن العالم يعيش اليوم في فترة تشهد ظروفًا تذكِّر بأحداث ثلاثينيات القرن الماضي، التي سبقت الحرب العالمية الثانية. وأضاف الأمير خالد بن سلمان، في مقال نشر له في صحيفة "الشرق الأوسط"، اليوم السبت، أن العالم يعيش تداعيات أزمات اقتصادية، ويشهد انقسامًا سياسيًا حادًا من اليمين المتطرف إلى اليسار المتشدد، وتغيب فيه قدرة مؤسسات المجتمع الدولي على العمل المشترك الفعال للتصدي للأزمات الدولية، وكما هو الحال في النصف الأول من القرن العشرين، تسعى القوى التوسعية اليوم لملء الفراغ من خلال نشر أيديولوجيات الكراهية والعنف، وهو أمر يستوجب على المجتمع الدولي العمل بحزم لمواجهة هذه التحديات. وقال في مقاله: "علَّمنا التاريخ أن السبيل الأمثل للتعامل مع الدول التي تتبنى الأيديولوجيات التوسعية هو الوقوف بحزم ضد مشاريعها، ويتضمن ذلك تضحيات وثمنًا على المدى القصير؛ لكن التصدي لها، بمختلف الوسائل، هو المسار الوحيد لردع المشاريع التوسعية وتجنب الصراعات والدمار وعدم الاستقرار على المدى الطويل". وأكد السفير السعودي لدى واشنطن أن المملكة لا تتدخل في الشؤون الداخلية لإيران؛ ولكن المشكلة هي مشاريع طهران التوسعية وتدخلها في الشؤون الداخلية للدول ونشرها للفوضى والدمار، موضحًا أن المملكة ستقف إلى جانب الدول العربية في مواجهة ذلك المشروع التوسعي، فالشعب الإيراني ذاته هو أيضًا ضحية لهذا النظام الذي بدد موارده ومقدراته وأضاع فرص التنمية له خلال 4 عقود مضت. وأضاف: "نحن اليوم نرحب بتأكيد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب أن الولايات المتحدة لن تتعامل مع إيران بشيءٍ من سياسات الاسترضاء التي فشلت فشلًا ذريعًا في إيقاف توسع ألمانيا النازية أو تلافي الحرب الأكثر كلفة في التاريخ الإنساني. وانطلاقا من ذلك فإنه يتوجب علينا اليوم جميعًا أن نتحد لدعم استراتيجية أوسع لمعالجة سلوك النظام الالإيراني المزعزع للاستقرار". ونبه إلى أنه بغض النظر عن نوايا الدول الموقعة على الاتفاق النووي، فإن هذا الاتفاق وما تضمنه من تخفيف للعقوبات الاقتصادية على إيران، لم يضع حدًا لأنشطة إيران المزعزعة لاستقرار المنطقة ورعايتها للإرهاب، بل أسهم من خلال منح النظام الإيراني المزيد من العوائد المالية، في تعزيز أنشطة إيران التوسعية في المنطقة. واعتبر أن هذا الاتفاق كان جزءًا من منهج الاسترضاء الذي كان سيؤدي إلى نتائج كارثية في المنطقة لو استمر، فخلال فترة الاتفاق، قام النظام الإيراني بزيادة الدعم المالي والعسكري لنظام بشار الأسد، بدون أي رادع من المجتمع الدولي، وبدون أي عقاب على جرائم النظام الإيراني في سوريا، بل تم إعطاء النظام الإيراني دورًا في المفاوضات السياسية المتعلقة بسوريا، وبالتبعية لم يتحقق السلام في سوريا. وأعاد سفير خادم الحرمين لدى واشنطن التذكير بما أعلنه الرئيس ترامب عن أن إدارته "ستعمل مع الحلفاء لإيجاد حل فعلي وشامل ودائم للتهديد الإيراني النووي. وهذا سيتضمن جهودًا لإنهاء التهديد الذي يشكّله برنامج إيران للأسلحة الباليستية، وإيقاف أنشطتها الإرهابية على مستوى العالم، والتصدي لنشاطها الذي يهدد الشرق الأوسط". وشدد على أن هذا الموقف متسق مع سياسة المملكة والتزامها بالعمل مع حلفائها وفعل كل ما من شأنه وقف التمدد الإيراني الخبيث في المنطقة، سواء من خلال حزب الله الإرهابي، أو ميليشيات الحوثي التي جلبت الدمار والفوضى لليمن، والتي حاولت إيران، من خلالهم، ترهيب المملكة عبر اطلاق الصواريخ الباليستية، وهو أمر يعكس جهلًا بتاريخ وطبيعة المملكة، وإيقاف التمدد الإيراني يستدعي ردة فعل دولية حازمة من شأنها أن توقف إيران عن مدِّ أذاها نحو مختلف دول المنطقة. وأضاف: "مهما كان الموقف تجاه الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي؛ يجب علينا جميعًا أن نعمل على تحقيق المهمة الأكبر المتمثلة في إيقاف إيران وأتباعها عن استمرارهم في نشر الفوضى والدمار في المنطقة، وهو أمر يدركه القادة الذين حاولوا إنقاذ الاتفاق النووي؛ حيث أشار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد الانسحاب الأمريكي من الاتفاق: سنعمل بشكلٍ جماعي على إطار أوسع يعالج النشاط النووي، وما بعد 2025، والنشاط الباليسيتي، والاستقرار في الشرق الأوسط، خاصة في سوريا واليمن والعراق". ويتسق حديث الأمير خالد بن سلمان مع حديث صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد في المؤتمر الصحفي مع الرئيس الفرنسي ماكرون، أثناء الزيارة الرسمية لباريس مؤخرًا، بقوله: "إننا لن نكرر اتفاقية 1938 التي أدت في وقت لاحق إلى الحرب العالمية الثانية". وبحسب الأمير خالد، اتضح جليا للمجتمع الدولي فشل سياسة استرضاء إيران في تغيير تصرفاتها، فيتعين علينا النظر إلى أوجه التشابه العديدة والمثيرة للقلق بين عامي 2018 و1938؛ وذلك لكي نستفيد من دروس التاريخ وعبره في التعامل الدولي مع الخطر الداهم المتمثل بأنشطة النظام الإيراني التوسعية ورعايته للإرهاب. وعقد مقارنة بين المملكة وإيران منذ الثورة الإيرانية عام 1979، قائلا إن المملكة حققت تقدما في كل مؤشرات التنمية ومستوى المعيشة، بينما تراجعت إيران إلى الخلف، وعلى سبيل المثال، زاد متوسط دخل الفرد في المملكة عشرة أضعاف تقريبا، من حوالي 2300 دولار في عام 1978 إلى أكثر من 22000 دولار في الوقت الراهن، بينما تراجع متوسط الدخل في إيران بأكثر من النصف، ليصل بالكاد إلى أكثر من 4000 دولار في الوقت الراهن. وقبل أربعة عقود، كان الاقتصادان السعودي والإيراني بنفس الحجم تقريبًا، نحو 80 مليار دولار. ومنذ ذلك الحين، توسع الناتج المحلي الإجمالي السعودي إلى ما يقرب من 700 مليار دولار، وهو ضعف مثيله في إيران اليوم، وفقًا لسفير خادم الحرمين في واشنطن.
مشاركة :