أعلنت الرئاسة الفرنسية التي تشهد أزمة كبيرة هي الأولى في عهد إيمانويل ماكرون على خلفية قضية ألكسندر بينالا، أنّ الرئيس الفرنسي سيخرج عن صمته في هذا الملف وأنه "عازم بشدة" على كشف الحقيقة.واجتمع ماكرون مساء أمس الأول الأحد في الإليزيه مع رئيس وزرائه إدوار فيليب ووزير الداخلية جيرار كولومب والمتحدث باسم الحكومة بينجامين غريفو ووزير الدولة للعلاقات مع البرلمان كريستوف كاستانير.وأكّد غريفو الإثنين أن الرئيس "هادئ وعازم بشدة على كشف الحقيقة" في قضية بينالا.وكانت أوساط ماكرون قالت مساء الأحد إن "الرئيس سيتحدث ما أن يتم تحديد مجموعة عناصر" القضية، وذلك في وقت يُواصل مسئولو المعارضة استهداف ماكرون بشدة بسبب صمته إثر المعلومات التي كشفتها صحيفة "لوموند".من جهته حمّل وزير الداخلية الفرنسي جيرار كولومب الإثنين، في شهادته أمام لجنة برلمانية في قضية بينالا، أجهزة الرئيس مسئولية أخطر أزمة يواجهها ماكرون منذ انتخابه، معتبرا أنه كان من مسئولية الرئاسة إبلاغ القضاء بأعمال العنف التي ارتكبها موظف لديها.لكنّ بينالا أدان الإثنين "الاستغلال الإعلامي والسياسي" لتدخّله في تظاهرة في الأول من مايو في باريس، موضحا أنه كان يرغب في "مساعدة" الشرطيين في مواجهة المتظاهرين، وذلك في بيان صادر عن محاميه.وفي البيان، قال بينالا إنه رصد في ذلك اليوم "شخصين عنيفين" وأراد "المساعدة على السيطرة عليهما" كما تتيح في نظره مادة في قانون العقوبات. وتابع أنّ "هذه المبادرة الشخصية تُستخدم اليوم للمساس برئاسة الجمهورية".وأعلن ماكرون أنه لن يشارك في مرحلة من سباق فرنسا الأربعاء في البيريني (جنوب غرب). وقال مقربون من الرئيس إن هذا التغيير سببه أنّ رئيس الوزراء حضر الأسبوع الماضي مرحلة من السباق.وأكد كولومب، وهو من الوزراء الرئيسيين، تحت القسم أمام لجنة تحقيق نيابية أنه أُبلغ بالواقعة في الثاني من مايو أي غداة وقوعها أثناء تظاهرة الأول من مايو التي صوّر فيها بينالا وهو يضرب ويهين أشخاصا رغم أنه لم يكن سوى "مراقب" للتظاهرة.وأكد كولومب أن أجهزته أبلغت المعلومة للرئاسة وأنه بنفسه "تأكد من أن مدير ديوان الرئاسة، حيث يعمل بينالا، تم إبلاغه بالوضع وأنه تم أخذ الأمر في الاعتبار".كما تم إبلاغ مفوض الشرطة ميشال ديلبيوش المسئول الأول عن قوات الشرطة في باريس والذي استمعت إليه لجنة التحقيق أيضا.وبعد الاستماع إلى كولومب وديلبيوش، من المقرر أن تستمع لجنة التحقيق اليوم الثلاثاء إلى مدير ديوان الرئاسة باتريك سترزودا ومدير ديوان وزارة الداخلية ستيفان فراتاشي.وشكك المتحدث باسم الحكومة بينجامين غريفو مساء الإثنين بـ"أخلاقية" لجنة التحقيق هذه، واصفا إياها بأنها "محكمة سياسية".ولم يوقف بينالا (26 عاما) عن العمل سوى لأسبوعين في مايو بعد الواقعة. وإثر الكشف عما حصل، تم طرده واتهامه خصوصا بممارسة "العنف بالاتفاق مع آخرين" كما هو شأن فنسنت كراز الموظف في حزب "الجمهورية إلى الأمام" بزعامة ماكرون والذي كان مع بينالا أثناء الحادث. كما تم توجيه الاتهام إلى ثلاثة من كبار ضباط الشرطة بسبب تسليم بينالا لقطات كاميرات مراقبة صورت الحادث.وأدت الفضيحة إلى فتح ثلاثة تحقيقات قضائية وبرلمانية وإدارية. وعهد بهذه الأخيرة الى " الشرطة" التي يفترض أن تسلم تقريرها نهاية هذا الاسبوع.ويتوقع أن تؤدي تصريحات وزير الداخلية الى زيادة الضغط على ماكرون في وقت ترى الصحافة في "بينالاغيت" انهيارا لـ"العالم الجديد" الذي وعد به الرئيس الشاب وخصوصا رغبته في إرساء "جمهورية نموذجية" بعيدا عن انحرافات الماضي.ورأى أوليفييه فور، أمين سر الحزب الاشتراكي (معارضة)، أنّ على رئيس الدولة "المتورط في هذه القضية" أن "يرد ويوضح" الأمر شخصيًا.كما اعتبرت مارين لوبن زعيمة التجمع الوطني (يمين متطرف) أنه "يتعين على الرئاسة تقديم توضيحات".وقال مقربون من ماكرون مساء الأحد إنه وعد بألا يكون هناك "إفلات من العقاب".ولم يُدل الرئيس حتى الآن مباشرة بتصريحات بشأن القضية، واكتفى بالتأكيد أنه سيتحدث علنا في الأمر "في الوقت الذي يراه ملائما".لكنّ برونو جينبار مدير الدراسات في مؤسسة "اوبن واي" قال إنه مع جلسات الاستماع في البرلمان والتحقيقات القضائية الجارية، "يصبح إدلاء الرئيس بتصريح أكثر تعقيدا".وأضاف الخبير "كان عليه أن يتحدث على الفور" و"يقر بخطأ بشأن العقوبة الأولى" التي نالها بينالا لضربه المتظاهر. واعتبر أن "اعترافه بأخطائه ليس أمرا مشينا في نظر الرأي العام، على العكس انه موقف يتوقعه" الناس.
مشاركة :