مجتمع المعرفة ومعرفة المجتمع

  • 12/17/2014
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

لفت نظري مانشيت بعرض الصفحة الأولى من حديث لمعالي وزير الاقتصاد والتخطيط، أن وزارته أنهت إعداد «استراتيجية لمراجعة تكاليف المشروعات الحكومية»، تساءلت قبل أن أقرأ الحديث إن كان قد أضيف لاختصاصات وزارة الاقتصاد والتخطيط مهام المراجعة والمراقبة برغم توافر هيئات الرقابة والمراجعة الحكومية المعتمدة، إضافة لرقابة وزارة المالية وموازنتها العتيدة، تساءلت ثانية كيف كل هذه الرقابات لدينا وأرقام ومبالغ الفساد في تصاعد. ثم قرأت الخبر فإذا معاليه يتحدث عن استراتيجية وطنية لتحويل المملكة إلى مجتمع الاقتصاد القائم على المعرفة المميز باعتماد النمو فيه على عامل توليد المعرفة واستثمارها، وتشمل الاستراتيجية مراجعة تكاليف تنفيذ المشروعات الموضوعة من الوزارات الأخرى وفقا للقواعد المنظمة للخطط التنموية (المدينة، 22 صفر الجاري). حقيقة لم أدرك الرابط بين اقتصاد المعرفة ومراجعة التكاليف وحساباتها وهما علمان لكل منهما حقله المعرفي، وبحسن ظن سأقول إن عملية المراجعة هذه ربما وسيلة اخترعتها الوزارة لضمان التزام الجهات الحكومية بخطط التنمية، آمل ألا تكون عاملا بيروقراطيا مضافا سيؤخر آماد التنفيذ ويوفر أسبابا للتعثر، ولعله كان من الأسهل أن تطلب الوزارة صورة من أوامر اعتماد تلك المشاريع للتنفيذ، أو نسخة من أوامر اعتماد أذونات الصرف. أما اقتصاد المعرفة فقد بناه مؤسسه «ألفين توفلر» على مفهوم العمل الثالث، أي الخفي الذي نقدمه بلا مقابل لصالح أكبر شركات العالم ومن خلال اقتصادات العصر الصناعي في مجتمع متعولم ومعرفته متراكمة، أين نحن من هذا العصر الصناعي، ونحن لم نبلغ العصر التجاري بعد، ما زلنا في العصر الريعي. أين نحن من مجتمع المعرفة الحديثة وجل إنتاجنا في المعرفة القديمة، ما هو واقع البحث العلمي لدينا وهو الأقل تمويلا والأقل إنتاجا، لا يمكن أن يبني اقتصاد أمة على مفهوم جديد يراد تحسين نوعيته، حسنه أولا ثم أجن ثماره، كيف، إذا كان استثمارنا المادي متدنيا، برغم حجم السيولة الهائل نستثمر في معرفة غير متوافرة. يتحدث معاليه عن تحويل المجتمع من استهلاك المعرفة إلى القدرة على إنتاجها واستثمارها، عن أي مجتمع يتحدث معاليه، عن مجتمع لا نعرفه؟ نحن مجتمع استهلاكي وبامتياز للسلع والخدمات غير المنتجة، أما المعرفة فدوننا سنوات لنطلبها بجدية فضلا عن الاستثمار فيها. لن أسأل عن عدد أبحاثنا المعرفية، وأعرف أن الكيف قبل الكم، لكن معرفة الأمم أصبحت تقاس بعدد أبحاثها المتداولة عالميا، وعدد أبحاثنا هنا متواضع.

مشاركة :