أبوظبي - شهدت العاصمة الإماراتية أبوظبي، الثلاثاء، قمة ثلاثية ضمت الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي وإسياس أفورقي رئيس دولة إريتريا وأبيي أحمد رئيس وزراء إثيوبيا. وتأتي هذه القمة كتتويج للمصالحة بين أديس أبابا وأسمرة برعاية إماراتية. وقال الشيخ محمد بن زايد إن الإمارات “تدعم كل جهد أو تحرّك يستهدف تحقيق السلام والأمن والاستقرار في أي بقعة بالعالم من منطلق إيمانها بأن تحقيق السلام والأمن هو المدخل الأساسي لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة لجميع شعوب العالم”. وأكد الشيخ محمد بن زايد أن الإمارات والسعودية داعمتان أساسيتان لكل جهد أو تحرك يستهدف حل النزاعات وتحقيق السلام والأمن والاستقرار بما يصبّ في مصلحة شعوب المنطقة وتعزيز منظومة الأمن الإقليمي والدولي، مشيرا إلى أن الخطوة الشجاعة والتاريخية، التي اتخذها قائدا إثيوبيا وإريتريا لإنهاء الصراع وفتح آفاق جديدة للتعاون الثنائي والتنسيق المشترك بين البلدين الجارين، تشكل نموذجا يمكن استلهامه وتطبيقه في تسوية الكثير من النزاعات والصراعات حول العالم. وبالمناسبة، منح رئيس دولة الإمارات، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، الثلاثاء، وسام “زايد” لرئيس إريتريا ورئيس وزراء إثيوبيا تقديرا لجهودهما في إطلاق مسيرة السلام بين بلديهما. ورقينه جبيو: الاتفاق التاريخي بين إثيوبيا وإريتريا نتيجة جهود ولي عهد أبوظبيورقينه جبيو: الاتفاق التاريخي بين إثيوبيا وإريتريا نتيجة جهود ولي عهد أبوظبي وقلد ولي عهد أبوظبي الوسام لرئيس وزراء إثيوبيا أبيي أحمد، والرئيس الإريتري إسياس أفورقي، وذلك بعد أكثر من أسبوع على توصّل إثيوبيا وإريتريا إلى حل للنزاع العسكري بينهما. واعتبر مراقبون أن انعقاد القمة الثلاثية هو بمثابة تتويج للمصالحة بين إثيوبيا وإريتريا والجهة التي وقفت بقوة لإنجاحها، أي الإمارات، لافتين إلى أن ذلك من شأنه أن يحرك جهودا أخرى لحل قضايا إقليمية مختلفة باعتماد نفس الأسلوب، أي توفير إغراءات اقتصادية لتعويض حالة العداء إلى تعاون لا تقف نتائجه عند الدولتين المتصارعتين بل تشمل كلّ المحيط الإقليمي. وقال وزير الخارجية الإثيوبي ورقينه جبيو إن الاتفاق التاريخي بين بلاده وإريتريا، كان نتيجة جهود ولي عهد أبوظبي، مؤكدا أن البلدين يثمنان مساعي الإمارات لإصلاح العلاقات بينهما. وأشار المراقبون إلى أن تتويج المصالحة الإثيوبية الإريترية هو تتويج لمقاربة إماراتية سعودية صارت بمثابة استراتيجيا خليجية في التعاطي مع المتغيرات الإقليمية والدولية، وهي استراتيجية تنويع البدائل والحلفاء لخدمة مصالح دول الخليج وأمنها القومي. وبحسب متابعين للشؤون الأفريقية فإنّ إنهاء أحد أطول النزاعات في أفريقيا بمصالحة تاريخية هو نجاح للدبلوماسية الإماراتية والسعودية التي لم تكتف فقط بالعمل على حلّ خلافات مستعصية بين بلدان القارة، بل عملت أيضا على استقطاب تلك البلدان وإقناعها بجدوى الشراكة معها. ويبدو الدور السعودي والإماراتي في بلدان الجوار الأفريقي منسّقا وتكامليا، ويقوم على بسط الاستقرار في الدول الأفريقية الواقعة في الجوار العربي، ثم تثبيته بتنشيط عملية التنمية في تلك الدول، ليس فقط عن طريق المساعدات، ولكن أيضا عن طريق الدخول في شراكات اقتصادية مربحة معها. وتكسر دول الخليج بهذه المصالحة التاريخية بين أديس أبابا وأسمرة الصورة المعتادة التي تحصر الاستفادة من حل الأزمات بيد الدول الكبرى. وتعطي هذه المصالحة فرصة قوية لأبوظبي والرياض للاستثمار في القرن الأفريقي وفتح قنوات جديدة للوصول إلى الممرات المائية ذات الأهمية الاستراتيجية، ما يمكنهما من تأمين مصالحهما بشكل فعال. ومن الواضح أن دول الخليج قطعت خطوات واضحة في استراتيجيتها لأن تصبح قوة إقليمية تدافع عن مصالحها ببناء التحالفات، وتتكيف مع التطورات والمناورات التي تجري من طرف قوى إقليمية، مثل إيران وتركيا ووكلائهما المحليين مثل الحوثيين وقطر. وإنهاء الصراع بين إثيوبيا وإريتريا وضخ مساعدات واستثمارات ذات قيمة في البلدين ليسا هما الوجه الوحيد في أفريقيا لاستراتيجية تنويع البدائل والشركاء التي بدأتها كل من الرياض وأبوظبي منذ سنوات. فهناك نشاط مختلف الأوجه في غرب أفريقيا لمواجهة الجماعات المتشددة وقطع الطريق أمام استثمار دول مثل قطر وإيران وتركيا في تغذية التطرف والترويج لتعليم يغذي النزاعات العرقية باسم الدين. وكانت السعودية والإمارات أعلنتا دعمهما لقوّة عسكرية أفريقية لمكافحة الإرهاب تنسق أعمالها فرنسا وتتكون من خمس دول أفريقية. ووجد التغيير الذي أحدثه رئيس الوزراء الإثيوبي في سياسة بلاده الخارجية، وخاصة انفتاحه على إريتريا، تفاعلا كبيرا من الإمارات التي بادرت إلى ضخ ثلاثة مليارات دولار كاستثمارات ومساعدات لإنعاش الاقتصاد الإثيوبي، وذلك في زيارة قام بها الشيخ محمد بن زايد إلى أديس أبابا في يونيو الماضي والتي لاقت اهتماما رسميا وشعبيا كبيرا. ويقول محللون إن أبوظبي التقطت بذكاء التحولات التي تجري في أديس أبابا مع صعود رئيس الوزراء الجديد مستفيدة من رغبة أبيي في بناء علاقات خارجية جديدة تقوم على تبريد الخلافات والنزاعات مع دول الجوار، والتفرغ لترميم الاقتصاد الإثيوبي وتجاوز أزماته. وأحدث أبيي أحمد الشهر الماضي مفاجأة بإعلانه قبول تسوية للنزاع الحدودي العائد إلى 2002. وقام بزيارة رسمية إلى أسمرة حيث وقع مع الرئيس الإريتري إعلانا أنهى رسميا حالة حرب مستمرة منذ 20 عاما.
مشاركة :