الشواطئ الملوثة على السواحل التونسية التونسيون يجدون ضالتهم في شاطئ "حمام الأغزاز" الواقع في محافظة نابل شرقي البلاد لقضاء أوقات ممتعة خلال فصل الصيف بعيدا عن ضجيج المدن وصخب الحياة. تونس - وسط لهيب صيف غير مسبوق تصل فيه درجات الحرارة إلى 48 درجة مئوية في بعض المدن، يجد التونسيون ضالتهم في شواطئ البلاد، التي يقبلون عليها لقضاء أوقات ممتعة بصحبة عائلاتهم، بعيدا عن ضجيج المدن وصخب الحياة. ودعت وزارة السياحة إلى اتخاذ الاحتياطات اللازمة وخاصة تجنب الخروج دون وقاية، وذلك بداية من الساعة الحادية عشرة صباحا إلى الرابعة عصرا بسبب موجة الحر التي اجتاحت البلاد خاصة الأسبوع الماضي. وعلى شاطئ يضاهي بياض رماله الفضة الخالصة وتحاكي مياهه البلوّر الشّفاف، اختار عدد من التّونسيين قضاء عطلتهم السنوية لمقاومة حرارة هذا الصيف الصعب، وقد ازداد الإقبال على هذا الشاطئ بعد تأكيد وزارة الصحة أن تسعة عشر شاطئا في عدد من محافظات البلاد صنّفت في خانة الشواطئ الرديئة جدا؛ أي أن السباحة فيها ممنوعة. وعلى شاطئ “حمام الأغزاز” الواقع في محافظة نابل شرقي تونس، فضّل البعض اللهو والاستمتاع بكل لحظة من لحظات وجودهم على الشاطئ، غير آبهين بأشعة الشمس الحارقة في أوقات الظهيرة، فيما اختار آخرون الجلوس تحت مظلة شمسيّة ليهيموا بمشهد بريق المياه المتلألئة التّي تعانق أفق سماء صافية نقيّة. وبالنسبة إليهم يعد هذا الشاطئ بمثابة الاكتشاف الجديد بعد أن عم الإهمال وانتشرت الفضلات في أغلب الشواطئ التونسية حتى أصبحت الشواطئ ذات الجودة العالية نادرة ويقتصر وجودها على بعض المناطق السياحية أو المناطق التي نجت من التلوث بنوعيه الصناعي والبشري. و اشتكى تونسيون كثيرون من تكاثر قناديل البحر الزرقاء التي انتشرت في غير ميعادها (أواخر شهر أغسطس) والتي تسببت في إلغاء العديد منهم لإجازاتهم بسبب تعرضهم وأبنائهم للسعات شديدة من طرف هذا الكائن البحري في العديد من الشواطئ. و يرجع العديد من الناس تكاثر القناديل إلى الاصطياد العشوائي لسلاحف البحر التي تتغذى أساسا على القناديل. وبسبب طول المسافة أو نقص الإمكانيات أصبح التونسيون يعانون في سبيل الوصول إلى الشواطئ البعيدة حتى يستطيعوا التخييم فيها يوما أو يومين. أما في شاطئ حمام الأغزاز فلا يحتاج المصطاف إلى “قناع غطس” للاطلاع على مكنونات البحر وأسراره، فمن شدّة صفاء المياه ونقائها بإمكانك رؤية أسماك صغيرة تسبح وكأنها فرقة باليه منسجمة في حركاتها ومتناسقة في شكلها. شّاطئ حافل تعمّه البهجة شّاطئ حافل تعمّه البهجة كان الشّاطئ حافلا تعمّه البهجة التي بدت جليّة على وجوه من التقيناهم في حمام الأغزاز، وكأن مياه البحر الجميل، وأمواجه الحانية، والنسمات العليلة، بعثت فيهم الأمل بعيدا عن تعب الأيام العادية. على سطح الماء تطفو زوارق صغيرة خصصت لجولات بحرية قصيرة، كما ترافق الموسيقى جلسات العائلات والأصدقاء تحت مظلات الحَلْفاء (مصنوعة من عشبة الحلفاء) التي ميزت المكان بجمالها وتناسق لونها. يقول سمير بن حسن -أحد المصطافين على شاطئ حمام الأغزاز- “شاطئنا أصبح من أبرز شواطئ العالم؛ يتميّز بنظافته ورماله الرطبة والصّافية”. ويتابع “لم يكن الشاطئ معروفا في السابق ولكن اليوم أصبح شيئا فشيئا وجهة الكثيرين لقضاء عطلاتهم، نحن نرحب بكل ضيوفنا وبحرنا يتسع للجَميع”. حياة الشكيلي تونسية من المنطقة نفسها قالت “شاطئ حمام الأغزاز أصبح من أفضل الوجهات التي يختارها التونسيون في الصّيف، بفضل نظافته وصفاء مياهه ورماله الجميلة”. وصنفت صحف تونسية وأجنبية حمام الأغزاز ضمن أفضل الشواطئ في تونس، إلا أنه ما زال مخصصا للسياحة الداخلية فقط إذ يأتيه المصطافون من مناطق ومدن تونسية عدّة في حين يتجه السياح إلى الأماكن التي تتوفر فيها النزل. وأعرب بعض المصطافين في حمام الأغزاز عن أملهم في أن يحافظ هذا الشاطئ على بساطته حتى تستمتع بجماله جميع الفئات بعيدا عن أسعار النزل المرتفعة، في حين رأى آخرون أنه من الضروري تنشيط الحركة السياحية في الشاطئ وإقامة فضاءات ونزل لتوفير فرص عمل لسكان المدينة. وتمتد السواحل التونسية على نحو 1300 كيلومتر، وتضم عددا من الشواطئ الجميلة التي طالما كانت عامل جذب هاما للآلاف من السياح التونسيين والأجانب على حدّ السواء، لكن هذه السواحل تعاني اليوم من الكوارث البيئية. وينتقد التونسيون سكوت هياكل الرقابة المعنية بنظافة المحيط والسواحل الشاطئية عن الأسباب الحقيقية لتلوث العديد من الشواطئ، علما أنها تعود أساسا إلى المياه غير المعالجة التي تصب في البحر والمياه المعالجة غير المطابقة للمواصفات وفضلات المصانع التي تعمد إلى التخلص من فضلاتها الصناعية في البحر مباشرة رغم أن القانون يمنع ذلك. وحذر الخبير البيئي مرشد فروج من جمعية “أس.أو.أس” من امتداد التلوث إلى شواطئ أخرى تصنف حاليا حسنة جدا ومياهها ذات جودة صالحة للسباحة على غرار بعض الشواطئ في الشمال الشرقي والوطن القبلي والساحل التي باتت مهددة بالتلوث الصناعي خاصة، كما انتقد طريقة تصنيف الشواطئ من حسنة جدا إلى رديئة جدا، متسائلا عما إذا كانت الشواطئ الرديئة جدا لا تشكل خطرا على صحة الإنسان ويمكن السباحة فيها؟ يذكر أن الدولة التونسية سعت إلى توقيع اتفاقيات قروض ضخمة لتمويل مشاريع بيئية منها ما يتعلق بتحسين جودة المياه المعالجة وتنظيف الشواطئ وإزالة التلوث وتجهيز مراكز تطهير، لكن لم يدخل ذلك حيز التنفيذ.
مشاركة :