الكويت - في محاولة لمعالجة مشكلة إهدار الطعام المتزايدة في الكويت تقوم مبادرة لمتطوعين بمهمة جمع الطعام الزائد وإعادة توزيعه على المحتاجين. وفوجئت مؤسسة مبادرة “ريفوود” مريم العيسى بالحجم الضخم لكمية الطعام الذي يهدر في الكويت، وفكرت في كيفية مساعدة المجتمع في حل تلك المعضلة عقب عودتها من الخارج. ويوزع متطوعو المبادرة صناديق الطعام على نحو 300 أُسرة فقيرة كل أسبوع بعد جمعه من الأسواق المحلية وكبار موردي المواد الغذائية. وتتعاون المبادرة مع 20 شركة مواد غذائية تمدها بمنتجات غذائية زائدة. وانضم نحو 650 متطوعا إلى المبادرة منذ بدئها، ويتولون توزيع الطعام على الأسر المسجلة في قاعدة بيانات خاصة. وقالت مريم العيسى “الهدف من ريفوود هو جمع الطعام الزائد قبل إهداره. لذلك نأخذ الطعام الزائد من الأسواق المحلية والموردين ونعيد توجيهه وتوزيعه على الأُسر المحتاجة التي لا تستطيع شراء احتياجاتها من المواد الغذائية من الأسواق”. وكشف تقرير للبنك الدولي عن إدارة إهدار النفايات الصلبة في العالم صدر في عام 2012 أن نصيب الفرد من إهدار هذه النفايات في الكويت يبلغ 5.7 كيلوغرام، أي ما يعادل 15 ألف طن في اليوم. وأضافت العيسى “يصنف البنك الدولي الكويت في عداد الدول العشرة الأولى من حيث إهدار الطعام بالنسبة للفرد، وحوالي 45 إلى 50 في المئة من هذا الإهدار هي في الواقع طعام عضوي. ومن هنا جاء مفهوم ريفوود”. وبالإضافة إلى الفوائد الاجتماعية لمبادرة ريفوود يرى متطوعون فيها أنها أتاحت لهم فرصة للتواصل مع المجتمع. وقال متطوع يدعى ناصر البقصمي “على الرغم من أن هدف ريفوود هو تقليل إهدار الطعام ومساعدة المستفيدين من المبادرة.. فإنه بالنسبة لي شخصيا يأتي على قمة ذلك، ما أقدره أكثر بخصوص ريفوود هو بناء مجتمع يساعد بالعطاء”. وقالت متطوعة تدعى سعاد عبدالله “بدأت التطوع هنا منذ مارس. لدي عمل بوقت كامل وحياة اجتماعية ناشطة لكني أحب أيضا أن أقضي جزءا من وقتي في العطاء للمجتمع”. وبدأت العيسى التي تخرجت عام 2014 بشهادة ماجستير في إدارة الأعمال لحل مشكلة نفايات الطعام تطبيق مبادرتها من خلال التواصل مع المطاعم الكبرى في الكويت، للحصول على بقايا الطعام الفائض عندهم وتوزيعه على العائلات ذات الدخل المحدود. واستلهمت فكرتها من خلال الحلول التي تم تطبيقها في دول أخرى لحل المشكلة مثل السعودية والولايات المتحدة الأميركية والدنمارك التي تعتبر تجربتها رائدة في وضع حد لإهدار الطعام. وتهدر الكويت ذات الأربعة ملايين نسمة، سنويا نحو مليون طن من الطعام. ونجحت العيسى برفقة المتطوعين، منذ عام 2015، في تحويل هذا الطعام المهدر إلى وجبات طعام للعائلات الأقل دخلا. ويشمل النظام الذي اتبعه الفريق التحقق من أن الطعام غير منتهي الصلاحية، وأنه صالح للاستهلاك، قبل توزيعه على العائلات المحتاجة. 30 بالمئة من الإنتاج العالمي من الأطعمة أي نحو 1.3 مليار طن يهدر سنويا وأوضحت العيسى، بحسب تقرير لهيئة الإذاعة بريطانية “بي بي سي” قائلة “الكثير من المستفيدين من هذه الخدمة لا يملكون رفاهية اختيار طعام صحي، فهم يعملون لساعات طويلة جدا ولديهم أطفال يعيلونهم. أحيانا من الصعب اختيار الطعام الصحي، لذا نحرص على تزويدهم به”. وقالت الباحثة الكويتية إن تغيير مفهوم التطوع لا يزال واحدا من التحديات التي تواجهها حتى اليوم في الكويت، مشيرة إلى أن الكويتيين يرون أنك “إن كنت متطوعا فهذا يشير إلى أن حياتك الشخصية غير ممتعة، أو أنك لا تعمل على نحو كاف، لكن مفهوم التطوع غير ذلك”، معرفة التطوع بأنه “تكريس وقت من برنامج الإنسان، والذي كان من الممكن أن تستخدمه للقيام بأمور أخرى مهمة لك، لكن بدلا من ذلك قررت خدمة المجتمع”. ويعمل المتطوعون في المبادرة على إعداد رزم تصل إلى 1200 عائلة معظمها من أسر المغتربين العاملين في الكويت، وكذلك البدون “المحرومين من الجنسية الكويتية”. وقالت العيسى “إن الكثير من العائلات المستفيدة أخبرتني أنها تمكنت من ادخار المال، الذي لم يعد ينفق على الطعام، من أجل تعليم الأطفال”. وأكدت تقارير حديثة أن ظاهرة إهدار وإتلاف الطعام، تسود في الكثير من الدول العربية والنامية والمتقدمة على حد سواء، في وقت لا يزال مواطنو بعضها، ومن كل الأعمار، يعانون الجوع والفقر والفاقة. وأكدت منظمة الأغذية والزراعة “فاو” التابعة للأمم المتحدة أن 30 في المئة من الإنتاج العالمي من الأطعمة أي نحو 1.3 مليار طن يهدر سنويا قبل أن يصل إلى مائدة المستهلك، مشيرة إلى أن هذه الكمية من الطعام تكفي لإطعام الجوعى في كافة إنحاء العالم. وعزت الفاو إهدار الأطعمة في الدول النامية والدول الغنية إلى أخطاء في التخزين والنقل، إضافة إلى بعض العادات والتقاليد وحتى الطقوس المرتبطة باستعمال الأطعمة واستهلاكها. وفي سعي منها للحد من هدر الطعام وتقديم الفائض منه لمن يحتاجونه، أسست إمارة دبي بنك الإمارات للطعام كمؤسسة غير ربحية، حيث يقوم بجمع فائض الطعام من الفنادق والمطاعم وأسواق بيع منتجات الأغذية ومحلات السوبر ماركت والمزارع وغيرها، ويتم توزيعها على المحتاجين داخل الدولة وخارجها بالتعاون مع شبكة من المؤسسات الإنسانية والخيرية المحلية والدولية. ويشكّل البنك، وهو الأول من نوعه في الإمارات، منظومة إنسانية واجتماعية واقتصادية وحضارية متكاملة، ذات بعد محلي وإقليمي ودولي. ويعمل البنك على تقليص الهدر المفرط في الطعام وتكريس قيم الاستدامة من خلال تطوير الوعي المجتمعي بأهمية المحافظة على موارد الدولة والوصول إلى أكبر عدد من المحتاجين في الداخل والخارج من خلال مراكز وفروع لبنك الإمارات للطعام. كما أطلقت الهيئة العامة للغذاء والدواء في السعودية حملة توعوية للحد من الإهدار الغذائي، تقدم إرشادات عن الطرق المناسبة لحفظ الطعام، والاستفادة من فائض الأطعمة والخبز، والتسوّق وفق الاحتياجات اليومية للأسرة، إضافة إلى طرق قراءة تاريخ صلاحية المنتجات الغذائية. وأوضحت الحملة كيفية التسوّق الذكي، بكتابة قائمة تسوّق محددة بأهم المشتريات والحرص على عدم تجاوزها، والتحقق بانتظام من تاريخ انتهاء صلاحية الأطعمة واستهلاكها قبل انتهائها مع استهلاك الأقدم فالأحدث، والتقليل من شراء الأطعمة خلال التسوّق حتى لو أدى ذلك إلى المزيد من رحلات التسوق لاحقا، وتجنب عروض التخفيضات التي تؤدي إلى شراء كمية كبيرة من الأطعمة لا يحتاجها الشخص، مع أهمية تجنب الشراء عندما يكون الشخص جائعا حتى لا يشتري أطعمة أكثر من حاجته. وشددت على أهمية الاحتفاظ بفائض الطعام في علب محكمة الإغلاق ووضعها في الثلاجة، والحرص على قراءة تعليمات حفظ المنتجات المكتوبة عليها والتأكد من درجة حرارة وجفاف المخزن، وكتابة تاريخ يوم الطبخ على العلب لأن مدة صلاحيتها يومان على الأكثر، وعدم ترك الطعام المطبوخ في حرارة الغرفة لمدة تزيد على ساعتين. كما شددت الحملة على أهمية التبرع بفائض الأطعمة للمحتاجين والجمعيات الخيرية المتخصصة بحفظ الطعام.
مشاركة :