قتل أكثر من 180 شخصًا من مدنيين ومقاتلين محليين جراء هجوم واسع تخللته عمليات انتحارية لتنظيم داعش في السويداء في جنوب سوريا، في حصيلة هي الأكبر في محافظة بقيت الى حد كبير بمنأى عن النزاع الذي يعصف بالبلاد منذ سنوات. ويسيطر جيش النظام السوري على كامل محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية فيما يقتصر تواجد مقاتلي تنظيم داعش على منطقة صحراوية عند أطراف المحافظة الشمالية الشرقية، ينطلقون منها بين الحين والآخر في هجمات ضد قوات النظام. وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبدالرحمن إنها «الحصيلة الدموية الأكبر في محافظة السويداء منذ اندلاع النزاع» في العام 2011. كما تعد بين الأكبر في سوريا جراء هجمات التنظيم الذي خسر غالبية مناطق سيطرته في العامين الأخيرين. وأضاف «إنه هجوم كبير لتنظيم داعش ويبدو أنه جرى التحضير له بشكل جيد». وشنت قوات النظام هجومًا مضادًا في محاولة لوقف تقدم الجهاديين في قرى ريف المحافظة الشمالي الشرقي. وجاءت هجمات التنظيم في وقت يتعرض فصيل مبايع له منذ أيام لهجوم عنيف تشنه قوات النظام في آخر جيب يتحصن فيه في محافظة درعا المحاذية للسويداء. وارتفعت حصيلة قتلى الهجوم تدريجيًا، إذ وثق المرصد السوري صباحا مقتل 32 شخصًا قبل أن تصل إلى 156 ثم 183 في وقت لاحق مع اكتشاف المزيد من جثث القتلى في القرى المستهدفة في ريف المحافظة الشرقي. وأوضح عبدالرحمن أن القتلى هم 89 مدنيًا، والباقون من المقاتلين الموالين للنظام وغالبيتهم من «السكان المحليين الذين حملوا السلاح دفاعا عن قراهم». وقال إن «بعض الأهالي الذين فروا من الهجوم، عادوا ليجدوا سكانًا مقتولين في منازلهم». وبدأ الهجوم صباح أمس بتفجيرات انتحارية بأحزمة ناسفة استهدفت مدينة السويداء وقرى في ريفها الشرقي والشمالي الشرقي قبل أن يشن تنظيم داعش هجوما ضد تلك القرى. وتبنى التنظيم في بيان تداولته حسابات جهادية على تطبيق «تلغرام» الهجوم. وقال عبدالرحمن إن عناصر التنظيم المتطرف هاجموا قرى و«قتلوا بعض السكان في منازلهم». وأسفرت الهجمات أيضا عن إصابة العشرات بجروح. وأظهرت صور نشرها الإعلام الرسمي السوري من مدينة السويداء أشلاء على الأرض في موقع أحد التفجيرات. كما ظهرت جثة مرمية على درج إلى جانب جدار مدمر. وفي وسط أحد الشوارع، بدت صناديق خضار مبعثرة على الأرض وسط بقع من الدماء. وقال عمر، أحد سكان مدينة السويداء، عبر الهاتف «إنه يوم صعب على السويداء لم تشهد له مثيلاً بتاريخها حتى اليوم»، مشيرًا إلى أن أحد الشوارع المستهدفة عادة ما يشهد اكتظاظًا عند ساعات الصباح الأولى مع وصول «مزارعين يأتون لتسويق منتجاتهم». وتمكن التنظيم المتطرف صباحا، وفق عبد الرحمن، من السيطرة على ثلاث قرى من أصل سبع خلال الهجوم، قبل أن تشن قوات النظام هجومًا مضادًا. وبعد ساعات من الاشتباكات والقصف، تصدت قوات النظام بحسب عبدالرحمن لهجوم تنظيم داعش واستعادت كافة القرى «وأجبرت مقاتليه على التراجع إلى البادية» شمال شرق المحافظة. وكانت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أفادت في وقت سابق أن «وحدات الجيش تتصدى لهجوم داعش الإرهابي على عدد من القرى بريف السويداء الشمالي الشرقي وتقضي على عدد كبير من الإرهابيين». وأسفر القصف والاشتباكات عن مقتل 38 عنصرًا من التنظيم المتطرف بينهم سبعة انتحاريين، وفق المرصد. وتأتي الهجمات في وقت بات الجيش السوري على وشك استعادة كامل جنوب البلاد الذي يشمل محافظات درعا والقنيطرة والسويداء، بعد سيطرته إثر هجوم واتفاقات تسوية مع الفصائل المعارضة على أكثر من 90 في المئة من درعا والقنيطرة. «تخفيف الضغط» ونددت وزارة الخارجية الروسية بـ«أعمال العنف الجماعية ضد السكان المسالمين» في السويداء. ودان منسق الشؤون الانسانية المقيم للأمم المتحدة في سوريا علي الزعتري في بيان «الهجمات التي تستهدف المدنيين في مختلف انحاء سوريا وآخرها التفجير الإرهابي اليوم (أمس) في مدينة السويداء». وفي جنوب سوريا، يتعرض فصيل «جيش خالد بن الوليد» المبايع للتنظيم المتطرف في جيب يسيطر عليه في جنوب غرب محافظة درعا منذ أيام لقصف عنيف من الطائرات الحربية السورية والروسية. واعتبرت «سانا» أن هجمات تنظيم داعش على مدينة السويداء وريفها الشمالي الشرقي «تهدف إلى تخفيف الضغط العسكري» الذي يقوم به الجيش السوري ضد «بقايا التنظيم الذي يواجه نهايته المحتومة في ريف درعا الغربي».
مشاركة :