يبدو أن التفاؤل بين الشباب الإيرانيين آخذ في التضاؤل بين فئات المتعلمين من الطبقتين الوسطى والعليا، الذين لا يرون أي احتمالات للتغير السياسي والاقتصادي في بلاد تعج بالفساد. ووفقا لـ "الفرنسية"، فإن عديدا من النخب المتعلمة يرغبون في مغادرة البلاد مع فشل محاولات إنقاذ بلادهم من الانهيار الاقتصادي مع تزايد الصعوبات والتحديات المتمثلة في انتشار البطالة وارتفاع الأسعار وانهيار سعر العملة. ويخشى كثير من الشباب من أن تؤدي الاحتجاجات التي تشهدها إيران بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية إلى حالة من الفوضى كما حدث في سورية. وبدلا من ذلك فإنهم يرغبون في مغادرة البلاد. وتقول باريسا طالبة الحقوق "20 عاما"، "الشباب فقدوا كل أمل لهم في المستقبل". وتضيف "كنت أتطلع إلى العمل لثلاثة أشهر لتغطية تكاليف دراستي ومساعدة والدي. أنا طالبة حقوق لكنني أعلم أنني عندما أنهي دراستي لن أجد عملا". وتابعت "هناك عديدون راغبون في المغادرة، وهم على حق لأنه بمكانهم إحراز التقدم خارج البلاد والحصول على راتب لائق". وكثفت الولايات المتحدة ضغوطها خلال اليومين الماضيين حيث هدد ترمب بـ "معاناة" غير مسبوقة لإيران، وأعلن وزير خارجيته مايك بومبيو تجدد الحملة ضد قادة إيران عبر الخنق اقتصاديا لدفع النظام إلى التخلي عن دعم وتمويل الإرهاب. ويركز عدد من الشباب بشكل أكبر على ما يحدث داخل بلادهم، وبالنسبة إلى عديدين فإن القرار في نيسان (أبريل) بحظر تطبيق تلجرام الأكثر انتشارا للتواصل الاجتماعي كان ضربة قاصمة. وقال شاب في العشرينات يعمل في مونتاج الأفلام وأسهم في حملة إعادة انتخاب روحاني العام الماضي عندما وعد بوقف الرقابة "بقيت في غرفتي يومين لشدة الاكتئاب الذي شعرت به". وأضاف "لقد قطع كل هذه الوعود، لكن حدث ذلك. كنت أغضب بشدة من جميع أصدقائي الذين كانوا يغادرون البلاد، لكن للمرة الأولى أشعر أن الوقت ربما قد حان لأغادرها". واليوم ينتقدون الحكومة والنظام بصراحة بطريقة لم يكن من الممكن تخيلها قبل سنوات قليلة، لكنهم يشعرون بأنه يتم تجاهلهم. يقول الطالب إحسان "24 عاما"، "المسؤولون لا يستمعون للشبان، فهم يتجاهلون آمالهم ورؤيتهم للحياة والمجتمع والدين والسياسة". وأضاف "لقد كنت من الذين قالوا لأصدقائهم إن عليهم التصويت لأن ذلك يسمح لنا بالمطالبة بأمور، لكنني أرى الآن أنه ليس بإمكاننا أن نفعل شيئا". ويقول أمير رضا محمدي أحد منظمي أسبوع رواد الأعمال "ربما أضطر في يوم ما إلى مغادرة البلاد.. لكن هنا يمكنني أن أحدث تأثيرا وهذا ما يدفعني إلى البقاء". ومع اقتراب آب (أغسطس)، حيث ستبدأ العقوبات الأمريكية في الدخول إلى حيز التنفيذ، يتفاءل كثير من أبناء الشعب الإيراني بأن التغيير الشامل بات قاب قوسين أو أدنى، وبأن النظام لم يعد فقط يترنح، بل إن أساطين النظام وزبانيته يدركون أن الدائرة تضيق، وأن ما ينالونه من دعم دولي من هنا وهناك ليس أكثر من خطاب مواساة للحظة الأخيرة، وأن الشارع يغلي، والحراك الشبابي في تصاعد، والتساؤلات التي ظلت لعقود حبيسة الغرف المغلقة جراء الخوف والفزع، باتت الآن على كل لسان، وأن أسئلة الإيرانيين لم يعد من الممكن إيقافها دون حمام دم. الشعب يسأل الآن: ما الذي أوصلنا إلى حافة الانهيار الاقتصادي؟ أين ذهبت ثروات الإيرانيين في أربعة عقود؟ من الذي مزق النسيج الاجتماعي بين أبناء الشعب الإيراني؟ من المسؤول عن الخلل الاجتماعي الراهن؟ وعندما يعود الصدى حاملا الإجابة معه، فإن أبناء إيران لا يجدون غير عبارة واحدة ومسؤول واحد يحملونه انهيار دولتهم ومجتمعهم.. إنه "نظام الملالي وولاية الفقيه". لأربعة عقود كانت إيران تنتقل من خلل اقتصادي إلى آخر، ومن أزمة اقتصادية صغيرة إلى أزمة أكبر فأكبر، إلى أن وصلت الآن إلى وضع تصعب معه المسكنات أو عمليات ترقيع لإصلاح ما يمكن إصلاحه.
مشاركة :