سنتحدث اليوم عن أحد الأمراض المصاحبة لزيادة هرمون الغدة الكظرية وهو هرمون الكورتيزون، وبالتحديد سنتحدث عن متلازمة كوشنج، وهي من الأمراض نادرة الحدوث. تعتبر متلازمة كوشنج من الأمراض قليلة الحدوث نسبياً كما ذكرنا، إلا أن تاثيره على الشخص المصاب عادة ما يكون تأثيراً بالغاً. وسمي هذا المرض كذلك نسبة للدكتور هارفي كوشنج من جامعة جونز هوبكنز في الولايات المتحدة الأميركية، والذي وصف مظاهر هذا المرض وعلاجه. ما أسباب هذه المتلازمة التي تعرف باسم متلازمة كوشنج؟ تحدث متلازمة كوشنج عندما يزيد معدل هرمون الكورتيزون عن المعدلات الطبيعية في الجسم بشكل مزمن. يحصل هذا حينما تفرز الغدة الكظرية (فوق الكلية) كميات من الكورتيزون أكبر مما يحتاجه الجسم. إن الأسباب لهذا الأمر عديدة، ومنها أورام الغدة الكظرية سواء الحميدة منها أو الخبيثة، وأورام الغدة النخامية وهي في الغالب أورام حميدة تفرز كميات كبيرة من الهرمون المحفز للغدة الكظرية الذي يحفز الغدة الكظرية على إفراز الكورتيزون، ويالتالي يكون هناك إفراز مفرط في الكورتيزون، كما أن بعض الأورام الأخرى خارج هاتين الغدتين مثل بعض أورام الرئة قد يفرز الهرمون المحفز للغدة الكظرية، وبالتالي يزيد إفراز الكورتيزون من الغدة الكظرية. وبالإضافة إلى الأسباب السابقة والناتجة عن أمراض داخلية فإن متلازمة كوشنج قد تكون نتيجة لأسباب خارجية مثل تناول الشخص لكميات كبيرة من دواء الكورتيزون أو أحد مشتقاته مثل البردنسون أو الديكساميثازون. أما لعلاج حالة مزمنة مثل الربو أو الروماتويد أو في بعض الأحيان لأسباب أخرى ليست طبية كمحاولة زيادة الوزن مثلاً أو استخدام مستحضرات تجميلية، وكريمات تحتوي على كميات كبيرة من الكورتيزون لفترات طويلة أو استخدام خلطات شعبية تحتوي على الكورتيزون أو أحد مشتقاته. ما أعراض متلازمة كوشنج؟ تختلف الأعراض في شدتها حسب شدة المرض وكمية الكورتيزون في الجسم، ولكن معظم المرضى يعانون من زيادة كبيرة في الوزن خصوصاً في منطقة البطن، مع ضمور نسبي في عضلات الأطراف وتغير في شكل الوجه حيث يميل للاستدارة والامتلاء والاحمرار أحياناً، كما أن الجلد يضعف مما ينتج عنه سهولة ظهور الكدمات وتجمع الدم تحت الجلد عند حدوث أي كدمة خفيفة، وتظهر خطوط وتشققات في الجلد حمراء اللون وخصوصاً في منطقة البطن والفخذين، كما أن المريض عادة ما يعاني من ضعف في العضلات قد تقعده عن القدرة على المشي. وقد تشتكي المرأة المصابة من انقطاع الدورة الشهرية وزيادة نمو الشعر في الأماكن التي عادة لا يظهر فيه الشعر عند النساء مثل الوجه والصدر، ويسبب إفراز الكورتيزون المفرط هشاشة العظام وزيادة ضغط الدم وارتفاع نسبة السكر في الدم. كذلك قد يعاني المصاب من اضطرابات نفسية وتوتر أو إحباط نفسي. ومن التأثيرات التي يسببها ارتفاع نسبة الكورتيزون في متلازمة كوشنج تثبيط جهاز المناعة مما يعرض الشخص المصاب للالتهابات البكتيرية والفطريات، وكذلك زيادة في تخثر الدم مما قد يسبب جلطات في أوردة الأرجل وغيرها. في بعض الأحيان يعاني المريض من تكون حصوات الكلى نظراً لزياد الكالسيوم في البول كنتيجة لزيادة الكورتيزون، ويعاني الأطفال عند إصابتهم بهذا المرض من توقف شبه تام في النمو بالإضافة إلى المظاهر الأخرى للمرض كالكبار. ما طريقة تشخيص متلازمة كوشنج؟ بالإضافة إلى المظاهر الجسدية التي عادة ما تقود الطبيب إلى التفكير في وجود هذا المرض فإن الطبيب يحتاج لتأكيد تشخيصه إلى التحاليل المخبرية التي تقيس كمية الهرمون في الدم والبول. ونظراً لتعدد أسباب المرض فإن المريض يحتاج إلى طبيب متخصص للوصول إلى التشخيص الدقيق ومن ثم العلاج الصحيح فبعد التأكد من وجود المرض عن طريق قياس هرمون الكورتيزون تحت ظروف معينة لا يتسع المقام لتفصيلها فإن أمام الطبيب مهمة أخرى وهي تحديد السبب في زيادة إفراز الكورتيزون، حيث قد يكون السبب في ذلك وجود ورم يفرز هرمون الكورتيزون بشكل كبير في الغدة الكظرية أو الغدة النخامية أو خارجهما، وعادة ما يحتاج الطبيب إلى عمل أشعة وفي بعض الأحيان قسطرة لقياس الهرمون المحفز للغدة الكظرية مباشرة من الغدة النخامية. كيف تُعالج متلازمة كوشنج؟ يكون العلاج عادة عن طريق استئصال الورم الذي يسبب المشكلة، وهذا ممكن في معظم الحالات حيث إن معظم الأورام التي تسبب متلازمة كوشنج أورام حميدة، فإذا كان السبب ورماً في الغدة الكظرية فيمكن استئصاله عادة عن طريق جراحة المناظير، وإذا كان السبب ورماً في الغدة النخامية فكذلك يمكن استئصاله عن طريق جراحة سهلة نسبياً عن طريق الأنف، وكذلك الحال في الأورام الحميدة خارج هاتين الغدتين فإن استئصالها يؤدي عادة إلى اختفاء مظاهر المرض والعودة التدريجية إلى الصحة الطبيعية. وفي بعض الأحيان القليلة فإن الأورام لا يمكن استئصالها إما لعدم تحديد موقعها بدقة أو لأنها أورام خبيثة لا يمكن استئصالها كاملة، وهنا يمكن الاستئصال الجزئي لتخفيف كمية إفراز الكورتيزون أو اللجوء إلى طرق أخرى، منها استخدام بعض الأدوية التي تنقص إفراز الكورتيزون أو استخدام الأشعة لعلاج الأورام التي لا يمكن استئصالها، وفي حالات معينة فإن الطبيب يلجأ لاستئصال الغدة الكظرية حتى وإن كان المصدر الأصلي للمرض كالأورام التي تفرز الهرمون المحفز للغدة الكظرية في الرئة مثلاً لا يمكن استئصالها. وفي كل الأحوال فإن المريض يحتاج لمركز طبي متقدم وطبيب متمرس في التعامل مع مثل هذه الحالات. الغدة الكضرية
مشاركة :