قبل فترة وجيزة من صعود تشارلز لي الطائرة متجهاً إلى بكين، اعترف رئيس بورصة هونج كونج بأنه توجد بعض "الخلافات" حول مستقبل ارتباط البورصات Stock Connect، عبر رابط التداول بين هونج كونج وأسواق الأسهم في البر الرئيس. في قلب هذا الخلاف، كان الإعلان من بورصتي شنغهاي وشنزن في نهاية الأسبوع، أنه سيتم منع مستثمري التجزئة المحليين من شراء أسهم الشركات التي تقدم أسهم الطبقة المزدوجة، من خلال رابط التداول Stock Connect، الأمر الذي يضر بأسهم شركة صناعة الهواتف الذكية تشياومي، بعد فترة وجيزة من بدء تداولها في هونج كونج.كما منع الإعلان المستثمرين من شراء الأوراق المالية "المرتبطة"، التي تربط بين نوعين أو أكثر من الأسهم في شركة واحدة، والشركات الأجنبية المدرجة في هونج كونج.قالت البورصتان إن هذه الخطوة تهدف إلى حماية المستثمرين غير المحترفين من تعقيدات الأسهم التي من هذا القبيل. لطالما حذر ناشطو الحوكمة من أن الشركات ذات الأسهم الثنائية، تمنح حقوق تصويت أكبر للمؤسسين على حساب المستثمرين العاديين.بعض خبراء السوق قالوا إن الادعاء من بورصتي البر الرئيس بالقول إن الهدف هو حماية المستثمرين مجرد تمويه، وأن هذه الخطوة قد تكون وسيلة للحصول على ميزة تنافسية، وفي الوقت نفسه الحد من كمية الأموال التي تغادر البلاد.الخطر على هونج كونج، الذي دفع لي إلى القفز على متن طائرة للقاء مسؤولي الأجهزة المنظمة الصينيين ومسؤولي البورصتين، هو أن التدابير إذا ما طبقت على المدى الطويل، يمكن أن تهدد مكانتها كمركز مالي دولي في آسيا.قال فيليب إسبيناس، الرئيس السابق لقسم أسواق الرأسمالية للأسهم في شركة نومورا: "من الواضح أن إعلان بورصتي شنغهاي وشنزن يجب أن يُنظر إليه في ضوء المعركة بين البورصات الإقليمية... لضمان عمليات إدراج شركات التكنولوجيا الصينية. من المحتمل أن يكون لذلك تأثير في تقييمات ما بعد السوق لهذه الشركات".يأتي التباعد بين البورصات في الوقت الذي تعترك فيه الصين وهونج كونج لجذب شركات "الاقتصاد الجديد"، وإغراء مجموعات التكنولوجيا الصينية، مثل علي بابا وبايدو وJD.com، لإدراجها في منصات التداول الخاصة بها.وقد اختار عدد من وحيدات قرن التكنولوجيا الصينية؛ أي التي يزيد تقييمها على مليار دولار، أن يدرج في نيويورك التي تسمح بأسهم من الطبقة المزدوجة وغيرها من الهياكل الغريبة، على عكس البورصة الصينية، وهي البورصة التي استطاعت فيها شركة علي بابا تسجيل الرقم القياسي لأكبر عملية تعويم، وجمعت 25 مليار دولار عام 2014.في محاولة للتنافس، اتخذت هونج كونج هذا العام قراراً مثيراً للجدل للسماح للشركات بإدراج أسهم الطبقة المزدوجة، وهو شكل من أشكال الأوراق المالية يحظى بشعبية خاصة بين مجموعات التكنولوجيا والشركات الريادية، التي يرغب مؤسسوها في الاحتفاظ بدرجة أكبر من التأثير.بعد ذلك بفترة وجيزة، قال الجهاز التنظيمي الصيني إنه سيسمح لشركات معينة، بما في ذلك مجموعات التكنولوجيا الصينية التي طرحت في الخارج بأسهم من الدرجة المزدوجة، أن تدرج في بورصات البر الرئيس عن طريق إصدار إيصالات الإيداع الصينية، وهي أوراق مالية شبيهة بالأسهم.إذا تمكن المستثمرون الصينيون من الوصول إلى شركات من الدرجة المزدوجة من خلال رابط التداول Stock Connect، فسيؤدي ذلك إلى تقويض الحاجة إلى قيام الشركة بإصدار إيصالات الإيداع الصينية في البر الرئيس، وذلك وفقًا لما يقوله المصرفيون والمستثمرون. كانت شركة تشياومي تهدف إلى تقديم إيصالات الإيداع الصينية، لكنها ألغت الخطط الشهر الماضي دون إبداء سبب لهذا القرار.وقال أحد المصرفيين المقربين من شركة تشياومي: "إن إصدار رابط التداول Stock Connect إيصالات الإيداع الصينية أمر بلا معنى، لأنه إذا كان بإمكان المستثمرين شراء شركة تشياومي في هونج كونج من خلال رابط التداول Stock Connect، فما الفائدة من شراء إيصالات الإيداع الصينية؟ هذا من شأنه أن يجعل إيصالات الإيداع الصينية عديمة الفائدة. تقوم الهيئة التنظيمية الصينية بكثير من العمل لإدخال إيصالات الإيداع الصينية وتشغيلها. لديك الآن إما إيصالات الإيداع الصينية وإما لديك رابط التداول Stock Connect".هناك بعض التكهنات بأن هذا القرار من قبل البورصتين الصينيتين هو وسيلة لمنع المال من مغادرة البر الرئيس، في وقت تشهد فيه سوق الأسهم المحلية حركات بيع واسعة. أثر التوتر التجاري بين الولايات المتحدة والصين على مؤشر شنغهاي المركّب، الذي دخل هذا الشهر منطقة السوق الهابطة بعد هبوطه 20 في المائة من ذروته في كانون الثاني (يناير) الماضي.قال تشى لو، وهو اقتصادي أول مختص في الصين الكبرى لدى شركة بي إن بي باريبا لإدارة الأصول: "التأثير الواضح في السوق هو تشويه الطلب على هذه الأسهم الصينية في هونج كونج وإبقاء الأسواق الداخلية والخارجية معزولة، ولكن من منظور السياسة، ترى بكين أن هذه خطوة ضرورية لمنع تدفقات رأس المال إلى الخارج والحد من تقلبات السوق في البر الرئيس".ومع ذلك، قال مستثمرون آخرون إن التوتر التنافسي هو عامل أكثر أهمية.قال مارك تينكر، رئيس قسم الأسهم الآسيوية لدى آكسل لإدارة الاستثمار: "لست مقتنعا مثل البعض أنهم يريدون الحد من الأموال التي تغادر البلاد...، لكن هذا بالتأكيد يثير نقطة من هونج كونج مقابل شنغهاي وشنزن"."تم تعليق خطة إيصالات الإيداع الصينية، ولكن من الواضح أنه إذا كان بإمكان بورصة هونج كونج إدراج مثل هذه الأسهم ثم الدخول في رابط التداول Stock Connect، فليس هناك سبب لوجود سوق إيصالات الإيداع الصينية. يغلب على ظني أن هذا قد يكون أيضًا عاملاً في منع الإدراج".على الرغم من أن هذا التطور قد يكون له تأثير محدود على المدى القصير – فإن شركة تشياومي هي الوحيدة التي تمتلك أسهمًا من الدرجة المزدوجة في هونج كونج – يرى المحللون أن الشركة الصانعة للهواتف الذكية تضع خطة عمل ويتوقعون أن تحذو سلسلة من الشركات حذوها.في حين أن الحظر يعيق المستثمرين المحليين الصينيين، يظل بمقدور المستثمرين الأجانب الاستثمار في الشركات ذات الأسهم المزدوجة والأسهم المرتبطة، وكذلك الشركات الأجنبية المدرجة في هونج كونج. قالت يوجيني شين، العضو المنتدب في شركة اسفيما Asifm وهي مجموعة مقرها هونج كونج ممثلة للمشاركين في السوق: "الإعلانات تعطي بالتأكيد شعوراً بالمنافسة بين البورصات، لكن بالنسبة للمستثمرين الأجانب، الذين يشترون الأسهم في الصين من خلال رابط التداول Stock Connect المتجهة للشمال، فإن هذا لا يؤثر فيهم".وأضافت أن القرار بمنع الوصول إلى الشركات الأجنبية قد يؤذي "تنافسية هونج كونج" من حيث اجتذاب الشركات الأجنبية إلى الإدراج.وعلى الرغم من أن الإجراءات التي نشرت في عطلة نهاية الأسبوع أثارت مخاوف المستثمرين، قال محللون ومصرفيون إن الإعلان ترك الباب مفتوحا أمام التغييرات المستقبلية – ما تسبب في مشاعر اللبس بين الشركات التي تسعى لجمع الأموال من خلال سوق الأسهم.بالنسبة إلى لي، قد تكون الرحلة القصيرة إلى بكين واحدة من رحلات كثيرة إلى البر الرئيس، لبحث مستقبل بورصة هونج كونج في سعيها إلى التنافس مع الصين والولايات المتحدة.
مشاركة :