أحضر مستقبلك وضعه أمامك، وحاول أن ترى نفسك بعد عشرين عاماً من الآن، إنه لأمر مخيف أن تستشرف مستقبلك، وترى نفسك إما مريضاً، أو وحيداً، أو تكون قد أصبحت أباً أو جداً، أو شخصاً بائساً، كأنه ملف في درج موظف حكومي تتقاذفه الحياة دون هدف، قد تكون على نفس الحال فقط الزمن حفر أخاديده على ملامحك، أو تكون حققت كل أهدافك التي رسمتها لنفسك، أو قد تكون متّ! ماذا يعني أن يستوطن عقلك في هذه اللحظة اللازمان، أن تفكر فقط الآن كيف أنت ومن أنت هو خطوة مهمة لتقرير ذاتك، وتحريرها من زمن الانتظار، فالمستقبل هو زمن الانتظار كما يقول باشلار. ونحن كبشر نعيش وفق قوانين وتصرفات وقواعد تصاغ حسب القواعد الحالية، ولكن المستقبل له قواعد وحسابات أخرى، والماضي الذي أتعبنا نحتاج أحياناً أن نتنمر عليه ونوسعه ضرباً حتى لا يقتلنا بذكرياته وآلامه، إن ربط الإنسان بماضيه وجذوره ليس عيباً وهذا مطلوب، ولكن اجترار الماضي والعيش الحالي بناء على حياة سابقة لم تكن جيدة هما مدعاة للتساؤل! إن الماضي ضروري من أجل معرفة المشترك الذهني والمكون النفسي للإنسان، ولكنه انتهى، ونحن أبناء هذه اللحظة، ولكن هذه اللحظة هي الأمس الماضي والمستقبل، إذاً ما الذي يمنعك من التساؤل والتفكير، فبعض الأحاديث مع النفس تنفض سؤالاً وتبعثر حيرة لا نهائية، لذلك لا يجب أن نقف فقط عند مجرد قضم التفاحة بل علينا أن نفكر فعلاً في مستقبلنا بمعنى ماذا تريد أن تكون في المستقبل بناء عليه يتحدد ماذا يتوجب عليك فعله تجاه نفسك الآن. نحن لا نستطيع أن نسكن في رحم المستقبل، ولا يجب أن نقطع الحبل السري المتصل بالماضي، بل يجب أن نشتغل على أنفسنا في الحاضر لنغير مستقبلنا، فحين يتفاعل الإنسان مع ذاته ويؤمن بها، ويؤمن بفكرة أنه يستطيع تغيير نفسه من خلال وعيه كل ما يدخل وما يخرج من أفكار ورؤى ومعتقدات وإيمانيات، هنا يستطيع أن يجس نبض نفسه، ومن ثم يفهم توجهاته، وبالتالي يعي فعلاً ما يريد وماذا يريد أن يكون، فالمستقبل مثل قطار يسير بلا محطات، أنت من تضع محطات حياتك، وأنت من يبنيها ويلونها، فكر جدياً وانثر أسئلتك في وجه الحياة، وحاول أن تكون قيمة مضافة ومورداً لا تكلفة.
مشاركة :