لا أعرف لماذا يقف أحد مسؤولي ديوان الخدمة المدنية، حجر عثرة أمام قيام ديوان المحاسبة بممارسة اختصاصاته في الإحالة إلى «المحاكمات التأديبية» لمسؤولي القطاعات الحكومية المختلفة، رغم أن هذا الإجراء يمكن أن يخفض عدد المخالفات التي يرصدها ديوان المحاسبة؟غالبية الاستجوابات التي وجهت لرئيس الحكومة والوزراء، سببها «تعطيل» ديوان الخدمة المدنية لحق ديوان المحاسبة في مراجعة أخطاء المسؤولين (ما دون الوزراء) في المؤسسات الحكومية ومحاسبتهم، ولو سمح للديوان بأن يمارس هذا الحق، لتجاوزنا الكثير من «العثرات» في علاقة السلطتين التشريعية والتنفيذية، لكن للأسف هناك من يضع العصا في دولاب التعاون بين السلطتين.احتجاج ديوان المحاسبة على تفسير ديوان الخدمة المدنية، التعديل على قانون الأخير حول «المحاكمات التأديبية» في محله، فالتعديل يقضي بالسماح لديوان المحاسبة باتخاذ الإجراءات الجزائية ضد أي مسؤول في القطاع الحكومي ارتكب مخالفات، وأنهى أي لبس حول الموضوع، لكن هناك من يصرّ على إبقاء هذا اللبس، رغم أن هذا حق أصيل للديوان (الفصل الرابع).اللعب على مفردتي (مالي، إداري) لا تعني شيئا كثيراً عند مصادرة حق ديوان المحاسبة في ممارسة اختصاصاته، فالأصل أن كل الإجراءات الإدارية لها آثار مالية تمس المال العام، سواء أكانت تجاه موظف أو مناقصة أو غيرها من العلاقات الداخلية في القطاع الحكومي.ترك ديوان الخدمة المدنية لمزاج مسؤول أو أيادٍ خارجة تعبث بقراراته، تجمد بعضها أو تفسر بعضها لمصالحها الخاصة، ليس في مصلحة الحكومة أبدا، بل ربما يكون تغافل الحكومة عما يجري داخل الديوان سبباً في إضعاف موقفها أمام أي مساءلات سياسية مقبلة.كلما تتبعنا شكوى على ديوان الخدمة المدنية تحط تلك الشكوى ركابها عند مكتب ذلك المسؤول، والأمر لا يتوقف على المواطنين فقط، بل امتد إلى بعض المسؤولين في القطاعات الحكومية نفسها، وبعض رؤساء اللجان المهمة في مجلس الأمة، وتلك مفارقة غريبة.demokwt@hotmail.com
مشاركة :