الساحات الترابية متنفس السكان ومطمع التجار والمخالفين

  • 7/29/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تحقيق : محمود محسن دائرة من المهام والخطوات ينخرط بها الأفراد العاملون بالدولة في شكل متسلسل صباح كل يوم عمل جديد، تستهل بترجل الفرد من فراشه مبكراً استعداداً لخوض رحلة البحث عن لقمة العيش، وابتداء بركوب المركبة حتى الوصول إلى مقر عمله، ومع انغماسه في دوامة العمل وأعبائه حتى الانقضاء منه، يظل مشوار العودة إلى المنزل أو غيره هي آخر محطات الفرد لينال بعده قسطاً من الراحة ، إلا أن بعض أصحاب المركبات على موعد آخر في رحلة البحث عن موقف للمركبة مناسب وغير مخالف، خاصة ممن ليس بمقدورهم استئجار موقف استثماري أو حتى حجز موقف داخل البناية، لتكون الساحات الترابية هي الملجأ الأول والمتنفس الأخير لسكان المناطق المتكدسة بالسكان وبالتالي المركبات.. وهنا تبدأ معاناة الأفراد وقضاء وقت طويل قد يصل إلى ثلاثة أرباع الساعة، بحثاً على قطعة أرض فارغة تؤوي مركباتهم، ليستقر الشخص على موقف يأمن به على مركبته غير عابئٍ بطول المسافة بينها وبين منزله والتي قد تحتاج في بعض الأحيان للسير كيلومترات طويلة، لأن الأهم هو الظفر بموقف آمنٍ وملائم.في التحقيق الآتي نستطلع سبب التكدس غير المبرر لتلك المركبات غير المأهولة، والدور الرقابي لذوي الاختصاص للحد من انتشارها ومنع تكرار مخالفة القوانين العامة، خاصة في ضوء القضاء على آخر أمل لأصحاب المركبات، بعد أن تحولت الكثير من المواقف الترابية إلى مشاريع استثمارية: تجار السيارات المستعملة يقول محمد علاء موظف بإحدى الجهات الحكومية: طبيعة عملي تتطلب تواجدي في موقع العمل صباحاً ومساءً، أي أنني بعد الانتهاء من فترة العمل الصباحية والمسائية على موعدين للبحث عن موقف آمن لمركبتي، ومع انتشار مشاريع المواقف الاستثمارية وامتلاء المواقف المدفوعة، كنت أتوجه وبدون تردد للبحث عن موقف في الساحات الترابية المحيطة بمنزلي، وكانت تطول تلك المدة لتصل إلى ربع ساعة أو أكثر لكي أجد مكانا مناسبا حتى لو كلفني الأمر وضع مركبتي في المنطقة المقابلة وأن أقطع الشارع سيراً للوصول إلى منزلي.العديد من المركبات المصطفة في الساحات الترابية أجدها لعدة أيام دون حراك، بل وكأن ليس لها مالك لتراكم الأتربة عليها دون عناية أو مراقبة، وفي بعض الأحيان يتحايل البعض كتجار السيارات المستعملة ممن يتهربون من وضع مركباتهم التجارية في الأماكن المخصصة لبيع المركبات، على مثل تلك الإشارات التي قد تلفت الانتباه للجهات الرقابية كتراكم الأتربة وغيرها، فيتم التعاقد مع بعض حراس البنايات على مبلغ شهري مقابل غسيل السيارة بشكل أسبوعي، فتظهر وكأنها مركبة شخصية لأحد السكان ويتم استعمالها بشكل دوري، وهنا نصبح في حيرة من أمرنا لعدم تمكننا من ايجاد حل إما للمخالفين أو ايجاد مكان مناسب. العثور على موقف يسعدني أما المهندسة سوسن محمد فتقول: العثور على موقف لسيارتي الشخصية أصبح من الأمور التي تدخل السعادة إلى قلبي، حيث أنني أعمل طيلة النهار وينتهي عملي مع غروب الشمس، أي مع دخول الظلام والصعوبة في الحصول على موقف خاصة في الساحات الترابية، الغريب في الأمر شعوري دائماً وكأنني الوحيدة التي تتردد على الساحة الترابية دخولاً وخروجاً، حيث إن العديد من المركبات تظل في أماكنها لأيام بل لأسابيع دون حراك، فهل هذا أمر منطقي وطبيعي أم أن هناك أمراً ما وراء مكوثها طوال هذه المدة؟ في الحقيقة ليس لدي الإمكانية حالياً في استئجار موقف استثماري، وعليه فأتدبر أمري بالبحث طويلاً على موقف آمن لمركبتي، والمقصود بموقف آمن هو أن أجدها صباح اليوم التالي في منأى عن أي اصطدام أو ضرر نتيجة إيقافها في مكان غير مناسب يتسبب في عرقلة حركة الغير، فيضطر البعض لضيق الوقت أن يتسبب في تضرر المركبة بخدوش تؤثر على الطرفين، ليحقق غرضه بالخروج بمركبته من عراك الساحة الترابية، ناهيك عن المسافة التي أقضيها يومياً سيراً على الأقدام للوصول إلى منزلي بعد العثور على موقف في مكان بعيد. شل حركتها تماماً حسين مصطفى محاسب يعمل في دبي يقول: تشهد الساحات الترابية في ظل تكدس المركبات الهائل حالة من الفوضى وعدم التنظيم، لنجد أنفسنا أمام جملة من العشوائية تتسبب في هدر أوقاتنا بشكل مريب، إذ إنني تعرضت للعديد من المواقف الصعبة خلال تواجد مركبتي في الساحة الترابية القريبة من بيتي، كان أبرزها ارتباطي بموعد لاستقبال أسرتي في المطار، وفي فجر هذا اليوم أفاجأ بأن أحدهم ترك مركبته أمام مركبتي ليشل حركتها تماماً دون أي احساس بالمسؤولية أو مراعاة لظروف الغير، ويتكرر المشهد نفسه في أحد الأيام وأنا متوجه إلى عملي، ما تسبب في تعطلي بشكل كبير ووصولي متأخراً عن موعدي الرسمي. سابقاً كان من السهل العثور على مواقف بالقرب من منزلي في ظل وجود ساحات ترابية عدة، ولم يكن العثور على موقف للمركبة يسبب لي هذا الكم من العناء، وصل بي الأمر أن أفكر جدياً في الاستغناء عن المركبة خلال ذهابي إلى العمل وأن أكتفي باستخدامها في أضيق الحدود خلال التنزه مع الأسرة أو في الإجازات، والاعتماد بشكل كلي على سيارات الأجرة، ولكن بعد عدة مقارنات وحسابها بشكل اقتصادي، تبين لي أن الحل الأمثل والأوفر هو الاستسلام لها ومحاولة إيجاد مكان مناسب لا يتسبب في ضرر لي أو لغيري، وتفادي الوقوع في مأزق عرقلة الحركة أو تعرضها للاصطدام في حال تركها بشكل عشوائي. ظاهرة سلبية وفي هذا الشأن يقول العقيد يوسف بن حرمول نائب مدير إدارة مراكز الشرطة الشاملة بالقيادة العامة لشرطة الشارقة، «تعد ظاهرة ترك السيارات المهجورة في المناطق والساحات الرملية لفترات طويلة ظاهرة سلبية وتنم عن عدم وعي الكثير من أفراد الجمهور بخطورة هذا العمل الذي يبدو ظاهرة طبيعية، وإنما يستغل بممارسات غير قانونية من قبل البعض نتيجة استخدام تلك المركبات المتروكة لفترات طويلة في المناطق النائية والساحات الرملية في تنفيذ بعض الجرائم كالسرقة أو انتزاع اللوحات المعدنية لها وتركيبها على سيارات أخرى للقيام بأعمال مخالفة للقانون، كنوع من التضليل لرجال الشرطة، الأمر الذي ينجم عنه حجز المركبة في حال التوصل إليها ويكون مالكها عرضه للمساءلة القانونية.وتعد السيارات المهملة بالمنطقة الصناعية من أكثر الظواهر سلبية، حيث تتكدس بصورة غير حضارية، وتأتي هذه الظاهرة نتيجة ارتفاع أسعار تكاليف إصلاح تلك السيارات مقارنة بسعرها الحَقيقي في السوق، الأمر الذي يدفع أصحابها لتركها أمام ورش التصليح أو في الساحات الرملية، كما أن العديد منها تكون تعرضت لتلف في مقوماتها الأساسية نتيجة لحوادث مرورية، وتشكل ظاهرة سلبية في تشويه مدينة الشارقة ومظهراً غير حضاري لا يليق بالإمارة، وعليه يجري حالياً رصد المركبات المتروكة والتواصل مع مالك المركبة للتصرف بها، وإذا تعذر ذلك يتم التواصل مع البلدية لحجز السيارات المتروكة والتي قد تكون عرضة للسرقة أو ارتكاب جرائم أخرى. حملات ميدانية مستمرة واستكمالاً للدور الشرطي يقول الرائد عمر بوغانم رئيس قسم المرور والدوريات بالقيادة العامة لشرطة الشارقة: بناءً على توجيهات قائد عام شرطة الشارقة اللواء سيف الزري الشامسي، قمنا بالعديد من الحملات الميدانية خلال الفترات السابقة وهي مستمرة حتى الآن، بالتعاون مع الجهات ذات الاختصاص، للحد من ظاهرة السيارات المتروكة والمهملة في الساحات الترابية، وأمام البنايات السكنية، والتي قد تتعرض للسرقة، أو استغلالها بطريقة سيئة من قِبل بعض الأشخاص ضعاف النفوس، وفي حال رصد مثل هذه المركبات يتم إبلاغ بلدية الشارقة بأمر هذه السيارات من الناحية الأمنية، بعد فحص الملف المروري الخاص بها سواء من ناحية المخالفات المرورية أو سبق وأن تم التعميم على السيارة نتيجة استغلالها في أعمال مشبوهة جنائياً، أو تم ارتكاب بعض الجرائم باستخدام السيارة وتم التخلص منها وتركها في الساحة الرملية، بعدها يتم مخاطبة البلدية بشأن السيارة، وتوضع ملصقات عبارة عن «إشعار إزالة» على السيارات القديمة والمهجورة منذ فترة طويلة في مختلف مناطق الإمارة، تطلب من أصحابها إزالتها خلال 48 ساعة، وفي حال عدم الالتزام بما جاء في الملصق تنقل المركبة إلى الحجز «شبك» الشرطة، أو البلدية. الرقابة البلدية وفيما يتعلق بدور البلدية يقول خالد بن فلاح السويدي مساعد المدير العام لقطاع خدمة المتعاملين في بلدية مدينة الشارقة: هناك مركبات مخالفة للنظم والقوانين المعمول بها في إمارة الشارقة، بناءً على بند المخالفة وقت الضبط، وهناك العديد من المخالفات الخاصة بالمركبات، منها ما يسبب تشويه المنظر العام بأي شكل من الأشكال، والمركبات المتروكة بدون لوحات مرورية في الأماكن العامة، وكذلك ترك المعدات الثقيلة في الشوارع والساحات الترابية، وعرض مركبة للبيع في غير الأماكن المخصصة لذلك، عليه يتم سحب المركبات الثقيلة بسبب حادث أو عطل في الطريق العام أو المشوهة للمنظر العام أو معروضة للبيع أو المتروكة بدون لوحات مرورية في الأماكن العامة، وذلك من منطلق حرص البلدية على تنفيذ جميع الحملات التفتيشية المختلفة، وفي مختلف المجالات في إطار منظومة عملها، لرصد كل الظواهر السلبية في الإمارة، وكل مشوهات المنظر العام من أجل الحفاظ على الإمارة صحية، وجعلها المكان الأمثل لقضاء الأوقات الممتعة، وتحقيق رؤية الإمارة في هذا المجال.إلا أن المركبات التي تحمل لوحات مرورية يتم وضع إنذار عليها لمدة تتراوح بين 24 و 72 ساعة قبل حجزها، وفترة الإنذار تعتمد على موقع المركبة المخالفة وطبيعة المنطقة، أما المركبات التي لا تحمل لوحات مرورية والمركبات المعروضة للبيع في غير الأماكن المخصصة لها فتسحب فوراً، حيث تم حجز 4045 مركبة خلال النصف الأول من العام الحالي، كما تم تحرير 6420 مخالفة، ووضع 10969 انذاراً لمركبات مهملة، وتعمل البلدية بجهد كبير للقضاء على هذه الظاهرة، من خلال تكثيف الحملات لتكون بواقع مرة واحدة شهرياً بالتنسيق مع قسم التفتيش البلدي، وكذلك نشر التوعية بين أفراد المجتمع عبر وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام. التنسيق مع حارس البناية حذرت البلدية من التنسيق مع حارس البناية من أجل تنظيفها لأن ذلك يعتبر مخالفاً للقانون، ولذا تنصح البلدية بضرورة الاهتمام بالمركبة من قبل أحد الأقارب أو الأصدقاء من خلال تنظيفها عبر محطات غسيل المركبات، أو من خلال الشركات المصرح لها ممارسة نشاط غسيل المركبات في المواقع المغلقة مثل مراكز التسوق.

مشاركة :