القاهرة - قال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الأحد، خلال لقائه مع رونالد لاودر رئيس الكونغرس اليهودي العالمي “نسعى لتحقيق المصالحة الفلسطينية وعودة السلطة الشرعية لتولي مسؤولياتها في غزة، بما يساعد في دفع مساعي إحياء المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، والتوصل لحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية”. وتشهد القضية الفلسطينية تطورات متسارعة للتوصل إلى تسوية إنسانية وسياسية في قطاع غزة، تنشط على خطوطها مصر والأمم المتحدة وإسرائيل والسلطة وحركة حماس، مع دعم أميركي غير مباشر. وفي هذا السياق تندرج زيارة نيكولاي ملادينوف منسق الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط للقاهرة، الأحد. وقالت مصادر مصرية لـ“العرب”، إن الاهتمام الدولي بغزة يرتبط بإصرار عربي على وجود توازن بين الحلين الإنساني والسياسي، بحيث تكون المصالحة الفلسطينية وعودة السلطة إلى غزة، المدخل الأساسي لإنهاء معاناة السكان ووقف التوتر مع إسرائيل. وجاءت زيارة ملادينوف متوافقة مع وصول وفد من فتح لتسليم ردها على الورقة المصرية لإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة. ويضم الوفد عزام الأحمد وحسين الشيخ وروحي فتوح، أعضاء اللجنة المركزية لفتح، ورئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج. وحمل وجود وفد فتح بالقاهرة، بالتزامن مع زيارة ملادينوف، دلالات ورسائل سياسية، بأن السلطة مستعدة للتعاطي مع أيّ تسوية، تقود إلى حل الأزمة وإنهاء الانقسام. غير أن مصادر مطلعة على ملف المصالحة، قالت لـ“العرب”، إن وفد حركة فتح أبلغ القاهرة تحفظه على بعض البنود في الورقة المصرية التي وافقت عليها حماس بشأن إعادة مسار المصالحة، لأنها “لا تنص بشكل واضح على تسليم كل شيء في غزة إلى حكومة السلطة”. وترى دوائر عربية أن استمرار الانقسام من شأنه تهيئة الطريق لتمرير مشروعات سياسية بطابع إنساني، لفصل القطاع عن باقي الأراضي الفلسطينية، وهو ما سبق وأبلغته القاهرة صراحة إلى جاريد كوشنير مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وجاسيون غرينبلات مستشاره للسلام. سمير غطاس: أبومازن يتمسك برفض أي تدخل أميركي في الحل السياسي لقطاع غزةسمير غطاس: أبومازن يتمسك برفض أي تدخل أميركي في الحل السياسي لقطاع غزة ويعتقد متابعون أن زيارة اللواء عباس كامل رئيس المخابرات العامة المصرية لواشنطن مؤخرا، تعكس إصرار القاهرة على إقناع واشنطن بوجود مستجدات على الأرض تتطلب تغيير الإستراتيجية الأميركية في التعاطي مع غزة. وبدت العلاقات بين القاهرة وواشنطن تشهد انفراجة، بعد قيام الأخيرة بالإفراج عن 195 مليون دولار مساعدات كانت مجمدة منذ عامين. ويقول هؤلاء، إن وجود الأمم المتحدة كطرف أصيل في التسوية الإنسانية- السياسية المرتقبة، يخرج القطاع من دائرة المناكفات بين فتح وحماس، ويضع كل الأطراف في اختبار المصداقية أمام المجتمع الدولي، ويقطع الطريق على قطر وتركيا الشغوفتين باللعب على وتر الانقسام. ويبدو الموقف الإسرائيلي أكثر مرونة في التعاطي مع وساطة مصر المدعومة من الأمم المتحدة، لتتنازل عن بعض الشروط التي تعيق التوصل لمصالحة، وأهمها رفع الفيتو عن مشاركة حماس في الحكومة الجديدة. وما يعزز هذا الطرح، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قال أمام اجتماع مصغر لحكومته أخيرا، “هناك خطة سياسية شاملة للتعامل مع غزة، وربما ترتبط بتقديم القاهرة والأمم المتحدة ضمانات لتثبيت اتفاق هدنة طويلة تتوقف بموجبها حماس والفصائل عن القيام بأعمال عدائية، والكف عن حفر أنفاق حدودية”. وتدرك دوائر عربية أن إسرائيل بحاجة لتهدئة جبهتها مع غزة للتفرغ لمواجهة التطورات المتلاحقة على الجبهة الشمالية مع إيران وحزب اللّه في سوريا، باعتبار هذا الملف أكثر أولوية لدى قادة إسرائيل حاليا. وتواجه المساعي المصرية معضلة غاية في التعقيد للوصول إلى تسوية مقبولة من كل الأطراف، تتمثل في إصرار الرئيس محمود عباس ( أبومازن) على أن تمكين حكومة الوفاق في غزة يجب أن يسبق أيّ شيء آخر، في حين ترفض حماس، وتشترط ألا تخرج من المشهد السياسي خاسرة دون أن تضمن لنفسها مكانا في الترتيبات المستقبلية. وتقوم الوساطة الجديدة على إقناع أبومازن بأن عودة حكومته إلى غزة يبدأ من إنهاء الأزمة الإنسانية. وقال مصدر من حماس لـ“العرب”، “الحركة على دراية كاملة بقرب انتزاع فتيل الأزمة في غزة، وهناك اتصالات مستمرة مع المبعوث الأممي للسلام بالشرق الأوسط في هذا الشأن، وثمة انفراجة كبيرة في الوضع الإنساني والسياسي قريبا جدا”. وأضاف المصدر، أن المشكلة الأساسية في انقسام حركة فتح على نفسها، بشأن المصالحة وما يتعلق بالتحركات الدولية لوضع حلّ جذري للأزمة الإنسانية والسياسية. وتشير تحركات السلطة الفلسطينية، إلى أنها تريد تسجيل موقف رافض للتقارب الأخير بين مصر وحماس، واللقاءات المستمرة بين ملادينوف وقادة الحركة في غزة، ما جعلها تشعر بتهميش دورها وإظهارها كطرف استثنائي وليس رئيسيا. ولفت أسامة عامر، الباحث الفلسطيني، إلى أن المساعي المصرية والدولية المكثفة تعكس قرب نزع فتيل الأزمة في غزة، لكن الأمر يتوقف على نوايا السلطة الفلسطينية. وأكد لـ“العرب”، أن إسرائيل تعيش ورطة حقيقية حيث أصبح قطاع غزة يمثّل لها صداعا مزمنا تريد الخلاص منه بأقل الخسائر، لذلك تسعى للترويج إلى وجود مبادرة سياسية مصرية أممية، للإيحاء أمام المجتمع الدولي بأنها مستعدة لحل المشكلة وليس تعقيدها. وأوضح سمير غطاس، الباحث المصري في الشؤون الفلسطينية، وهو قريب من دوائر فتح، لـ“العرب”، أن أبومازن يتمسك برفض أيّ تدخل أميركي في الحل السياسي لقطاع غزة، ولديه قناة راسخة بأن ملادينوف مندوب ترامب في المنطقة، ويحمل مآرب سياسية غير موثوق في نزاهتها. عهد تعانق الحرية بعد أشهر من الاعتقال رام الله – خرجت الفتاة الفلسطينية عهد التميمي التي أصبحت رمزا للمقاومة الفلسطينية من السجن الأحد بعد قضائها عقوبة لمدة 8 أشهر بسبب صفعها لجندي إسرائيلي. وحظيت التميمي باستقبال لافت، وكان لها لقاء مع الرئيس محمود عباس في رام الله بالضفة الغربية. وصارت عهد (17 عاما) بطلة في أعين الفلسطينيين بعد اعتقالها من قبل أجهزة الأمن الإسرائيلية على خلفية صفعها لجندي في 15 ديسمبر خارج منزلها في قرية النبي صالح التي تشهد منذ سنوات مواجهات مع الجيش الإسرائيلي ومستوطنين يهود. وبعد الإفراج عنها حثت عهد الفلسطينيين على مواصلة المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي. ومن جانبه قال الرئيس محمود عباس بعد لقائه مع عهد ووالدتها “إن نموذج المقاومة الشعبية السلمية الذي سطرته عهد وأهالي قرية النبي صالح وجميع القرى والمدن الفلسطينية، يثبت للعالم بأن شعبنا سيبقى صامدا على أرضه ومتمسكا بثوابته، ومدافعا عنها مهما بلغ حجم التضحيات”. ويرى مراقبون أن البعض يريد توظيف ما حققته الطفلة من شعبية دولية، لغايات سياسية، وأعرب سياسي فلسطيني عن أمله بألاّ يتم استغلال طفولة التميمي بحيث تصبح هي القضية وليس قضية بلدها مع الاحتلال الإسرائيلي. وطالب بعودة عهد إلى دراستها وأسرتها بدلا أن تصبح رمزا مكررا لهدف الاستهلاك الإعلامي.
مشاركة :