دمشق - قدّم المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق يومي 25 و26 من الشهر الحالي، مشاريع تخرج لطلبة المعهد في قسم التقنيات، من خلال عرض مجموعة من الأفلام كمشاريع تخرج، نذكر منها فيلم “زائد صحن فارغ”، “فاصلة سوداء”، “ضباب نسبي”، “past Frame”، “القرين”، وغيرها. وبعيدا عن النظرة السوداوية التي تحملها تلك الأفلام والتي تبدو إنعكاسا طبيعيا لما يعيشه هؤلاء الطلبة من تفاصيل حياتيه حولهم أو بالقرب منهم، تجعل رؤيتهم للمستقبل ملوثة وسوداء، يتساءل الجمهور المشاهد لتلك العروض، حول ماهيتها، وكيف يمكن أن تكون بحد ذاتها كافية كمشاريع تخرج لقسم يحمل فنونا إبداعية أخرى كقسم التقنيات المسرحية، وكيف يمكن لتلك الأفلام، أن تعرض وتقدم إمكانيات الطلبة حول ما تعلموه خلال أربع سنوات عن الصوت والضوء باعتبارهما عماد العروض المسرحية. حين تأسس المعهد العالي للفنون المسرحية في العام 1977 على يد كل من سعدالله ونوس وفواز الجابر، ثم لاحقا انضم لهما العديد من الأسماء الهامة، أمثال الدكاترة نبيل حفار، وحنان قصاب، حسن وماري إلياس والمخرج وليد قوتلي وغيرهم، كان الهدف منه تحقيق نهضة مسرحية شاملة. لاحقاَ، وفي رغبة حقيقية بتحويل المعهد إلى أكاديمية للفنون المسرحية، أضيفت أقسام جديدة تدعم الأقسام القديمة، فتحول مثلا قسم النقد والأدب المسرحي، إلى قسم الدراسات، وتم إنشاء قسم خاص بالرقص، بالإضافة إلى قسم السينوغرافيا الذي تأسس في العام 2006 على يد الراحل نعمان جود، أحد ألمع مصممي الديكور المسرحي في سوريا. كان الهدف من تأسيس ذلك القسم الوصول إلى عروض مسرحية متكاملة، من ممثل فكاتب فسينوغرافي، يقودهم جميعا مخرج مسرحي كمشرف على التخرج، غالبا من الأسماء الهامة في عالم الإخراج المسرحي. فكيف تحولت عروض تخرج المعهد العالي المختص بالفنون المسرحية قسم التقنيات، إلى عروض فيلمية، مادتها الرئيسية التمثيل والإخراج، بدل الصوت والضوء؟ يقول العميد الأسبق للمعهد العالي للفنون الدكتور سامر عمران، عندما أسس قسم التصميم والتقنيات المسرحية في العام 2006، كان يضم التصميم (الأزياء والإضاءة والديكور والأقنعة والتقنيات الخاصة بالأقنعة)، وبعد أن غادر عمادة المعهد لسنوات وعاد لها في العام 2012، كان ذلك القسم قد انفصل إلى جزأين، الأول قسم متعلق بالتقنيات المسرحية (الصوت والضوء)، والقسم الآخر متعلق بالتصميم المسرحي السينوغرافيا (الأزياء والديكور)، إلا أنه كان يشعر منذ ذلك الوقت، برغبة ملحة لدى هؤلاء الطلبة بتقديم أنفسهم كمخرجين، وهو الأمر الذي كان يرفضه ويعتبره أمراً مُخلا بالهدف الرئيس الذي أسُس من أجله قسم التقنيات المسرحية. ورغم أن منهاج السنة الرابعة في قسم التقنيات، يدرس فيه الطالب مادة حول مبادئ الإخراج، إلا أن هذه المادة وكما يؤكد الدكتور سامر، لا تهيئ الخريج ليصبح مخرجا، بقدر ما تعرّفه على مهام المخرج، فالإخراج بحد ذاته، علم متكامل لا يمكن اختزاله بمادة واحدة، أو بمشروع تخرج. والحق يقال إنه وبعد مشاهدة تلك الأفلام ـ وفي ما لو استثنينا فيلما واحداً بعنوانPast Frame للخريجين طاهر سولم والمنتجب عيسى، الذي هو الفيلم الوحيد الذي يعبر بشكل جيد عن ماهية ذلك القسم من خلال الجهد الواضح في تنفيذ الفيلم، الذي يحكي بالضوء واللون بالإضافة إلى الصوت قصة كاملة، دون أي تدخل حتى حواري، تبقى مجمل تلك الأفلام قاصرة بشكل كبير وتحمل الكثير من الأخطاء التي قد تسيء لهؤلاء الخرجين الذين طرحوا أنفسهم كمخرجين، والأخطاء لم تقتصر فقط على المونتاج والتمثيل، بل أيضا على الإضاءة والصوت، العمود الفقري لمادة التقنيات التي يتخرجون من قسمها، فلماذا تتحول هذه الأفلام إلى مشاريع تخرج، وهل جرت العادة أن تقدم مشاريع الطلبة على هذا النحو؟ يقول المخرج المسرحي الدكتور عجاج حفيري أستاذ التمثيل في المعهد والذي سبق أيضا وأن شغل منصب عميد المعهد العالي للفنون المسرحية، جرت العادة أن تقدم مشاريع تخرج طلبة قسم التقنيات، بشكل عملي وتنفذ معظمها على خشبة المسرح الدائري، وكانت تقتصر بعضها على تقنية الصوت والضوء، كأبطال أساسين في العرض، ولكنه اليوم وبعد أن انقطع لسنوات عن المعهد لا يستطيع الحديث عن تلك العروض ولا أن يعرف شيئا عن ماهيتها.
مشاركة :