مواقع التواصل الاجتماعي ... والأدب!

  • 7/30/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

ثمة ظواهر كثيرة لها تأثيرها السلبي على واقع الثقافة العربية في وقتنا الراهن، وتؤدي إلى انصراف الجمهور في التعاطي مع الشأن الثقافي، خصوصا المتعلق بالأدب من شعر وقصة قصيرة وراوية ونصوص مسرحية.ولعل من أبرز تلك الظواهر بل أهمها على وجه الإطلاق، تلك المتعلقة برواج الكتب التي يصنفها أصحابها- بهتانا- ضمن الإصدارات الأدبية، وهي- في الحقيقة- لا تمت بصلة للأدب ولا الإبداع من قريب أو بعيد، ولكنها تهويمات وأضغاث أحلام، لا يؤهلها وقوف دور نشر ودعاية مكثفة على مواقع التواصل الاجتماعي، من أن تكون ذات قيمة أدبية، تستطيع أن تؤثر إيجابيا بشكل أو بآخر على الحياة العامة للمجتمع.بل بالعكس فهذه الأشياء لها تأثيرات مدمرة على واقع الحال، كونها تجعل من القراء أصحاب الخبرة القليلة في الحياة- خصوصا فئة المراهقين- غير قادرين على تصويب الأخطاء، واعتقادهم أن هذه الكتابات- التي تصدر لاحقا في كتب- وتطاردهم ليل نهار على مواقع التواصل الاجتماعي، التي يقضون جل أوقاتهم في ضيافتها، هي أساس الأدب، بينما ألوان الأدب الأخرى الجادة والحقيقية، التي لا يسعى أصحابها إلى فرضها «غصبا» على رواد الإنترنت من خلال الإلحاح والترصد، موضوعة- لدى هؤلاء الشباب- في الحيز المظلم.هذا من ناحية من ليس لديهم خبرة كافية في التفريق بين الغث والسمين من أطياف الأدب وأقصد بهم الشباب ومن هم في مرحلة المراهقة، وذلك بسبب حداثة أعمارهم، ومن ناحية أخرى فإن الذين لديهم وعي وقدرة على التفريق بين الجيد والسيئ في مجال الأدب... حتى وإن كانوا غير أدباء «قراء فقط»، قد ينصرفون بدرجات متفاوتة عن الأدب، ظنا منهم أن الإبداع يعيش في أسوأ حالاته، وذلك بسبب الانتشار اللافت للنظر للأدب السطحي على مواقع التواصل الاجتماعي.والقليل الذي يتفهم طبيعة هذه المواقع التي تفتح أبوابها باتساع الأفق والفضاء لكل الكتابات، ولا يوجد من يدقق أو يتابع كل ما يكتب قبل النشر، ومن ثم إذا أراد أن يتعاطى مع الأدب الحقيقي فإن عليه اللجوء لكتابات تصدر من أدباء حقيقيين، أو من خلال مواقع جادة، ليس من خلال تهويمات وترهات توضع من دون وعي على مواقع مثل «الفيس بوك» أو «تويتر» أو «الانستغرام»، وغيرها.نحن لا نحجر على أحد ولا نقدم النصح والإرشاد لأحد... فالفضاء الإلكتروني مفتوح لكل من يريد أن يكتب، وهذا حق طبيعي لكل الناس، ولكن من حقنا التحذير من خطورة هذا الوضع، والتوضيح لأبنائنا الشباب أن الأدب الحقيق لن تجده على هذه المواقع التي تنشر بشكل مباشر، ما يخطر على بال أصحاب الصفحات الإلكترونية، خصوصا الذين حققوا شهرتهم عن طريق الإلحاح والتكرار وفرض الوجود عن طريق السباحة ضد التيار، مثل تحدي الثوابت أو ملاعبة المشاعر بكل ما هو سيئ وغير معهود.فمن حقنا- كأدباء وأكاديميين وكتاب وأولياء أمور وقراء جادين- أن نحذر من خطورة هذه الكتابات التي- للأسف- تجد دور نشر تتبنى أصحابها وتظهرهم كنجوم في عالم الكتابة، في حين يعيش الأدباء الحقيقيون في الظل، ولا يراهم شبابنا ليتأكدوا أن الأدب العربي ما زال بخير.* كاتب وأكاديمي كويتي

مشاركة :