مواقع التواصل الاجتماعي والأدب بقلم: محمد حياوي

  • 2/19/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

المشكلة الكبرى التي يعاني منها الكثير من الكتّاب الشباب تتجسد في من يقرأ نصوصهم، فالجميع لا يمتلك الوقت لقراءة التجارب الجديدة، بما في ذلك الكتّاب المكرّسون ودور النشر والنقاد نتيجة لكثرة ما يُكتب.العرب محمد حياوي [نُشر في 2018/02/19، العدد: 10905، ص(14)] أدى الاستخدام المتزايد لوسائل التواصل الاجتماعي إلى تغيير مهول في النظرة إلى طبيعة العلاقات ومفاهيم الإعلان والترويج، وسيكون من الغباء أن نعتقد أن الأدب لا يتأثر بتلك الاتجاهات المتزايدة للإنترنت. لكن ما هي بالضبط تأثيرات وسائل التواصل الاجتماعي على الأدب؟ كما هو الحال في عالم الإعلان، تعدّ وسائل التواصل الاجتماعي أداة مفيدة جدّا لانتشار المعلومات وتعزيز المنتجات أيّا كان نوعها، بما في ذلك الأدب، فقد حرصت الكثير من دور النشر الكبرى ووسائل الإعلام المعروفة وحتى تلك المغمورة منها، على إنشاء صفحات خاصّة بها على تلك المواقع، في محاولة منها للتواصل مع جمهورها المستهدف وتحديث شبكة المعلومات الخاصّة بها، مستفيدة من خاصية وضع الإعلانات مدفوعة الثمن على جانبي هذه المواقع، لأن هذه الصفحات تحظى بشعبية كبيرة وغالبا ما تتم زيارتها. ولا تزال تلك الظاهرة تنمو وتزدهر وتتحرك ببطء بعيدا عن صناعة الإعلان فقط، لتشق طريقها في مجال الأدب الذي بات مفهومه يتغير بسرعة، ليستفيد أغلب المؤلفين والأدباء المكرسين وغير المكرسين من صعود وسائل التواصل الاجتماعي وتحويل النظرة التقليدية للأدب، وربّما تغيير طريقة التفكير والكتابة. وعلى الرغم من أن النهج الجديد غير تقليدي، فإنه يوفر النجاح ويجذب الكثير من القرّاء والمتابعين، بالإضافة إلى توفير خاصية مهمة للكاتب تتلخص في الحصول على ردود فعل فورية ومباشرة من هؤلاء المهتمين والقرّاء كوسيلة لقياس تأثير الأعمال الإبداعية ووقعها وتصويبها إن لزم الأمر. لقد أشبعت وسائل التواصل الاجتماعي في عالمنا العربي الحاجة إلى النشر والتعبير عن الرأي لدى الكثير من الساعين للكتابة، وهي حاجة مهمة وإنسانية ملحة في الواقع، لكن هل أسهمت في تطوير تجارب الكتّاب الشباب أو انتشارهم؟ أو هل أصبحت بديلا لدور النشر المرموقة؟ شخصيا أشك في ذلك، فما تزال مواقع التواصل الاجتماعي وسيلة للإعلان أو الإخبار والترويج والتعريف أكثر منها وسيلة للنشر الجاد، ومن ناحية أخرى أصبح الكثير من هؤلاء الكتّاب الشباب يستسهلون النشر لاعتقادهم أنّهم امتلكوا ناصية الكتابة الإبداعية بمجرد نشرهم في تلك المواقع، وهي قضية خطيرة وحساسة للغاية. أرصد منذ سنوات تطور ونمو الكثير من التجارب الشبابية الممتازة من خلال تلك المواقع، لكن استعجال النشر والسعي للشهرة العابرة من دون إنضاج التجارب، أحبطا الكثير من الجهود التي كان مقدرا لها النجاح، وما زلت أعتقد أن الكتابة الإبداعية عملية صعبة وعميقة ومؤذية وتتطلب الصبر وتراكم التجارب وتطويع اللغة وتنمية القدرة على التخيّل والمسؤولية إزاء ما نكتب واحترام عقل القارئ وغيرها من المواصفات الصعبة التي لا يمكن أن تتوفر بسهولة كما نرى. المشكلة الكبرى التي يعاني منها الكثير من الكتّاب الشباب تتجسد في من يقرأ نصوصهم، فالجميع لا يمتلك الوقت لقراءة التجارب الجديدة، بما في ذلك الكتّاب المكرّسون ودور النشر والنقاد نتيجة لكثرة ما يُكتب، أنا شخصيا تردني العشرات من المخطوطات شهريا يطلب مني أصحابها قراءتها وبيان رأيي فيها بحكم عملي في مجال الخبرة لدى بعض دور النشر، وعلى الرغم من رغبتي الملحة في الاطلاع عليها، إلّا أنّني أجد صعوبة كبيرة في ذلك، لأن الأمر يتطلب ترك عملي الذي هو مصدر رزقي تماما والتفرغ لقراءتها، كذلك الأمر مع دور النشر المعروفة، فقد أخبرتني ناشرة صديقة أثق بكلامها بأنّهم يستلمون شهريا بين 100 و120 مخطوطة رواية مقدمة للنشر، وأن لجنة القراءة عندهم تتكون من خمسة أشخاص فقط، لا يمكنهم في أحسن الأحوال قراءة أكثر من عشرة نصوص في الشهر لتقييمها تقييما دقيقا ونزيها. كاتب عراقيمحمد حياوي

مشاركة :