الأكراد يختارون الحوار مع دمشق تحسباً للانسحاب الأميركي من سورية

  • 7/30/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

يُنهي الجيش السوري وحلفاؤه معركة القنيطرة قريباً إذ يبقى فقط نحو 2 في المئة من المحافظة تحت سيطرة «داعش». وهذا سيؤدي إلى تحرير عشرات الآلاف من عناصر الجيش من أعباء القتال في الجنوب ليتوجه هؤلاء إلى إدلب، وبالتالي تكون سورية قد حرّرت كل الأراضي التي كانت تحت سيطرة الميليشيات والمتطرفين ليبقى الشمال تحت سيطرة دولتين: أميركا وتركيا.ويسيطر الأكراد على نحو 3 في المئة من أرض سورية، وقد قرّر هؤلاء تلبية دعوة الرئيس بشار الأسد الذي قال لهم: إما الحوار أو الحرب. فاختار الأكراد الحوار ما يجبر هؤلاء على التخلي عن حماية أميركا وقواتها في الشمال، وهي التي باركت الحوار بين الأكراد ودمشق، وبالتالي ستجد طريقة للمغادرة والنزول عن الشجرة في القريب العاجل.ووفقاً لمصادر قيادية في دمشق، فإن واشنطن أحضرت قواتها إلى سورية لمساندة إسرائيل وأهدافها في الشرق الأوسط، وعلى رأس هذه الأهداف (ليس حصراً) تغيير النظام السوري الذي التحق بـ «محور المقاومة» وإفشال نظام الدولة ما سيغلق الطريق الإمدادي للسلاح على «حزب الله» في لبنان ويدفع بالتكفيريين نحو لبنان والأردن. وهذا كان بإمكانه حشْر «حزب الله» ضمن بيئته في جنوب لبنان (بعد إنكفائه من البقاع وبيروت) ليصبح ضمن جيْبٍ شيعي محاصَر، أمامه إسرائيل وخلفه حكومة معادية في بيروت.إلا أن الهدف قد فشل (هناك أهداف أخرى تقضي بمنع تدفق الغاز الروسي الى أوروبا وتقسيم سورية والعراق إلا أنها خارج سياق الموضوع). وبفشله قدّم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تطمينات الى نظيره الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يقضي بضمان وجود الشرطة الروسية على الحدود وكذلك جنود الأمم المتحدة من «الاندوف» والجيش السوري، ما سيجعل أي هجوم من الأراضي السورية نحو الجولان المحتل صعباً جداً. وبالتالي فقد ضمن بوتين خط فك الارتباط عام 1974 الذي وافقت عليه إسرائيل.وهكذا لم يعد هناك أي سبب لوجود قوات احتلال أميركية في معبر التنف ولا في الشمال السوري وخصوصاً ان الجيش السوري حرر كل البلاد ولن تجدي أي محاوله لإضعافه. وبقيت مدينة ادلب الشمالية تحت السيطرة التركية والتي لن تستسلم من دون قتال.وقد بدأت العملية العسكرية في ريف اللاذقية والتلال الحاكمة بحجة إبعاد الخطر عن قاعدة حميميم الروسية التي تتعرّض لهجماتِ طائرات من دون طيار متواصلة من قبل المتطرفين الموجودين في محيط محافظة ادلب. وقال يان ايغلاند رئيس القوة التابعة للأمم المتحدة للعمل الانساني في سورية ان «هناك مليوني شخص في ادلب بما في ذلك النازحون»، بالاضافة الى أكثر من 40000 من المتطرفين وحلفائهم المستعدين للقتال (ما عدا الجزء التابع لتركيا مباشرة). وتتحضّر دمشق لمعركة ادلب في شهر سبتمبر المقبل بعد تأمين ممرات آمنة للمدنيين الراغبين بالخروج. إلا ان تنسيقات المتطرفين حذرت في بيان وزِّع داخلياً من «الخروج أو الترويج لمغادرة المنطقة وإلا فسيتعرضون للقتل».أمّا تركيا فليست بعيدة عن هذه التحضيرات العسكرية، وبالتالي فإن رئيسها سيعترض كلامياً. لكن همّ أنقرة منْع قيام دولة كردية على حدودها وهذا ما يلتقي مع هدف الرئيس الأسد.وبسقوط مدينة عفرين الكردية لم تبقَ إلا مدينتيْ عين العرب (كوباني) والقامشلي في مقاطعة الجزيرة تحت سيطرة الأكراد وأميركا. وقد وافق الأكراد على عدم خيار الحرب بل خيار التفاوض مع الحكومة المركزية، وحضر أعضاء الوفد الكردي الى دمشق للبحث في نقاط كثيرة ومهمة للطرفين.وعلمت «الراي» ان الوفد الكردي طلب من دمشق أن تتحمل مسؤوليتها في ضمان الماء والكهرباء وإعادة الإعمار للمنازل المهدمة والمدارس والمستشفيات وكذلك السيطرة على سد الفرات وإصلاحه بعد الضرر الذي أصابه جراء القتال ضد «داعش». وطلب الأكراد حكم اللامركزية وليس الفيديرالية، وقد وافقت دمشق على ذلك لأنها أقرت هذا الحُكم عند تعديل الدستور العام 2012 حيث دعت المادتان 130 و 131 الى «اللامركزية والاستقلال المالي والاداري لهياكل الحكم المحلي»، وجرى دعْم القراريْن بالمرسوم التشريعي رقم 107 الصادر في اكتوبر عام 2011.ووافق الأكراد على ذلك ولكنهم اعترضوا على طريقة تطبيقه وطلبوا أن يكون هناك ضامن دولي. فردّت دمشق بأن لا مانع أن تكون روسيا هي الضامن، وفقاً للمصادر القيادية. ولم يتطرق الحديث بالتفاصيل الى الثروات الطبيعية (النفط والغاز) في مناطق الأكراد وكيفية توزيعها وأمور أخرى أمنية لا يزال الحديث فيها مبكراً ويتطلب لقاءات أخرى. وقد عرض الأكراد مساعدة الجيش السوري في معركته ضد الإرهاب وهذا يعني «جبهة النصرة» (هيئة تحرير الشام) وغيرها في إدلب.وهكذا، تسير المبادرة خطوتها الأولى ولكنها الخطوة الصحيحة، لأن الأكراد يعلمون أن أميركا لن تحميهم إلى الأبد، ولهذا اختار هؤلاء غصن الزيتون وليس البندقية مع دمشق.وتختم المصادر: «إنها مسألة وقت قبل أن تعلن واشنطن انسحابها لتجد مخرجاً هادئاً. ومن الممكن ان تنتظر لترى أداء الجيش السوري في ادلب، الا ان النتيجة أصبحت مضمونة. وسورية تمضي نحو نهاية حربها الطويلة التي تُكتَب فصولها الأخيرة».

مشاركة :