قال الرئيس اللبناني ميشال سليمان إن «هناك أخطاراً داخلية ناتجة من الانقسام السياسي الأعمى والحسابات الظرفية والقراءات الملتبسة والرهانات الخاسرة على ما يجري في محيطنا العربي، لا سيما في الشقيقة سورية». ورأى أن أخطر ما في هذه الرهانات اقتناع كل طرف بأن مصلحة الوطن ترتبط قطعاً بوصول فريقه الى السلطة فتستقيم عندها المؤسسات ويسود الأمن وتعلو كلمة القضاء، وكأن ذلك يمكن أن يحصل بين ليلة وضحاها أو بسحر ساحر. كلام سليمان جاء في خطاب ألقاه عصر أمس في احتفال المديرية العامة للأمن العام بالعيد الثامن والستين لتأسيسه، ولفت فيه الى المهمات الإضافية المنوطة به، ومنها التنسيق مع أجهزة أمنية خارجية في عدد من القضايا، خص منها بالذكر «قضية مخطوفي إعزاز الذين حان الوقت لإنهاء معاناتهم التي نعمل على متابعتها باستمرار»، وذلك في إشارة مباشرة الى الجهود التي يتولاها في هذا الشأن المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم. وقال سليمان إن التصدي للأخطار المحدقة بلبنان هو مسؤولية جماعية تنطلق من التسليم بسيادة حكم القانون واحترام الدستور، معتبراً أن على القادة السياسيين تأمين الحد الأدنى من الاتفاق على بناء البيت الوطني الواحد والجامع والإيمان بمؤسسات الدولة والحفاظ على ديمومتها لأن العمل المؤسساتي هو الضمان الدائم لسير عجلة الدولة في كل الظروف. وأكد أنه «إذا كانت السياسة تتبدل وتتغير وفق المصالح، فإن المؤسسات تبقى ثابتة ومثابرة على تأمين حاجات المواطنين وإدارة شؤونهم من دون أن تتأثر بالخلافات السياسية ولا بالتعثر السياسي أو الفراغ في المؤسسات الدستورية». ثم توجه بـ «كلمة حق» الى كل مسؤول ومواطن، دعا فيها الى «أن نرفع أيدينا عن الإدارة ونتصالح مع القانون حفاظاً على هيبة الوظيفة وعلى حقوق المواطن». وشدد سليمان على أن «نترك الهيئات القضائية والرقابية والمحاكم الدستورية سيفاً عادلاً لتصحيح كل خلل وجموح في أفعالنا، ولتكن أحكامها عادلة ورادعة بالاستناد الى وقائع ومعطيات موثوقة تزودها بها الأجهزة المختصة». في غضون ذلك، جدد رئيس الحكومة المكلف تمام سلام رفضه إعطاء ما يسمى بالثلث الضامن في الوزارة لأي فريق. وقال بعد لقاء تشاوري مع سليمان في بعبدا: «أنا واضح في هذا الأمر من أول الطريق، موضوع تأليف حكومة تبدأ وتنطلق بالتعطيل ليس فيه فائدة، ولكن تمسكي بعدم التعطيل هو من أجل تسهيل وتفعيل عمل الحكومة ببعده الوطني وليس من أجل عرقلته أو تكبيله من أول الطريق بعناصر سلبية». وتزامن موقف سلام مع تراجع الآمال المعقودة على إمكان التوصل الى تفاهم على تشكيل حكومة جامعة، بسبب إصرار «حزب الله» على أن يتمثل مع حلفائه بالثلث الضامن في الحكومة، وهذا ما لا يؤيده سلام المدعوم من قوى 14 آذار. لكن انخفاض منسوب التفاؤل بتأليف الحكومة، دفع سلام الى التأكيد أن «أمانة تأليف الحكومة والتكليف هي غالية عندي لأن التأييد الشعبي الذي لمسته وما زلت طوال الخمسة أشهر هو الذي دفعني الى عدم التخلي عنها، وفي اللحظة التي أشعر فيها أن الأمر أصبح فيه ضرر أو أذى على البلد وعلى الناس لن أتأخر دقيقة في اتخاذ الموقف المناسب». وتحدث سلام عن الشروط والشروط المضادة والعقبات التي تؤخر تشكيل الحكومة، وقال: «لن يكون من السهل أن نلتقي ونجتمع معاً في تشكيل هذه الحكومة». ومع أن سلام تجنب الدخول في تفاصيل المبادرة التي أطلقها رئيس المجلس النيابي نبيه بري أو التعليق عليها، فإنه أكد في المقابل أن الحوار بشكل عام مطلوب لحل الكثير من القضايا الكبيرة في لبنان، «لكن موضوع تشكيل الحكومة هو مسؤولية الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية الذي أتشاور معه باستمرار». وفي سياق العقبات التي ما زالت تعترض تشكيل الحكومة، ولجوء كل طرف الى رمي مسؤولية التعطيل على الآخر، كان لافتاً أمس الموقف الذي صدر عن «حزب الله» من خلال بيان لكتلة «الوفاء للمقاومة» بعد اجتماعها، وفتح فيه النار على فريق 14 آذار وحمّله مسؤولية ما آلت إليه الأمور «نتيجة إصراره على العرقلة والتعطيل لجلسات المجلس النيابي». وكذلك مسؤولية تعطيل تشكيل الحكومة عبر وضعه الشروط والمحددات التعجيزية أمام الرئيس المكلّف، الأمر الذي يؤكد رفض هذا الفريق المشاركة الحقيقية وتعمده إحداث فراغ في السلطة انتظاراً لمتغيرات يتوهم أنها ستمنحه الفرصة المناسبة للتفرد في حكم البلاد».
مشاركة :