وسائل التواصل الاجتماعية.. أكثر من مجرد اتصال وتسلية!

  • 7/30/2018
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

بدأ الإنسان بالتواصل مع الآخرين من خلال الإشارة، ثم الحديث، فالرسم، ثم الكتابة، وقد استغرق هذا التواصل معظم التاريخ البشري، وفي منتصف القرن العشرين الميلادي، تسارعت وتيرة التطور التقني بشكل غير مسبوق في مجالات الاتصالات، والمعلومات، والحاسبات، وتكاملت هذه المجالات الحيوية لتطلق ثورة تقنية ضخمة، أنتجت الانترنت والهاتف النقال (الجوال)، والتي غيرت الطريقة التي يعيش بها الإنسان، متجاوزة وظيفة الاتصال التقليدية، ومقدمة خدمات جديدة، أبرزها وسائل التواصل الاجتماعية (السوشل ميديا) التي تقدم مضامينها بأساليب متنوعة، وبسرعة فائقة، وتفاعلية غير مسبوقة، مما أدى إلى تطورات مماثلة غيرت من صيغ التواصل البشري، وطرق الاستقبال للمعلومات، وأحدثت تحولات عميقة في تفاصيل الحياة اليومية، وأبرزت عادات اتصالية جديدة، وربما أعادت صياغة العلاقات الأسرية والاجتماعية. وبعد مضي عشرين عاما من ظهورها؛ تبدو وسائل التواصل الاجتماعية هي المسيطر الافتراضي الأقوى على حياتنا اليومية، وتمكنت من إحداث تغيرات نوعية في مستويات المعيشة. فاليوم قد يشكل سوء استخدام سناب شات تهديدا حقيقيا للعلاقة بين زوجين، وربما تؤثر إشاعة ما في واتس اب على واقع خدمة أو منتج ما، وقد يؤثر وسم (هاشتاق) في مسارات الحوار الوطني، وربما تؤثر تغريدة ما في تويتر على مسار الخطاب الاجتماعي، وقد يدفع مقطع فيديو على يوتيوب إلى تغيير أولويات التغطية الإخبارية لوسائل الإعلام التقليدية. هذا التغلغل الواضح لوسائل التواصل الاجتماعية في مفاصل الحياة دفع للتحوط من هذه الوسائل وتجنب استخدامها، أو التردد في التفاعل معها، خوفا من تأثيراتها السلبية، غير أن الافتراضي المسيطر على الواقع يؤكد، وفي أمثلة عديدة أن من يقاطع وسائل التواصل الاجتماعية لن ينجو! بل سيفشل! في مطلع العام الحالي سجلت المملكة أعلى نسبة نمو سنوي عالميا من حيث الزيادة في عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعية بلغت 32%، مقارنة بالمتوسط العالمي البالغة نسبته 13%، حيث زاد عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعية في السعودية مقارنة بالعام الماضي بأكثر من 6 ملايين مستخدم، ليبلغ العدد الإجمالي 25 مليون مستخدم نشط. وعلى الصعيد العالمي جاءت السعودية في المرتبة الثالثة في استخدام تويتر، وفي المرتبة الـ 12 في استخدام يوتيوب، وفي المرتبة الـ 23 في استخدام فيس بوك. وبلغ متوسط الوقت اليومي في استخدام خدمات الانترنت 6 ساعات و45 دقيقة، منها ساعتان و34 دقيقة في استخدام وسائل التواصل الاجتماعية، وضعتها في المرتبة الـ 16 على مستوى العالم، وفقا للتقرير السنوي لموقع (هوتسيوت) للرقمية وإدارة وسائل التواصل الاجتماعية. هذه الأرقام والإحصاءات يجب أن تعلق الجرس وتقرعه! ليس من باب التحذير والتخويف، بل من أجل زيادة العناية والاهتمام بالأبحاث والدراسات الاتصالية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية التي تتناول وسائل التواصل الاجتماعية، ولا سيما تلك المختصة بالعادات الاتصالية والاستخدامات الناشئة، والأثر أو التغيير الذي أحدثته هذه الوسائل على سلوكيات الفرد، أو الروابط الأسرية، أو البيئة التعليمية، أو العلاقات الاجتماعية، وتحديد أهم الآثار النفسية المرتبطة بدوافع استخدام هذه الوسائل. هذا الاستثمار في دراسة شؤون وسائل التواصل الاجتماعي سيمنحنا رؤية أفضل للمستقبل، وسيحفزنا لاتخاذ قرارات فردية واجتماعية ووطنية وفق معطيات دقيقة، فلم تعد وسائل التواصل الاجتماعية للاتصال والتسلية!

مشاركة :