كيف يمكن «لهيئة فض المنازعات».. حل أزمة قطر؟؟

  • 7/31/2018
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

منذ أزمة قطر التي تفجرت في 5 يونيه 2016، لم يجتمع المجلس الوزاري لدول مجلس التعاون. هذا المجلس الذي يضم وزراء خارجية الدول الست الأعضاء والمسؤول عن تنسيق الحد الأدنى للسياسة الخارجية لمجلس التعاون ورفع تقارير لجان مجلس التعاون المختلفة الاقتصادية والامنية والعسكرية والاجتماعية وغيرها للمجلس الاعلى الذي جرت العادة ان يجتمع مرتين في العام، الاولى في اجتماع تشاوري في منتصف العام والثاني اجتماع القمة الذي تستضيفه احدى دول المجلس حسب الترتيب الأبجدي في ديسمبر من كل عام. ألا أن ذلك الترتيب الذي استمر 37 عاما توقف منذ عام 2016 مما ادى الى تعطل او شلل اعمال المجلس ولجانه المختلفة. اجتمعت القمة الخليجية بالكويت، الا انها جاءت باهته رغم جهود امير الكويت الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح لإنجاحها الذي لم يتحقق، فخرجت القمة «بخفي حنين» اي بلاشي الا الاتفاق على عدم مناقشة الازمة القطرية الذي يعني انها ستظل مستمرة بلا حل مادامت قطر تنهج سياسة المغامرة والعند والمزاج وعدم ادراك العمق الاستراتيجي والأمن الخليجي الذي يقوم أساسا على حماية المكتسبات الخليجية ووحدة دول مجلس التعاون. وبهذا الموقف تعتمد قطر على: 1. موقف أمريكي له مصالح خاصة في المنطقة، هذه المصالح قد لا تتطابق بالضرورة مع مصالح الدول الأربع المقاطعة التي اتخذت الإجراءات ضد قطر. ويجب ألا ننسى بأن لأمريكا مصالح عسكرية خاصة بعد اعلان قطر مؤخرا عن توسعة «قاعدة العديد» وتعزيز الوجود الامريكي بشكل عام في المنطقة بأنشاء قاعدة جوية كبيرة في الكويت بحلول عام 2022. 2. تحالفاتها الامنية والعسكرية مع تركيا وإيران وثروتها الكبيرة من النفط والغاز التي سوف تمكنها من الصمود - كما تعتقد- وعدم الالتزام بقائمة الشروط الـ13 التي تطالب بها الدول المقاطعة. 3. خطة إعلامية طويلة المدى معتمدة فيها على «قناة الجزيرة» التي كرست كل طاقاتها وإمكاناتها وفي وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي الاخرى لتحقيق أهدافها، وأقرب دليل على ذلك ما أعلنته وزارة الداخلية في البحرين من توظيف قطر لآلاف الحسابات الوهمية على صفحة (التوتر) للتدخل في الانتخابات القادمة. وعلى الرغم من كل ذلك، هناك أمور ومؤشرات قد يكون لها تأثير في تغيير مسارات موقف الدول المقاطعة وقطر منها: أولاً: توقيت زيارة وزير الخارجية السعودي عادل الجبير مؤخرا الى الكويت والمباحثات التي اجراها مع سمو امير الكويت والتوقيع على انشاء المجلس التنسيقي الاعلى بين البلدين مما يعطي مؤشرات قوية بأن الأشهر القليلة القادمة قد تشهد تطورات إيجابية قد تكون مقدمة لحدوث انفراج في الازمة القطرية والعلاقات الخليجية الخليجية المتوترة بعد التطورات المتسارعة فيما يتعلق بتطورات ألغاء الاتفاق النووي الايراني والتهديدات المتبادلة بين واشنطن وطهران مؤخرا. ثانياً: ما تتناقله الأوساط الدبلوماسية حول الاجتماع الذي سيعقد في واشنطن بتاريخ 7 أكتوبر 2018 بين الرئيس دونالد ترامب وامير الكويت الذي يقود جهود وساطة لحل الازمة القطرية رغم استياء السعودية والإمارات من الموقف الكويتي من الازمة القطرية الذي تعتقد بأنه كان مشجعاً لقطر في تماديها وتصلب موقفها، الا انها ابقت الباب مفتوحا امام الوساطة الكويتية من جانب والأمريكية من الجانب الاخر والتي على مايبدو إنهما لم تحسما أمرهما لاسباب قد تعود الى التطورات والتهديدات الاخيرة في العراق وإيران. بالعودة الى الازمة القطرية، فأنا اعتقد ان على الدول المقاطعة وقطر اعادة النظر في مواقفهم حيث ان التهديدات القائمة والقادمة سيكون لها انعكاسات خطيرة على كيان دول مجلس التعاون ككل، ولابد من استمرار الجهود لاعادة اللحمة الخليجية وازالة الخلافات لانه من الصعب علينا كخليجيين ان نرى هذا البناء والصرح السياسي والاقتصادي الكبير يتهاوى بعد 37 عاما من العطاء وكان غاب قوسين او أدنى من الوحد او الاتحاد في ديسمبر 2011، عندما دعا المغفور له الملك عبدالله بن عبدالعزيز في قمة الرياض الى انتقال مجلس التعاون من التعاون الى الاتحاد، لذلك ليس سهلاً ان ينتهي كل شيء بسبب خلافات تم بالفعل تجاوز بعضها ولو حُكِمَ العقل قليلا وخفف الطرفان من تصلب مواقفهم. اعتقد ان الاتفاق على مبادئ مسيرة مجلس التعاون وخطة عمل جديدة تحدد مسارات التعاون السياسي والامني الخليجي يلتزم بها الجميع سيكون أمرا مهما يساعد على حل الازمة، على ان يتبعها فورا اعادة النظر في النظام الاساسي لمجلس التعاون خاصة ما يتعلق بتفعيل عمل (هيئة فض المنازعات) وهي الهيئة التي نص عليها النظام الاساسي منذ التوقيع عليه في ابوظبي (مايو 1981) ولم تنط به مسؤولية إيجاد حلول للعديد من المشاكل السياسية والحدودية والاقتصادية بين دول مجلس التعاون طيلة العقود الأربعة الماضية. لذا فإن تفعيل عمل الهيئة والاتفاق على حزمة من الجزاءات التي تطبق على الدولة او الدول غير الملتزمة بقرار او حكم الهيئة وتعيين عدد الشخصيات ذات الخبرة السياسية والاقتصادية والقانونية المستقلة لكل قضية او مشكلة، سوف يساعد على نزع فتيل الخلافات وإيجاد الحلول العادلة لها وازالة حالة التوتر والاحتقان في العلاقات الخليجية الخليجية، كما انه سيؤدي الى الفصل بين اعمال وأنشطة مجلس التعاون في كل القطاعات والمشاكل والقضايا الثنائية بين الدول الأعضاء، التي تنظرها «هيئة فض المنازعات المستقلة» ولديها الصلاحيات المطلقة والتامة بما يضمن ان يكون لقرارتها صفة الإلزام والالتزام والتنفيذ من الدول. وفِي حالة عدم التزام الدولة التي وقع عليها الحكم بالتنفيذ يتم تطبيق الجزاءات المتفق عليها. وهذا سوف يؤدي الى استمرار مسيرة المجلس ومؤسساته وقيام لجانه بدورها السياسي والاقتصادي والاجتماعي بمنأى عن الخلافات الثنائية ويدعم المسيرة المباركة في طريق التكامل والوحدة والاتحاد المنشود الذي نصت عليه المادة الرابعة من النظام الاساسي لمجلس التعاون. المحلل السياسي للشؤون الاقليمية ومجلس التعاون.

مشاركة :