الأطفال في سوق تجارة الرقيق

  • 12/19/2014
  • 00:00
  • 27
  • 0
  • 0
news-picture

في بعض الأماكن المنكوبة في العالم تتعرض الفئات المستضعفة إلى الكثير من الاضطهاد والتعنيف. وطبعا دائما مايكون للنساء والأطفال حظ أسوأ في هذه الحالات وإذا كانت الطفلة أنثى فاللعنة تتضاعف عليها، فهي مستضعفة لسببين: لكونها أنثى ولكونها طفلة. ووضع الأطفال في نيبال ــ وخاصة الفتيات منهن ــ مثال لذلك. فالفقر المدقع والجهـل والاضطرابات السياسية تؤمن بيئة مريضة تزرع الخوف وعدم الاستقرار والانحطاط الخلقي بين الناس، فتنتشر حالات الاختطاف والتجارة بالأطفال الإناث اللواتي أحيانا يكن في سن صغيرة جدا، فبعضهن مثلا في السابعة من العمر، فتتلقاهن دور البغاء وغيرها من الأماكن التي تجبرهن على ممارسات غير أخلاقية وأعمال شاقة لا تتناسب مع أعمارهن الصغيرة. والمفزع في الموضوع هو أن الزبائن المنحرفين يفضلون صغيرات السن لخوفهم من الأمراض مثل الإيدز وغيره ولاعتقادهم أن احتمالات إصابة صغيرات السن بالأمراض المعدية أقل بكثير من الكبار. فكلما صغر عمر الفتاة ارتفعت قيمتها بوسط تجارة الرقيق. والتجارة مدروسة ويتم الاستعانة بكوادر طبية لدعمها فيتم حقن البنات الصغيرات بالهرمونات لجعلهن يكبرن أسرع ويبدون أكبر عمرا من أعمارهن الحقيقية. ولوجود الحدود الجغرافية السهلة العبور بين نيبال والهند يتم تهريب بعض من هؤلاء الفتيات إلى الدول المجاورة أو أماكن أخرى عبرها ليعملن في دور البغاء أو الملاهي الليلية أو الحـانات أو حتى في بيـوت الأثـرياء للخدمـة والأعـمال غيـر الأخلاقية. وانتشار الفساد والفقـر وتـردي الأخلاقيات ساعد على إمكانية شراء ضمائر بعض المسؤولين عن دور الأيتام. فبالإضافة للاستفادة الشخصية من أموال التبرعات فإنهم يقومون ببيعهـن لتجار الرقيق مقابل عوائد مادية كبيرة. وعدد الأسر التي تقوم طواعية ببيع بناتها يكاد يكون معدوما رغم الفقـر الشديد، ولكن ما يحدث عادة هو أن جهات معينة تتخذ شكلا حرفيا تقنع الأهل الساكنين في القرى الصغيرة بوجود وظائف لفتياتهـم في المدينة برواتب مغرية، ونظرا للفقر الشديد المتفشي بين الناس وخاصة في القرى، ولانعدام العنصر الأمني بسبب الحرب الأهلية، يدفع الأهل بأبنائهم الذكور إلى المدينة ليعملوا في أي عمل فهو أفضل من تجنيدهم إجباريا في القوات المحاربة. ويدفعون ببناتهم للعمل في المدينة لخوفهم عليهن ولأنهم أيضا يجدون مشقة في إطعامهن. بل ويدفع الكثير من الأهل المال لهؤلاء المنقذين المزعومين الذين يعدونهم بتوفير الغذاء لبناتهم والفرص التعليمية والوظائف لهن. فتجار الرقيق يكسبون المال من جميع الطرق: من الأهل المنكوبين بالفقر والحالمين بشراء مستقبل أفضل لبناتهم، ومن دور البغاء التي يمولونها بالعنصر البشري الغض. تذهب الفتاة وهي تحلم بالعمل في مصنع أو متجر لتفاجأ بالحقيقة المفزعة وحتى لو استطاعت الهـرب والعودة إلى أهلها فغالبا ما يرفضها الأهل لأنها جلبت لهم العار والخزي بين الناس، إضافة إلى أن نسبة كبيرة منهن يعدن معنفات أو مريضات ومصابات بفيروسات مثل الـHIV مما يجعل مجتمعهـن ينبذهـن تماما. ورغم أن المنظمات العالمية مثل اليونيسيف تبذل مجهـودات كبيرة في لم شمل الفتيات بأسرهـن إلا أن الجهل والتقاليد الاجتماعية مازالت أقوى. ورغم وجود بعض الجهات الإنسانية العالمية التي تتطوع بإيـواء هؤلاء الفتيات في دور خاصة وتوفير الطعام لهـن وتعليمهـن القراءة والكتابة وبعض المهـن للانخراط بالمجتمع وكسب لقمتهـن بالعمل الشريف إلا أن المجتمع مازال ينظـر لهـن نظرة دونية رغم كونهـن ضحايا وهذا ليس مستغربا في الأوساط الجاهلة في العالم للأسف الشديد التي تدين الضحية أحيانا أكثر من الجاني، فالضحية مستضعفة ولذا فهي ضحية أما الجاني فغالبا ما يستمد قواه من أنظمة ذكورية أو اجتماعية أو اقتصادية تدعمه في استمرار طغيانه. حسب الإحصائيات هناك أكثر من مليون ونصف طفل في نيبال من ضحايا الرقيق البشري وأعمارهم تتراوح مابين السابعة إلى الخامسة عشرة من العمر.. ولكن مازال هناك بعض الخير في هذا العالم، فبعض الهيئات العالمية والأفراد المحبين للخير ــ ولي منهم صديقة ايرلندية ــ يتطوعون لتحسين الأوضاع المعيشية لهؤلاء الفتيات سواء بالتبرعات المادية أو العينية أو بعرض الخدمات والمجهـودات والوقت. وتوجد مراكز طبية لعلاج المصابات منهـن بالأمراض، ومراكز للعلاج النفسي لهـن بل وتوفر لهـن بعض الجهات الخيرية دعما ماديا للبدء في مشاريـع صغيرة تعينهـن على الحياة بشرف وكرامة.

مشاركة :