قال الفيلسوف.. ابن خلدون والتاريخ

  • 7/31/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

"التاريخ في ظاهره لا يزيد على أخبار عن الأيام والدول السوابق من القرون الأولى، تنمق فيها الأقوال وتضرب الأمثال.. لكنه في باطنه نظر وتحقيق، وتعليل للكائنات ومبادئها دقيق، وعلم بكيفيات الوقائع وأسبابها عميق، فهو لذلك أصيل في الحكمة عميق"هكذا لم يكن الهدف بالنسبة لابن خلدون تقديم كتاب بأحداث التاريخ على نحو ما صنع المتقدمون عليه، بل خلق التاريخ بالأدوات التي يمده بها العلم، وفي الوقت الذي عارض فيه ابن خلدون أهل النظر المحض من الفلاسفة وأصحاب الكيمياء والتنجيم، تبنى المبادئ المنهجية الواقعية للعلوم الدقيقة، طلب الموضوعية، وصرامة التحليل للظاهرات الاجتماعية- السياسية. ويتوقف ابن خلدون كثيرا في تأمله في علة أحداث الماضي وكيفيتها، عند الواقعة السوسيولوجية بوصفها بنية جدلية أساسية للتاريخ ليعيد عقد الصلة في التيارات التاريخية بين السياسة والاقتصاد والثقافة.يلي ذلك تحليل لمجتمعات شمال أفريقيا التاريخية بوصفها وحدة منتجة للسلع والثقافة للمجتمع البدوي من جهة، والحضري من جهة ثانية، علما بأن كل نزوع الأول هو الانخراط في الثاني، وبقدر كبير من الواقعية، وبلا أدنى ضعف أو تهافت، يتطرق إلى مشكلات سيادة الدولة وهرمية السلطة المركزية، ويدرس عملية انتاج الثروات ومراكمتها ومسعى الخلق إلى الكسب والربح، ويحلل المهن والعلوم والتقنيات في تطورها الاجتماعي، ويتردد بقلمه تكرارا مفهوم "قيمة العمل" مما جعل بعضهم مؤخرا يعد ابن خلدون راشدا للمادية التاريخية.ان كتاب ابن خلدون يهيمن بكل عظمته على عصره، علما بأن المجتمع الإسلامي الذي رأى فيه النور كان أرسى برسوخ تقليد الكتابة التاريخية الموسعة بالمقارنة مع ضآلة مثيلتها في الغرب المسيحي، ومع ذلك فإن تلك الخلاصة التاريخية الجامعة الحبلى بالأفكار الجديدة الحية. التي هى "مقدمة ابن خلدون" لن تفتح للمغرب دروب المستقبل التي رنا إليها مؤلفها، فمعاصروه لن يعيروا آذانا صاغية لدروس الماضي.تقول عنه "هيلين بروتون" ان ابن خلدون، الفيلسوف وعالم الاجتماع والمؤرخ الأول للعمران البشري، يحتل مكانة اليوم في مصاف كبار الرواد للعلم التاريخي الحديث. هذا هو الفيلسوف والمؤرخ وعالم الاجتماع العربي أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن خلدون، المولود في تونس في 27 مايو 1332، الذي جاء إلى مصر بعد مصرع أخيه، وتولى تدريس الفقه المالكي وولي القضاء وكذلك اسندت له مهام دبلوماسية، فأوفد في عام 1401، إلى دمشق ليفاوض تيمورلنك على مصيرها، وأثناء وجوده في مصر حرر المجلدات الثلاثة من كتاب "العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر"، كما حرر سيرته الذاتية التي ما أصابت شهرة كشهرة كتابه، رغم غناها بالمعلومات وكانت وفاته في القاهرة في 19 مارس 1406، ودفن جثمانه في مقبرة الصوفيين.

مشاركة :