نشرت صحيفة «موسكوفسكى كومسمولتس» مقالًا تحت عنوان «لماذا لا تحتاج روسيا لصداقة الولايات المتحدة»، للكاتب ميخائيل روستوفسكى، يقول الكاتب إنه شاهد حديثا لمندوبة الولايات المتحدة فى مجلس الأمن، نيكى هيلى، تقول فيه «إن روسيا لن تكون أبدًا صديقة لنا»، ويرد الكاتب بأنه يتفق مع ذلك تمامًا، فلا أمريكا ستكون صديقة لروسيا، ولا روسيا ستكون صديقة لأمريكا على الإطلاق، كما قالت هيلى «هذه حقيقة».ويستشهد الكاتب بأحداث تاريخية للتدليل على صحة وجهة النظر هذه، فيقول إنه أثناء الحرب اليابانية، الروسية التى دارت رحاها فى الفترة ١٩٠٤ـ ١٩٠٥ لم تخف الإدارة الأمريكية آنذاك بقيادة تيودور روزفلت تعاطفها مع اليابان، وبعد أربعين عامًا أى عام ١٩٤١، اصطدمت الولايات المتحدة فى عهد الرئيس فرانكلين روزفلت بهجوم القوات الجوية اليابانية المفاجئ على القاعدة البحرية الأمريكية فى هاواى (قاعدة بيرل هاربر).ويسترسل الكاتب روستوفسكى فى ضرب الأمثلة، ويقول إنه قبل الثورة الإسلامية فى إيران ١٩٧٩ كانت هذه الدولة من أقرب الحلفاء للولايات المتحدة، وانظروا فى الوقت الحالى على الأقل فى عهد ترامب تعتبر إيران العدو اللدود لوشنطن.ويصف الكاتب فى نفس السياق علاقة الولايات المتحدة بالاتحاد السوفييتى، فقد ذهبت أعداد غفيرة من المواطنين السوفييت فى ٩ مايو عام ١٩٤٥ (عيد النصر على الفاشية) إلى السفارة الأمريكية بموسكو، وتعبيرًا عن شكرهم للولايات المتحدة على المساعدات التى قدمتها لتحقيق النصر، كان من يخرج من الدبلوماسيين الأمريكيين إلى المتظاهرين، يحملونه ويلقون به فى الهواء ويعودون لالتقاطه مرة أخرى على طريقة لاعبى الكرة بمدربهم بعد تحقيق نصر كروى، للتعبير عن العلاقة الحميمة برفاق السلاح.ويفترض أنه ليس هناك أساس يمنع من أن تغير بكين على سبيل المثال من سلوكياتها الحالية، وتتحول عن سياسة ضبط النفس التى تنتهجها تجاه الأحداث الدولية، ويؤكد أن هذا سيؤدى إلى تقارب روسى ـ أمريكى بلا شك.ويعرب عن أسفه من أننا نعيش فى عالم اليوم بحالته الراهنة، ويضيف فى عالم كما وصفته نيكى هيلى عندما قالت «نحن لا نثق فى روسيا، نحن لا نثق فى بوتين»، ونحن من جانبنا فى روسيا أيضًا ـ يرد الكاتب ـ لا نثق فى الولايات المتحدة، ولا نثق فى ترامب، ويعتبر بدون أى لوم أن كلا الجانبين على حق بطريقته. ويطرح الكاتب سؤالا حول كيفية الخروج من هذه الدائرة الجهنمية، من أجل الاستقرار فى العالم؟ ويجيب الكاتب بأنه لديه مفهوم واحد وهو عدم الخروج من هذه الحالة، ويقول إنه لا يجب أن نضع هدف التحول إلى أصدقاء حميمين أمام أعيننا، لأنه على حد قوله هذا لن يحدث، ولأنه هذا ليس ضروريا لا لهم ولا لنا، ويشير إلى أنه على مدى عشرات السنين من الحرب الباردة تعودنا على حالة المنافسة فيما بيننا، ويعتبر أن التخلى عن المنافسة سيحرمنا من الشعور بالراحة النفسية، ويضيف أن المواجهة فى الأساس تهدف إلى الهيمنة على العالم وربط دوله بقيم بعيدة كل البعد فى وجهات نظرها عن بعضها البعض، ويقول إن المواجهة موجهة لخرق النظام العالمى وقواعد النظام الدولى.ويعود الكاتب إلى تصريحات نيكى هيلى مندوبة الولايات المتحدة فى الأمم المتحدة، ويتساءل: ما إذا كانت تصريحاتها تعكس الواقع أم لا؟ ويقول أميل إلى أن الاستمرار فى الحوار مع بوتين بالنسبة لهيلى، هو فقط يدخل ضمن «اختصاصاتها الوظيفية» فقط، وليس «رغبة أصيلة»، ويعتقد أن أى موظف على هذا المستوى فى واقع الأمر لا يعتبر إلا عن رغبات رئيسه فى العمل، وهى فى هذه الحالة يجب أن تتقدم باستقالتها أو تقف مع الجميع فى الصف لتنفذ رغبات رئيسها فى العمل.ويختتم الكاتب مقاله بقوله، إن العلاقات الروسية ـ الأمريكية توجد الآن فى حفرة عميقة، يمكن الخروج منها ببطء وبالتدريج، وأحيانًا بالحوار المؤلم، ليس مع صديق ولكن مع منافس، وسنقول شكرًا لنيكى هيلى على الأقل لصراحتها.
مشاركة :