كتب - إبراهبم بدوي:تجهل بعض وسائل الإعلام الغربية ما يشكله تنظيم بطولة كأس العالم لكرة القدم (قطر ٢٠٢٢) من أهمية لدولة قطر قيادة وشعباً. وعبّر حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، عن هذا الاهتمام في تصديه شخصياً لحملات تهدّد بسحب البطولة، حيث أكد سموه من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال اجتماعها السنوي في سبتمبر ٢٠١٤، أن قطر سوف تستضيف كأس العالم ٢٠٢٢، وفي لقاء مع قناة سي إن إن الأمريكية قال سموه “على الناس أن يفهموا أن قطر لديها أفضل عرض وستقدّم واحدة من أفضل الكؤوس العالميّة في التاريخ وأنا متأكّد من ذلك”. وفي نوفمبر من نفس العام، قرّرت لجنة القيم في الفيفا بعد تحقيق دام ١٨ شهراً من قبل محامي مقاطعة نيويورك السابق مايكل جارسيا ببراءة قطر من اتهامات الفساد، مشدداً أنه لا توجد أدلة كافية لتبرير تجريد روسيا أو قطر من بطولتي ٢٠١٨ و٢٠٢٢. وفي ٢٧ يناير ٢٠١٥ عاد الترويج لمزاعم الرشاوى والفساد وسحب البطولة من قطر، وفي منتصف فبراير ٢٠١٥ جاء الرد على لسان حسن الذوادي الأمين العام للجنة المنظمة للبطولة، قائلاً إن قطر ضحية التحيز وإنه كان هناك تحيزاً واضحاً ضد قطر بعد تحقيق الفيفا في مزاعم الغش والفساد وجميع الدول التي قدمت العطاءات لكأس العالم ٢٠١٨ و٢٠٢٢ تم اتهامها ولكن بقي التركيز على قطر. وبعد استقالة بلاتر في يونيو ٢٠١٥، عاد الحديث عن الفساد داخل فيفا والتهديد بسحب تنظيم البطولة من قطر. وقال رئيس رابطة كرة القدم الإنجليزية وقتها جريج دايك إن مسؤولي ملف قطر يجب ألا يشعروا بالراحة لحقبة ما بعد بلاتر. من جانبها، رحبت قطر بتحقيقات شارك فيها مكتب التحقيقات الفيدرالية الأمريكية وتحقيقات سويسرية فيما لم يتوقف التهديد بسحب البطولة في عناوين للجارديان بأن إنجلترا مستعدّة لاستضافة كأس العالم ٢٠٢٢ بدلاً من قطر وذلك على لسان وزير الثقافة الإنجليزي.وفي ٧ يونيو ٢٠١٥ عنونت الجارديان تقريراً لها بأن “روسيا وقطر قد يفقدان كأس العالم في حال العثور على أدلة بالرشوة”. وقالت لجنة المشاريع والإرث “لقد واجهت قطر انتقادات من اللحظة الأولى التي فزنا فيها بالحق في جلب هذه البطولة للشرق الأوسط للمرة الأولى، وما زلنا ملتزمين باستخدام كأس العالم كمنصة لإنهاء التحامل والمفاهيم الخاطئة مع ترك إرث دائم لبلدنا وبقية المنطقة”. وأكد مسؤولون حكوميون في قطر على النزعة العنصرية السائدة في تناول بعض وسائل الإعلام الغربية لمونديال قطر، وقال سعادة الدكتور خالد بن محمد العطية حين كان يشغل منصب وزير الخارجية وقتها لرويترز “أعتقد أن هذه الحملة ضدّ قطر سببها التحيّز والعنصريّة”. دور مشرّف للجنة المشاريع والإرث في دحر المزاعم يسجل تاريخ فوز قطر باستضافة تنظيم مونديال ٢٠٢٢، مواقف مشرّفة للجنة العليا للمشاريع والإرث المسؤولة عن تنظيم البطولة وتصديها لموجات عنيفة من الحملات المشبوهة ودحرها مزاعم الفساد بحكمة وعقلانيّة. ويعدّ رد اللجنة على مزاعم فساد تم ترويجها في شهر يوليو عام ٢٠١١، تجسيداً لموقف قطر من أي مزاعم سابقة أو لاحقة، حيث قال السيد حسن الذوادي، الأمين العام للجنة العليا للمشاريع والإرث، بعد ثبوت براءة قطر من مزاعم فساد عام ٢٠١١ “ليس لدينا ما نخفيه ويمكن أن يخرج الكثير من الخير من البطولة، بكسر الأحكام المسبقة بين العالم العربي وباقي دول العالم، والتقريب بين الشعوب، إنه إرث عميق”. وأضاف “هناك استهداف لقطر وموجة الشكوك تغذّيها عوامل من بينها التعصّب المُعادي للعرب.. إذا فكرنا في فعل أي شئ غير لائق - وهو ما لم نفعله - فإن سُمعة وطننا ستكون في حالة يُرثى لها وهو على العكس تماماً مما نسعى لتحقيقه”. جميع الادعاءات مبنية على تقارير إعلامية دون أدلة وجهت قطر العديد من الصفعات المدويّة لتهديدات متكرّرة بسحب البطولة منها، وبدأ الحديث خلال شهر مارس ٢٠١٤ عن احتمال خسارة قطر لاستضافة المونديال وإعادة التصويت على البطولة بناءً على مزاعم جديدة بالفساد داخل الفيفا، واللافت أن معظم الاتهامات بالفساد لم تكن مبنيّة على أدلة دامغة أو حقائق موثقة وإنما تقارير إعلاميّة لصحف وقنوات مثل (صنداي تايمز وديلي تلغراف وبي بي سي). وفي مارس ٢٠١٤، قامت لجنة الأخلاقيات بالفيفا بالتحقيق في تقرير لصحيفة ديلي تلغراف حول طلب عضو لجنة تنفيذية سابق دفعات أكثر من مليوني دولار من رئيس الاتحاد الآسيوي السابق بعد فترة وجيزة من التصويت لكأس العالم. وعلى نفس المنوال، نقلت صحيفة الجارديان عن “صنداي تايمز” أيضاً حصول الأخيرة على الملايين من رسائل البريد الإلكتروني بزعم مدفوعات قدمها رئيس الاتحاد الآسيوي السابق، لرؤساء ٣٠ اتحاداً إفريقياً لكرة القدم للحصول على الدعم لدولة قطر. وفي أول يونيو ٢٠١٤ طالب رئيس الاتحاد الأسترالي ديفيد غالوب بعدم استثناء بلاده من منافسات استضافة بطولة ٢٠٢٢ إذا ما أدّت ادعاءات الفساد ضد قطر إلى إعادة التصويت، ولم يتوقف التهديد بسحب البطولة من قطر والحديث عن أن الفيفا تحت الضغط لإعادة التصويت على كأس العالم ٢٠٢٢ بعد مزاعم الرشوة وأن أستراليا واليابان ومقدمي العروض الآخرين لاستضافة البطولة ينضمّون إلى الدعوة بإعادة التصويت. وجاء الرد القطري من اللجنة العليا للمشاريع والإرث، بعدم إنكار العلاقة الطبيعية والمهمة مع عضو له صوت في اللجنة التنفيذية ورئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، موضحة أنه رغم كونه قطرياً إلا أنه لم يكن عضواً في فريق العطاء القطري. ورغم تأكيد نتائج التحقيقات في لجنة الأخلاق عام ٢٠١٤ على براءة ملف قطر من هذه المزاعم، إلا أن الهجوم على مونديال قطر لا يتوقّف. لا تنازل عن حلم القطريين والعرب بتنظيم أول مونديال في المنطقةاســتراتيجية قطر في مواجهة حملات التشـــويهالالتزام بلوائح الفيفا وإنجاز المشروعات وفقاً للجداول الزمنية تبدو قطر أمام تحد مألوف بالنسبة لها منذ فوزها بشرف تنظيم بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، حيث اكتسبت قطر خبرة كبيرة في مواجهة العديد من الحملات التي كانت أكثر قسوة وشراسة. ويؤكد تاريخ هذه الحملات وطريقة التعامل معها إلى اعتماد قطر على استراتيجية ومنهج عام ركيزته أنه لا تنازل عن حلم القطريين والعرب بتنظيم أول مونديال في منطقتنا العربية والشرق أوسطية، وكذلك الالتزام بشكل صارم بجميع قواعد ولوائح الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”، ويضاف إلى هذه الركائز، ثبوت براءة ونزاهة ملف قطر من مزاعم الفساد وشراء الأصوات وفقاً لتحقيقات دامت قرابة العامين بقيادة المحامي الأمريكي مايكل جارسيا، واتخاذ قطر خطوات عملية لتعزيز حقوق العمالة بإصلاحات نالت إشادة المنظمات الحقوقية والمجتمع الدولي، إلى جانب إنجاز مشروعات المونديال وفق الجداول الزمنية المحدّدة، وتأكيد أن البطولة فرصة لتغيير الصورة النمطية عن منطقتنا المزدحمة بالأزمات وأن مونديال قطر 2022 سيبقى إرثاً مهماً للشعب القطري وشعوب المنطقة. الحملات المشبوهة تستند على روايات مختلقة لشخصيات حاقدةلجان التحقيق لم تجد أدلة لإدانة قطر تظهر قراءة سريعة لأهم فصول الهجوم على مونديال قطر في السنوات الماضية، اتباع بعض وسائل الإعلام الإقليمية والدولية، نفس السيناريوهات والأساليب بالاعتماد على روايات غير موثقة لشخصيات حاقدة، بعضها لديه دوافع انتقامية ضد قطر بعد انتهاء فترة عمله بها، وغالباً ما يتم تسميتهم بصاحب البلاغ أو المخبر وبالإنجليزية “whistleblower“ وهو الشخص الذي يبلغ عن تورّط شخص أو مؤسسة في عمل غير مشروع. وفي عام ٢٠١١ مرّت قطر بتجربة مشابهة مع ذات الصحيفة “صنداي تايمز”، حيث قالت الصحيفة في يونيو ٢٠١١، إنها تلقّت رسائل بالبريد الإلكتروني من مخبر أو whistleblower يزعم دفع قطر رشاوى لعضوين في اللجنة التنفيذية بالفيفا للتصويت لصالح استضافتها لمونديال ٢٠٢٢. وبعد ادعاءات مباشرة ضد ملف قطر تم الكشف في يوليو ٢٠١١ عن أن شخصية تدعى فيدرا الماجد وراء هذه الادعاءات وأنها كانت متخصّصة في الإعلام الدولي بملف قطر ٢٠٢٢ في الفترة من مايو ٢٠٠٩إلى مارس ٢٠١٠ وقالت إنها قامت بفبركة قصص الرشاوى ومزاعم الفساد الأخرى انتقاماً لفقدان وظيفتها في قطر. وقالت إنها كانت غاضبة من رأي القائمين على العطاء القطري للمونديال بأنها لا تتعامل مع وسائل الإعلام الدولية بكفاءة ولذلك قرّرت اختلاق قصص الفساد لتبيّن لهم قدرتها في السيطرة على وسائل الإعلام الدولية.. وفي ١١ يوليو ٢٠١١ أعلن الفيفا تلقيه رسالة بالبريد الإلكتروني من صاحبة البلاغات تفيد سحب مزاعمها ضد قطر. وفي عام ٢٠١٤، تكرّرت نفس المهزلة من نفس الصحيفة “صنداي تايمز”، حين قالت إنها حصلت على الملايين من رسائل البريد الإلكتروني بزعم مدفوعات قدّمها رئيس الاتحاد الآسيوي السابق لرؤساء ٣٠ اتحاد إفريقي لكرة القدم للحصول على دعمهم لدولة قطر. وقامت لجنة القيم بالفيفا بالتحقيق في تقرير آخر لصحيفة ديلي تلجراف البريطانية حول طلب عضو سابق باللجنة التنفيذية دفعات بأكثر من مليوني دولار من رئيس الاتحاد الآسيوي السابق أيضاً بعد فترة وجيزة من التصويت لكأس العالم.. وفي نوفمبر ٢٠١٤، وبعد تحقيقات دامت قرابة العامين حول ملفي روسيا ٢٠١٨، وقطر ٢٠٢٢، برئاسة المحامي الأمريكي مايكل جارسيا، تقرّر براءة ملف قطر من هذه الاتهامات وأنه لا توجد أدلة لتبرير تجريد روسيا أو قطر من بطولتي ٢٠١٨ و٢٠٢٢. فوز قطر بشرف الاستضافة .. علامة فارقة في تاريخ المنطقة في الثاني من ديسمبر عام ٢٠١٠، كانت قطر على موعد مع التاريخ بإعلان فوزها باستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم ٢٠٢٢ لأول مرة في منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي. وشكّلت اللحظة التي كشف فيها رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم السابق سيب بلاتر عن اسم الدولة الفائزة باستضافة مونديال ٢٠٢٢ علامة فارقة في تاريخ دولة قطر والعالمين العربي والإسلامي، باعتبارها أول دولة عربية وإسلامية تفوز باستضافة أكبر حدث في عالم كرة القدم وما يتعلق بها من قلوب الملايين وربما مليارات المشجعين حول العالم. وبمجرد فوز قطر بشرف الاستضافة، تحدّثت بعض الصحف الغربية ومنها الجارديان البريطانية ونيويورك تايمز الأمريكية بعنصرية عن قطر، تجسّدت في تناول بعض وسائل الإعلام الغربية أن إنجلترا والولايات المتحدة كانتا من الدول المفضّلة لاستضافة بطولتي ٢٠١٨ و٢٠٢٢، وظهرت عناوين مثل كأس العالم الجنون السياسي يفضّل ملف قطر في تلميح بتدخل السياسة في عملية الاختيار، كما لو أن تنظيم البطولة حكراً على الدول الغربية ومن الشاذ فوز دولة عربية مسلمة شرق أوسطية بهذا الشرف، في تجسيد واضح للتحيز والعنصرية ضد قطر والعرب. جارديان وصنداي تايمز .. عنصرية في ثوب صاحبة الجلالة كشف تناول بعض الصحف الغربية لاستضافة قطر للمونديال، عن تحيّز وعنصرية مقيتة، ورغم وجود بعض الأصوات الغربية المعتدلة التي رأت في المونديال فرصة لمد الجسور بين الشرق والغرب، إلا أنها تظل أقل صخباً وتأثيراً. وتوضّح التواريخ الموثقة نزاهة الملف القطري أمام محاولات عبثيه قديمة ومتجدّدة من بعض هذه الصحف التي شكّل لها فوز قطر باستضافة المونديال صدمة كبيرة. وتبدو صحيفة صنداي تايمز صاحبة التقرير الأخير عن مزاعم تقويض قطر لملفات دول أخرى لاستضافة مونديال ٢٠٢٢، في طليعة هذه الصحف العنصرية التي تتجمّل في ثوب صاحبة الجلالة، فيما تنفذ أجندات مشبوهة ضد استضافة قطر للبطولة منذ البداية. وأيضاً صحيفة الجارديان البريطانية التي وصفت قطر بأنها “مكان مخيف لإقامة كأس العالم وأن شعبها لا يستحق ولا يعرف كرة القدم. وتستمر هذه الصحف في تبني الحملات ضد قطر ومحاولة ربطها بأي مزاعم للفساد، كما لو أن تنظيم كأس العالم حلال على الغرب حرام على العرب أو أن فوز دولة عربية بتنظيمه لا يمكن أن يتم بالطرق المشروعة فيما لو فازت دولة غربية يصبح الأمر منطقياً وطبيعياً. استمرار الحملات المأجورة حتى تنظيم المونديال يتوقع مراقبون أن تستمر الحملات المشبوهة ضد مونديال قطر 2022 لسببين، أولهما مواجهة قطر لحرب شرسة تقودها الإمارات للتشويش على استضافة المونديال، خاصة بعد ثبوت زيف مزاعمها ضد قطر بدعم الإرهاب وعدم قناعة العالم بهذه الادعاءات ضد قطر، فضلاً عن كشف أبو ظبي عن أحقاد وضغائن دفينة ضد استضافة قطر للمونديال، بربط أحد المسؤولين الإماراتيين البارزين، رفع الحصار عن قطر بسحب المونديال منها. ويبرز من بين أهداف الحصار، خنق قطر بإغلاق المنافذ البرية والبحرية والجوية معها، لتعجيزها عن استيراد مواد البناء اللازمة لاستكمال مشروعات المونديال فيما نجحت قطر في إحباط كل هذه المخططات. وذكر موقع “ويكي تريبون” الأمريكي أنه رصد محاولات سريّة لاستخدام الاتهامات بانتهاكات حقوق الإنسان والفساد لمهاجمة قطر، وربما حرمانها من تنظيم المونديال، مضيفاً إنه في الحادي والثلاثين من مايو الماضي، استضاف فندق “فور سيزونز” في العاصمة البريطانية لندن حفل إطلاق مؤسسة “النزاهة الرياضية” التي أعلنت أن هدفها المعلن “فضح ومكافحة الفساد في الرياضة”، لكن هدفها في الباطن مهاجمة تنظيم قطر لكأس العالم. ولم تنشر مؤسسة “النزاهة الرياضية” إلا أربعة بيانات رسميّة، ثلاثة منها متعلقة بقطر. ويدور السبب الثاني لترجيح استمرار الحملات المشبوهة ضد المونديال، حول الاهتمام الطبيعي من مختلف وسائل الإعلام ببطولة بحجم وثقل كأس العالم لكرة القدم لما تمثله من مادة دسمة لجذب أكبر عدد من القرّاء والمتابعين من ملايين البشر من محبي وعشاق كرة القدم حول العالم، فيما يتم تبني الحملات المشبوهة ضد قطر، من قبل وسائل إعلام تقتات على الإثارة والفبركة للحفاظ على بقائها في صراع وجود مع عزوف وانسحاب قطاع كبير من المتابعين عنها، أو لخدمة أجندات سياسية خبيثة يصعب معها عض اليد التي تطعمها وتغذيها.
مشاركة :