لندن: «المجلة» رصدت شركة «فيسبوك» محاولات جديدة للتلاعب سياسيا على موقع التواصل الاجتماعي مع اقتراب الانتخابات التشريعية الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، ملمحة إلى مسؤولية روسيا من غير أن تحدد منفذي هذه العمليات. وواجهت أكبر شبكة تواصل اجتماعي في العالم انتقادات شديدة العام الماضي لاستخدامها كمنصة للتضليل الإعلامي بهدف التأثير على سير الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016، في حملة تدخل سياسي نسبتها أجهزة الاستخبارات الأميركية إلى روسيا. ووفقا لوكالة الأنباء الفرنسية، استهدف المدعي الخاص روبرت مولر المكلف التحقيق في التدخل الروسي في الانتخابات التي أوصلت دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، قبل بضعة أشهر حسابات وصفحات كثيرة على «فيسبوك» تديرها «وكالة أبحاث الإنترنت» التي يشتبه بأنها الذراع الرقمية للكرملين، وهو ما تنفيه الرئاسة الروسية بشدة. وكتب رئيس المجموعة مارك زاكربرغ في صفحته على «فيسبوك»: «ما زلنا نجري تحقيقات، لكن من أنشأ هذه الشبكة من الحسابات (الزائفة) حرص على حجب الهويات الحقيقية، وبالتالي لا نعرف بعد بشكل مؤكد من المسؤول. ومع ذلك، فإن قسما من هذه النشاطات شبيه بما قامت به وكالة أبحاث الإنترنت قبل انتخابات 2016 وبعدها». وأضاف: «إننا نواجه خصوما في غاية التطور وممولين بشكل جيد، ولا سيما دول قومية تتطور بشكل متواصل وتحاول شن هجمات جديدة». أوضحت المجموعة أنها كشفت «روابط» بين الحسابات التي تم إغلاقها و«حسابات وكالة أبحاث الإنترنت التي أبطلت العام الماضي». وعلق متحدث باسم البيت الأبيض هوغان غيدلي مساء الثلاثاء متحدثا إلى عدد من الصحافيين أن «الرئيس قال بوضوح أن إدارته لن تقبل بتدخلات أجنبية في الانتخابات من قبل أي أمة كانت أو أي أطراف أخرى مارقة». وأعلنت المجموعة أنها أغلقت هذه المرة 32 صفحة وحسابا محط شبهات معظمها على «فيسبوك» وبعضها على موقع إنستغرام الذي تملكه المجموعة، مشيرة إلى أنها كانت تقوم بـ«عمل منسق». وكما في عام 2016، بثت هذه الحسابات رسائل حول مواضيع خلافية مثل التوتر بين السود والبيض، من شأنها إثارة انقسامات في المجتمع الأميركي، ومضت إلى حد دفع مبالغ مالية لبثها بشكل أوسع على الشبكة من خلال شراء إعلانات بقيمة بلغت 11 ألف دولار بحسب المجموعة. وأوردت «فيسبوك» أمثلة مثل الدعوة إلى مظاهرة سياسية في نهاية الأسبوع المقبل في واشنطن. واستخدمت هذه الحملة وسائل أكثر تطورا بكثير لإخفاء آثارها والالتفاف على تدابير الرقابة التي اتخذتها «فيسبوك» في الأشهر الأخيرة بهدف وقف عمليات التلاعب وكشف الجهات الواقفة خلفها، فعمدت خصوصا إلى تفادي استخدام عناوين بروتوكول إنترنت روسية تمكن من تحديد مصدر الدخول على الإنترنت. وأكد رئيس أمن «فيسبوك» أليكس ستاموس مرارا أنه لا يعود للشبكة أن تنسب محاولات التلاعب هذه إلى «منظمة محددة أو بلد محدد»، معتبرا أنه «يعود لقوات الأمن اتخاذ القرار» بنسب هذه المحاولات إلى كيان أو بلد. وأشارت المجموعة إلى أنها أبلغت هذه المعلومات إلى قوات الأمن والبرلمانيين. وكانت أعلنت في وقت سابق أنها تتوقع محاولات جديدة للتلاعب بالرأي العام عبر منصتها مع اقتراب موعد انتخابات منتصف الولاية الرئاسية في نوفمبر، وحذر رئيس الاستخبارات الأميركية دان كوتس مرارا بأن روسيا ستكرر ما قامت به عام 2016 لمحاولة التأثير على انتخابات نوفمبر. وأثنى السناتور الديمقراطي مارك وارنر على التدابير التي اتخذتها «فيسبوك»، موجها أصابع الاتهام إلى روسيا. وكتب على «تويتر» «أتوقع (…) أن تواصل (فيسبوك) وغيرها من المنصات رصد أنشطة (المتصيدين) الروس والعمل مع الكونغرس على تحسين قوانيننا لحماية ديمقراطيتنا بشكل أفضل في المستقبل». ورأى النائب الديمقراطي آدم شيف أن «أطرافا سيئي النية في الخارج يستخدمون (الوسائل) ذاتها تماما كما في عام 2016: إثارة انقسامات سياسية وعقائدية بيننا». ورصدت «فيسبوك» عام 2017 الكثير من الصفحات والحسابات المشكوك فيها تجري إدارتها من روسيا وتستخدم لتأجيج التوتر داخل المجتمع الأميركي، وقامت بإغلاقها. وذكرت صحيفة نيويورك تايمز في مقال نقلته مجموعة «فيسبوك» في صفحتها على «تويتر» أن مسؤولين في الشركة أفادوا خلال اجتماعات في الكونغرس أن «روسيا يمكن أن تكون ضالعة» في هذه القضية الجديدة. ووجه القضاء الأميركي الاتهام في مطلع العام إلى 13 روسيا وثلاثة كيانات روسية بالتدخل في الانتخابات والعملية السياسية الأميركية. كما وجهت اتهامات إلى 12 عنصرا في الاستخبارات الروسية في منتصف يوليو (تموز) في الولايات المتحدة بالتدخل في الانتخابات الرئاسية عام 2016.
مشاركة :