ميزان المخاطر .. وكفة التطورات السلبية «2 من 2»

  • 8/2/2018
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

2018 تشير التنبؤات الأساسية للاقتصاد العالمي إلى استمرار التوسع في 2019-2018، وإن كان أقل توازنا، لكن احتمالات الأداء المخيب للآمال زادت في المقابل. وعلى هذه الخلفية، تزداد الحاجة الملحة إلى التقدم في السياسات والإصلاحات، التي تطيل أجل التوسع الجاري، وتعزز صلابة الاقتصاد؛ للحد من احتمالات انتهائها بشكل مربك. وإضافة إلى ذلك، لا تزال التوقعات الموضوعة لنصيب الفرد من النمو على المدى المتوسط أقل من المتوسطات السابقة في كثير من الاقتصادات. وبغير إجراءات شاملة لرفع الناتج الممكن، وضمان توزيع الثمار على الجميع، يصبح الاحتمال كبيرا أن تؤدي خيبة الأمل في الترتيبات الاقتصادية الحالية إلى توجيه مزيد من الدعم إلى السياسات الانغلاقية المقوضة للنمو. وفي إطار نظام تجاري مفتوح يرتكز على قواعد مستقرة، يسهم التعاون متعدد الأطراف بدور حيوي في الحفاظ على التوسع العالمي الجاري، وتعزيز آفاقه على المدى المتوسط. ونظرا لتنوع مراكز البلدان في الدورة الاقتصادية، وقيودها الهيكلية، وحيز الحركة المتاح لسياساتها، فإن أولويات السياسة تختلف باختلاف البلدان. ففي الاقتصادات المتقدمة، ينبغي تحديد الموقف الاقتصادي الكلي وفقا لمرحلة النضج، التي بلغتها الدورة الاقتصادية. وحيثما كان التضخم مقاربا للهدف، يمكن استعادة السياسة النقدية العادية تدريجيا، وعلى أساس من الإفصاح الجيد والبيانات الموثوقة، بما يضمن إجراء التعديل المطلوب في سلاسة. وإزاء ارتفاع الدين إلى مستويات شبه قياسية في كثير من البلدان، ينبغي أن تبدأ سياسات المالية العامة في إعادة بناء هوامش الأمان حيثما دعت الحاجة. وينبغي ضبط وتيرة العمل في هذا السياق؛ لتجنب الإثقال على النمو، مع اتخاذ إجراءات ملائمة لتعزيز الاحتواء الاقتصادي. وينبغي تجنب التنشيط المالي المساير للاتجاهات الدورية والتراجع عنه "كما في حالة الولايات المتحدة"، مع اتخاذ خطوات إضافية في البلدان التي تمتلك حيزا ماليا كافيا، وفوائض خارجية مفرطة لدعم النمو المحلي الممكن، ومعالجة الاختلالات العالمية "كما في حالة ألمانيا". ولتعزيز آفاق المدى المتوسط، ينبغي للبلدان إعطاء أولوية للإجراءات المتعلقة بالعرض، التي ترفع الناتج الممكن والإنتاجية، بما في ذلك الاستثمار في البنية التحتية المادية والرقمية، ودعم المشاركة في سوق العمل في البلدان التي تعد فيها الشيخوخة خطرا على عرض العمالة في المستقبل، وتحسين مهارات القوى العاملة. ومن الضروري إصلاح الجيوب التي تكمن فيها مخاطر القطاع المالي لدى بعض الاقتصادات المتقدمة في منطقة اليورو، وهو ما يشمل الاستمرار في تنقية الميزانيات العمومية، وتشجيع عمليات الدمج في مناطق الاختصاص ذات الكثافة المصرفية الزائدة، وتعزيز ربحية المصارف. وبصورة أعم، فإن اجتناب التراجع دون تمييز عن الإصلاحات التنظيمية، التي أعقبت الأزمة المالية، يمكن أن يساعد على الحفاظ على الصلابة المطلوبة في بيئة مالية قد تكون أكثر تقلبا. وينبغي تعزيز الصلابة في كثير من اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية، عن طريق المزيج الملائم من سياسات المالية العامة، والسياسات النقدية، وسياسات سعر الصرف، والسياسات الاحترازية؛ للحد من التعرض لمخاطر تضييق الأوضاع المالية العالمية، والتحركات الحادة في أسعار العملات، والتحولات في مسار التدفقات الرأسمالية. وإزاء عودة التقلب السوقي، زادت أهمية المشورة، التي تُقدَّم منذ وقت طويل حول أهمية كبح النمو الائتماني المفرط حيثما دعت الحاجة، ودعم الميزانيات العمومية المصرفية السليمة، واحتواء ما يشوبها من عدم اتساق في آجال الاستحقاق وفي العملات المستخدمة، والحفاظ على أوضاع سوقية منظمة. وعموما، سيكون السماح بمرونة سعر الصرف وسيلة مهمة للوقاية من أثر الصدمات الخارجية المعاكسة، وإن كان يتعين مراعاة المراقبة الدقيقة لآثار انخفاض أسعار الصرف على الميزانيات العمومية للقطاعين العام والخاص، وعلى توقعات التضخم المحلية. ومع سرعة ارتفاع مستويات الدين في كل من الاقتصادات الصاعدة وذات الدخل المنخفض على مدار العقد الماضي، ينبغي أن تركز سياسة المالية العامة على الحفاظ على هوامش الأمان وإعادة بنائها عند الحاجة، عن طريق إجراءات مواتية للنمو، توفر الحماية للأقل دخلا. ولرفع النمو الممكن وتعزيز الاحتوائية، تظل الإصلاحات الهيكلية مطلبا ضروريا لتخفيف الاختناقات في البنية التحتية، وتعزيز بيئة الأعمال، والنهوض برأس المال البشري، وضمان إتاحة الفرص لكل شرائح المجتمع. ويظل التعاون متعدد الأطراف عاملا حيويا في معالجة التحديات التي تتجاوز حدود البلدان. ذلك أن الاندماج الاقتصادي العالمي، في ظل نظام تجاري متعدد الأطراف، يقوم على الانفتاح والقواعد - أدى إلى رفع مستويات المعيشة، وساعد على رفع الإنتاجية، ونشر الابتكار في كل أنحاء العالم. وللحفاظ على هذه المكاسب وتوسيع نطاقها، ينبغي أن تعمل البلدان معا لتحقيق خفض أكبر في تكاليف التجارة وتسوية الخلافات دون اللجوء إلى زيادة الحواجز الجمركية وغير الجمركية. وتشكل الجهود التعاونية العالمية عاملا ضروريا في مجموعة من المجالات الأخرى، مثل استكمال جدول أعمال الإصلاحات التنظيمية المالية، والحيلولة دون زيادة تراكم الاختلالات العالمية المفرطة، وتقوية نظام الضرائب الدولية، وتخفيف آثار تغير المناخ والتكيف معها. يشمل ذلك ما أعلنته الولايات المتحدة من زيادة الرسوم الجمركية على واردات الخلايا الشمسية، والغسالات، والصلب، والألمنيوم، ومجموعة متنوعة من المنتجات الصينية، وما أعلنه شركاؤها التجاريون من إجراءات انتقامية مقابلة بدءا من 6 يوليو. ولا تتضمن التنبؤات الأساسية أثر الإجراءات التجارية الأوسع، التي أعلنتها الولايات المتحدة أخيرا.

مشاركة :