تتطور الأسواق الناشئة في يومنا هذا كشركات كبرى على الساحة العالمية. ما الذي يفسر نجاحها؟ وما مدى تهديدها للشركات متعددة الجنسيات السائدة في الغرب؟ عندما قررت شركة مستحضرات التجميل البرازيلية ناتورا توسيع وجودها الدولي، انطلقت دون خوف في واحدة من أكثر الأسواق تقدما - وأصعبها - للعناية بالبشرة في العالم: فرنسا. لقد أثبتت مستحضرات العناية بالبشرة، التي تحتوي على المكونات النشطة المستخرجة من الأعشاب الموجودة في منطقة الأمازون، فعاليتها بشكل كبير مع الباريسيين، الذين يدركون الأمور جيدا. وحاليا تشكل المشاريع الدولية للشركة نحو 11 في المائة من صافي الإيرادات مقارنة بـ 8.1 في المائة في الربع الأول من عام 2011. إن تطلعات "ناتورا" العالمية تماثل تطلعات الشركات الأخرى في الأسواق الناشئة، التي تسعى بشكل متزايد إلى رفع مكانتها على الصعيد الدولي، وكذلك زيادة الأرباح. وفي عام 2005، لم تظهر سوى 44 شركة مماثلة على قائمة فورتشن السنوية لأكبر 500 شركة عالمية، أما عام 2010، فقد كان هنالك 113. ما الذي يفسر نجاحها في أسواق معينة وإخفاقها في أخرى؟ لقد فشلت "ناتورا" فشلا ذريعا عندما حاولت من البداية دخول الأسواق الاستهلاكية المجاورة، وربما المماثلة، في تشيلي والأرجنتين. ويُظهِر كتاب جديد، بعنوان "الشركات متعددة الجنسيات الجديدة في الأسواق الناشئة.. أربع استراتيجيات لعرقلة الأسواق وبناء العلامات التجارية" وقد شارك في تأليفه أميتافا شاتوباديي أستاذ التسويق في إنسياد - مزيجا من المكتسبات التقليدية واستراتيجيات ريادة الأعمال الذكية التي تعمل لمصلحتها. ما مدى استدامة استراتيجياتها؟ وما مستوى التهديد الذي تفرضه تلك الشركات الناشئة على الشركات متعددة الجنسيات السائدة؟ يلقي الكتاب الضوء على 39 شركة مماثلة، إضافة إلى المشاريع العالمية ضمن مجموعة من فئات المنتجات من دول مختلفة، من بينها الصين والهند والبرازيل وروسيا وتركيا وجنوب إفريقيا والمكسيك. يقول شاتوباديي في مقابلة مع مجلة إنسياد للمعرفة، إن "الذي تغير اليوم هو طموحهم"، وينوه أيضا إلى أن النمو والنجاح في الأسواق المحلية يزيد من ثقة هذه الشركات بنفسها بشكل واضح، وبالنسبة للاقتصادات المتقدمة، فقد تم وضع الأسواق الناشئة بمنأى عن الركود إلى حد كبير. وأضاف شاتوباديي أنه "ربما تباطأ النمو قليلا، لكنه موجود". وإضافة إلى ذلك، فقد أطبق الركود على محافظ المستهلكين في الأسواق المتقدمة، ما جعلهم يبدأون في البحث عن القيمة أيضا. "إن هذه الشركات رائعة في إيجاد القيمة للأموال، ما يتيح الفرصة لزيادة الطلب على هذه المنتجات". إن النجاح الهائل الذي حققته شركة إتش تي سي التايوانية لصناعة الهاتف الذكي، يوضح الاستراتيجية الأكثر تهديدا للشركات متعددة الجنسيات القائمة. وفي الأساس، تقدم هذه الشركات علاماتها التجارية الخاصة بها من خلال التركيز على الابتكار - التكنولوجيا والمنتجات المتقدمة - لكن ضمن شرائح ضيقة جدا فقط من السوق. بالنسبة لشركة إتش تي سي، كان هذا تطويرا لمنتجات الهواتف المحمولة المتوافقة مع نظامي أندرويد وويندوز. وبالنسبة لـ"ناتورا"، فقد كانت تحصد النباتات على نحو مستدام، وتستخرج المكونات النشطة، وتستغل سحر منطقة الأمازون لجذب المستهلكين الجدد في فرنسا. وتستثمر هذه الشركات كثيرا في البحث والتطوير، وتستفيد من انخفاض تكاليفها في أسواقها المحلية ومهاراتها التصنيعية الخاصة، ثم تمضي قدما للارتقاء بمزيد من المنتجات والخدمات الجديدة. ومرة واحدة، انتقلت شركة إتش تي سي من مجرد مزود مجهول الهوية إلى الشركات متعددة الجنسيات الغربية، مع احتياطي جيد، لكن عادي جدا، إلى ثالث أكبر شركة مصنعة للهواتف الذكية في العالم حاليا...يتبع.
مشاركة :