الوعي البيئي عنوانًا انتخابيًا

  • 8/3/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

لست مؤمنًا بنظرية المؤامرة، لكي أنسب كل ما يتعرض له مجتمعنا البحريني أو الأفراد فيه إلى جهة تخطط وتنفذ بنية إلحاق أفدح الأضرار به، غير أنّ إنكاري لهذه النظرية لا يُلغي، بطبيعة الحال، وجود متآمرين يتحينون الفرصة المناسبة لإخراج ما يبطنون تجاه وطنهم ومواطنيهم، كما أني لست مصابًا بفوبيا الحسابات الوهمية التي أعلنت عنها وزارة الداخلية في بيان لها قبل أكثر من أسبوعين، لأنني بالتأكيد لست قلقًا على مستوى الأمن والاستقرار المحاطين برعاية تامة وكاملة من رجال الأمن الكرام، ولكن كل ذلك لا يعني إشهار اللامبالاة عنوانًا تجاه ما يتعرض له هذا المجتمع وأبنائه إزاء مختلف محاولات التحبيط والتثبيط التي تنتشر انتشار النار في الهشيم على وسائل التواصل الاجتماعي. التحبيط والتثبيط، في هذه المرحلة، هدف رئيس لدى البعض للتأثير في العملية الانتخابية، وعلينا التصدي له بالحزم الكافي. فحذار ثم حذار من السقوط في شراك المحبطين والمثبطين.  ولعل ما تم تداوله بين الناس في غضون الأيام القليلة الماضية من تعليقات ساخرة إلى حد الاستهانة بعقول الأفراد ومن ثم إهانتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، بخصوص التصريح الذي أدلى به إلى صحيفة «الأيام» الغراء يوم الأحد الماضي الموافق 29 يوليو، أحد الذين يستعدون لدخول المعترك الانتخابي لعضوية مجلس بلدي المحافظة الجنوبية عن الدائرة الثانية – مدينة عيسى، يقع في خانة التحبيط والتثبيط التي أشرت إليها. فهل نترك أمر ذلك عرضة للإضرار من الذين يستهدفون العملية الانتخابية ومن أولئك الذين لا يدركون أن هذا العمل يستهدف العملية الانتخابية برمتها؛ ويستهدف بالتالي المستقبل؟ لا يتطلب الأمر كثير تفكير، فالعملية الانتخابية بقياس المنفعة على مستوى الوطن، أكثر أهمية من أي شيء آخر، وبالتالي فإن التصدي لمن يعوقون هذه العملية واجب وطني. أفليست العملية الانتخابية ذروة سنام الديمقراطية، ثم أليست هي حلمنا دائمً الذي حوله جلالة الملك رعاه الله إلى حقيقة نفاخر بها في العالم.  مقالي هذا يأتي في سياق الحرص على المسؤولية الوطنية عندما تقتضي الحالة الذب عن كل جهد يسعى إلى بناء هذا الوطن العزيز وتطويره، ويعنيني في هذا الإطار تحديدًا ما صرح به أحد المواطنين الذين ينوون الترشح للانتخابات البلدية، وهو من وضع لنفسه مسودة برنامج يعلم كل بحريني أنه نابع من احتياجات بيئته. وعلى الرغم من علمي وإدراكي التامين أن الموضوع أشبع تعليقًا سواء على وسائل التواصل الاجتماعي أو من خلال الصحافة، فإن الحديث فيه يقتضي في اعتقادي اتخاذ مسافة من الموضوعية تنأى بالرأي عن أن يكون انسياقا وراء موجات رأي صنعتها وسائل التواصل الاجتماعي. لقد كان أمرًا محيرًا حقيقة أن يتعرض هذا المواطن إلى هذا المستوى من السخرية على وسائل التواصل الاجتماعي في حين أنه عبر عن رغبة مشروعة في زيادة المساحة الخضراء في منطقته، ونطق بوعي بيئي محترم عماده التفكير في رفاه المواطن وجمال العمران والحرص على حق الأجيال القادمة في فضاء مواطني جذاب، ولعل هذا المنحى، في تقديري، هو الذي ينبغي أن يكون الأكثر جاذبية لدى الناخب وليس العكس.  فما أكثر البيئات البحرينية التي انحسرت فيها المساحات الخضراء بسبب التمدد العمراني من جهة، وهذه ضريبة لا بد من دفعها، وبسبب آخر هو ارتفاع منسوب الجشع لتحقيق الثراء السريع، وهذا يُسأل عنه أصحابه. وعن جهود التخضير التي ينبغي أن تكون هدفًا لكل بلدان الخليج العربي التي يحاصرها الاسمنت من كل جانب أسألوا الرعيل الأول ممن قصدوا دولة الإمارات العربية المتحدة للتدريس في أواخر ستينات القرن العشرين، وخصوصًا مدينة أبو ظبي؛ ليحكوا لكم كيف أنها كانت تتشوق إلى اللون الأخضر، فقد كان الأخضر فيها لونًا عزيزًا لشدة زحف الرمال إليها؛ إلى أن أخذ على عاتقه المغفور له بإذن الله رئيس دولة الإمارات العربية المرحوم الشيخ زايد بن سلطان عملية تخضير أبو ظبي بعد تجربة ناجحة في مدينة العين وعممها بعد ذلك على كل مناطق دولة الإمارات التي غدت اليوم تكتسي الأخضر طولًا وعرضًا. أسألوا ذاك الرعيل وسوف يحكي لكم عن الفرق بين أبو ظبي اليوم وأبو ظبي ستينات القرن الماضي، وستعلمون أن ما تاق إليه ذاك المواطن في برنامجه الانتخابي حلم مشروع، وعنوان من عناوين البحرين الجديدة التي نحلم بها جميعنا. أليس مضحكًا أن نسخر من يدعو إلى مد البساط الأخضر إلى أبعد نقطة ممكنة في مملكة البحرين.  شخصيًا كنت سأنتخب وأدعو إلى انتخاب اخينا الذي كشف عن برنامج ممتاز لتطوير البنية التحتية للمحافظة الوسطى ممثلًا عن دائرتي لو كنت أحد أبناء المحافظة الوسطى، وكنت سأعينه على تحقيق أمنيته التي هي أمنية كل بحريني. فزيادة المساحة الخضراء ليست طلبًا مناطقيًا، أي ليس على مستوى المحافظة الوسطى وإنما على مستوى المملكة. لهذا فإن تحقيق ذلك يتطلب أكثر من متابعة أعضاء بلديين، فذلك يستحق تشريعًا نيابيًا لتغدو المسألة أكثر جدية، وليفهم من اتخذ من السخرية أداة تحبيط وتثبيط أن البحرين في حاجة ماسة إلى زيادة الوعي البيئي لدى أبنائها من أجل العمل سويًا على توسيع قطعة الأخضر لتعود جميلة وبهية كما كانت في الأزمان الماضية.

مشاركة :