رئيس لجنة الحوار الإسلامي المسيحي بلبنان: الإرهاب مثلث أضلاعه الفكر والتمويل والرعاية

  • 12/20/2014
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

قال الدكتور محمد السماك الأمين العام للجنة الحوار الإسلامي المسيحي في لبنان، إنه «كلما كان عدد ضحايا العمل الإرهابي أكثر، يعتقد الإرهابي أنه سيكون في منزلة أفضل عند الله وأن موقعه في الجنة سيكون أعلى وأسمى.. هكذا أقنعوه وهكذا صنعوا منه قنبلة بشرية موقوتة»، لافتا إلى أنه أصبح في جوهر كيانه مخلوقا آخر، وكأنه قادم من عالم آخر.. نحن نطلق عليه عالم الإرهاب، وهو مصنوع ليؤمن بأنه عالم السلام والحق والرضى الإلهي. وأضاف السماك في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» خلال مشاركته في فعاليات مؤتمر «الإرهاب والتطرف» الذي عقد مؤخرا بالأزهر، أن «القضية الآن تتمثل في كيفية إعادة بناء المجتمعات والأوطان بالشكل الأمثل ووقف تمزيقها، وفقا لرؤية مركز الحوار بين الثقافات برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز»، موضحا أن «هذا الأمر سبق أن طرحناه في مؤتمر بفيينا برعاية مؤسسه الملك عبد الله للحوار بين الثقافات، واتفق المشتركون فيه على إيجاد صيغة وجودية بين المسلمين والمسيحيين.. فنحن ندرك أن مستقبلنا معا». وأكد السماك، أن ثلث مسلمي العالم يعيشون في دول ومجتمعات غير إسلامية، وعلى الجميع تصحيح الصورة الخاطئة المأخوذة عن الإسلام ليثبت في ذهن الجميع أن الإسلام هو دين التعايش مع الآخر الحقيقي، مشددا على أن التصدي للإرهابيين بكل قوة وبكافة الوسائل والإمكانيات المتاحة، يساهم في رفعة الدين الإسلامي وعدم وضعه في حيز الجمود أو الاضطهاد الممارس على الجماعات المسيحية، وغيرها من الطوائف التي تعاني من التكفيريين المضللين، قائلا: «نحن نقول إن الشرق لا يكون إلا بمسلميه ومسيحييه معا، ونحن إذ نقول ذلك لا نقول شعرا، بل ندافع عن مجتمعاتنا وعن أوطاننا وعن ديننا»، لافتا إلى أن «الحركات الإرهابية لم تسمم العلاقات بين الدول؛ لكنها سممت عقول الأفراد والجماعات.. فالعلاقات بين الدول تسوى وتصحح؛ ولكن صناعة العقول على الكراهية والعدوانية وعلى الرفض الإلغائي للآخر، أمر آخر». وعن علاج ظاهرة الإرهاب التي انتشرت في العالم العربي والإسلامي، قال الدكتور السماك، يتوقف العلاج على أمرين الأول، هو التمييز بين الإرهاب والعنف، حيث من المهم التأكيد على أنه ليس كل عمل عنف هو عمل إرهابي؛ ولكن كل عمل إرهابي هو بالتأكيد عمل عنف، لافتا إلى أن «الإرهابي غير معني بالضحية المباشرة لجريمته، هو لا يعرف الضحية ولا يكترث لها، الضحية عنده هي مجرد صندوق بريد لإيصال رسالة ترهب طرفا ثالثا، من أجل ذلك فإن عقل الإرهابي يصنع بحيث تصبح الضحية البريئة هذه مجرد أداة مشروعة لتوصيل رسالة يعتقد أنه بأدائها يتقرب من الله ويكسب مرضاته.. وهذا أبشع أنواع الإجرام، أما العنف فإنه يستهدف الضحية لذاتها، وغالبا ما تكون الضحية معروفة من المرتكب، وهو معروف منها». وتابع: لذلك فإن جريمة العنف هي جريمة شخصية يعاقب عليها القانون، أما جريمة الإرهاب فإنها جريمة ضد الإنسانية، ليس فقط بموجب القانون؛ ولكن فوق ذلك بموجب الشريعة الإسلامية، فالجريمة هذه لا تتوسل الاعتداء على إنسان بريء أو على جماعة من الأبرياء فقط؛ ولكنها تستهدف إرهاب أمة كاملة أو حتى مجموعة من الأمم، مما يجعلها جريمة جماعية ضد الإنسانية. وأضاف الدكتور السماك، أما بالنسبة للأمر الثاني لعلاج ظاهرة الإرهاب، يتوقف على تحديد العلاقة بين التطرف والإرهاب، حيث من المهم التأكيد أولا على أن التطرف ليس دينيا فقط وليس إسلاميا فقط.. فهناك تطرف رأسمالي جشع وشيوعي وعلماني إلحادي، أما في الدائرة الدينية فهناك تطرف مسيحي يتمثل في الحركة الصهيونية المسيحانية، وهناك تطرف يهودي يتمثل في الكثير من المنظمات والحركات الصهيونية داخل إسرائيل وخارجها، وهناك تطرف هندوسي يهدد الديمقراطية في الهند، وهناك تطرف بوذي يهدد الوحدة الوطنية في تايلاند وميانمار وسواهما، لافتا إلى أن «التطرف حالة فكرية إلغائية للآخر المختلف.. كل حركات التطرف التي عرفها العالم، توسلت بالإرهاب أداة لها.. لذلك فإن الإرهاب ليس إنسانا.. إنه وجهة نظر». وعن عمليات تفجير الشخص لنفسه بدعوى نيل الشهادة ودخول الجنة، قال الدكتور محمد السماك: «عندما يفجر الإرهابي نفسه في سيارة ملغومة أو بواسطة حزام ناسف، يعرف أنه سوف يتحول إلى أشلاء ويعرف أن ضحاياه من الأبرياء سوف يتحولون معه إلى أشلاء أيضا، ويعرف أن هذا العمل سوف يترك وراءه عائلات ثكلى ومنكوبة؛ ولكنه يعرف شيئا آخر لا نعرفه نحن، وهو أن هذا العمل الفظيع والمروع هو بطاقة دخوله إلى الجنة؛ ولذلك يقدم عليه بحب وشوق.. الأمر الذي يطرح السؤال الهام، من هم الذين غسلوا دماغه وأقنعوه بهذا الإيمان المتوحش، وكيف؟». وأضاف الدكتور السماك، أنه «يمكن معالجة التطرف بالمنطق وبالحكمة والموعظة الحسنة وبتوضيح الصحيح من العقيدة لتقويم السلوك المعوج»، موضحا أنه ليست الثقافة الإلغائية للآخر على أساس ديني هي المصدر الوحيد للإرهاب، فالإرهاب له من يرعاه، وله من يموله، ومن يوظفه في استراتيجيات بعيدة المدى، ولذلك فإنه يقوم على مثلث متساوي الأضلاع فكرا وتمويلا ورعاية، مشيرا إلى أن «تجفيف مصادر الإرهاب ماليا ورعائيا، والكشف عن مستغليه وعن مستثمريه في مشاريع سياسية تستهدف تدمير مجتمعاتنا الشرقية بما تتسم به من تعددية دينية ومذهبية وعرقية، يتلازم بالضرورة مع ضرورة العمل على تجفيف مصادره الثقافية والتربوية، وتحديدا من خلال التربية على صحيح الدين والعقيدة».

مشاركة :