وسط كومة من شباك الصيد يحملها مركب صغير يتوقف على ساحل بحيرة البردويل في شمال سيناء، بدا الخمسيني سليمان سالم، متأهبا لإطلاق سراح محرك مركبه المتوقف منذ عدة أشهر مضت، استعدادا لأول رحلة صيد بعد أن سمحت له السلطات الأمنية والإدارية مع آخرين باستئناف موسم الصيد في البحيرة ابتداء من أمس (السبت).وتوقف تشغيل البحيرة هذا الموسم تزامنا مع شن قوات الجيش والشرطة عملية كبيرة في شمال سيناء ووسطها، منذ التاسع من فبراير (شباط) الماضي، لتطهير المنطقة من متشددين موالين لتنظيم داعش الإرهابي. وعُرفت العملية باسم «عملية المجابهة الشاملة» (سيناء 2018)، التي كان من بين مهامها «فرض السيطرة البحرية الكاملة على سواحل البحرين المتوسط والبحر الأحمر، ومنع أي تسلل للعناصر الإرهابية ووصول الدعم اللوجيستي عبر الساحل البحري».الصياد سليمان، أحد أبناء قبيلة الدواغرة التي يعمل غالبية رجالها في مهنة الصيد في بحيرة البردويل، قال لـ«الشرق الأوسط» وهو يتأهب للإبحار في عمق البحيرة، إنه يعتبر هذا اليوم يوما تاريخيا في حياته، لافتا إلى أن فترة توقف الصيد كبدته ديوناً ضخمة، اضطر إليها ليفي باحتياجات أسرته اليومية المكونة من 10 أفراد بينهم طلبة في المدارس، ووالديه المسنين.وأضاف أنه اعتاد وأقرانه الصيد في البحيرة لمدة 8 أشهر متواصلة يعقبها فترة توقف لنمو زريعة الأسماك، وفترة التوقف يسبقها استعداداتهم لتأمين معيشتهم، وهذا الموسم فوجئ عند بدايته بمنع الصيد وأردف قائلا: «أخيرا جاء الفرج».وتقع بحيرة البردويل بمحاذاة البحر المتوسط على ساحل شمال سيناء على مساحة تقارب الـ700 كلم مربع بطول 90 كلم وعرض 22 كلم. ويربطها بالبحر نقاط اتصال مائي تسمى «بواغيز» تغذى مجرى البحيرة بماء البحر المتجدد، ويسمح سنويا للصيادين بممارسة الصيد فيها خلال الفترة من أول مايو (أيار)، وحتى نهاية ديسمبر (كانون الأول)، ويعقبها فترة تسمى «المنع» بهدف إتاحة الفرصة لنمو اسماك جديدة.وبحسب البيانات الرسمية لإدارة بحيرة البردويل فإن موسم الصيد هذا العام تمت الموافقة على بدايته بشكل تجريبي لمدة شهر ويسمح بالصيد خلال ساعات النهار، وأوضح البيان أن عدد مراكب الصيد العاملة في البحيرة 1228 مركباً، يعمل عليها 4 آلاف صياد.سامي عبد الرؤوف، أحد التجار القائمين على شراء جزء من إنتاج البحيرة من الأسماك، قال لـ«الشرق الأوسط»، إنه خلال فترة منع الصيد كان مصدر الأهالي الوحيد هو «أسماك المزارع المنقولة من خارج سيناء، وهى سابقه فريدة من نوعها حيث اعتاد الأهالي على شراء السمك الطازج الخارج من البردويل».وأضاف أن بدء موسم الصيد «يُعيد الحياة لقطاع الصيد والتجارة ويعمل فيه إلى جانب الصيادين أكثر من 3 آلاف آخرين ما بين تجار وموزعين وأصحاب سيارات نقل، فضلا عن مطاعم تعتمد بشكل أساسي على أسماك البحيرة ذات الطعم والمذاق المميز».وقال سامي الهواري رئيس جمعية «كنوز البردويل» القائمة على خدمة الصيادين في البحيرة، إن الأسماك «المنتجة من البحيرة هي الدنيس، والقاروص، وموسى، ووقار، ولوت، وبوري، ودهبانة، والجمبري، وسيجان، ومياس، وغزلان، وشبار، والكابوريا، وشفش».
مشاركة :