تعيش الكويت منذ أكثر من ثلاثة أسابيع على أنباء وتقارير يومية صادمة عن فضيحة الشهادات المزوّرة، والتي قيل الكثير عنها على المستويات الأكاديمية، والتعليمية، والإنسانية، وحتى الأخلاقية.بيد أن ضرر الشهادات «المضروبة» لا يقتصر على سمعة النظام الدراسي في هذا البلد أو ذاك، ولا يقف عند تبوؤ قيادي أو مسؤول، منصباً رفيع المستوى في دوائر القرار رسمية كانت أو خاصة، بل يمتد إلى ما هو أبعد وأهم من ذلك بكثير، أي سمعة الكويت بحد ذاتها.لا جديد نضيفه في شأن انعكاسات وعواقب الشهادات المزوَّرة، الوخيمة على المستويات الكثيرة، سالفة الذكر، ولكن لا بدّ من التنبّه إلى حجم الضرر الذي أحدثته ولا تزال تحدثه هذه الشهادات في القطاع الاقتصادي بكل مجالاته وتفرعاته ومندرجاته.من باب الحرص على مصالح وأموال وحقوق الكويتيين والوافدين على حد سواء، يحق للمتابع أن يسأل كم من شركة كبرى، ومتوسطة، وصغرى، أفلست نتيجة اتخاذ رئيس تنفيذي يحمل شهادة «مضروبة» قرارات خاطئة بالمقاييس كافة؟كم من مدير محفظة يحمل هو الآخر شهادة مزوّرة، أشرف وربما لا يزال يشرف على إدارة ملايين الدنانير، شرع بالدخول في استثمارات غير حصيفة، وغير مضمونة، كبّدت المساهمين مدخرات العمر؟كم من مدير موارد بشرية، يحمل شهادة وهمية، أشرف على تعيين عشرات، وربما مئات الموظفين غير المؤهلين، بما أدى إلى تحميل المؤسسة أعباء أشخاص غير أكفاء، وبما انعكس بشكل سلبي على سيرة ومسيرة هذه المؤسسة، وتلك؟كم من مدير إستراتيجية وتخطيط «مغشوش» وضع إستراتيجيات وخططاً «منتهية الصلاحية» بزعم أنه خريج إحدى جامعات أوروبا الشرقية، وربما الغربية، وهو لا يفقه في علم وعالم الإستراتيجيات والتخطيط لا من قريب ولا من بعيد؟كم من مستشار «مزيّف» يركب سيارة فارهة، ولا يرضى عن تدخين «السيغار» الكوبي الأصلي، بديلاً، حرّف دفة شركة، أو مؤسسة، أو هيئة، وقادها من أحسن إلى أسوأ حال؟وكم، وكم، وكم... يكاد لا ينتهي سيل كم الأسئلة التي تدور في أذهان الكثيرين، ولكن السؤال الاقتصادي الأكبر يبقى «كم ملياراً خسرت الكويت والكويتيون نتيجة وصول فاشل يحمل ورقة مختومة على شكل شهادة جامعية إلى منصب مالي واستثماري رفيع وحسّاس، وهو لا يجيد التمييز بين سهم «آبل»... والتفاحة؟
مشاركة :