تتعدد أسباب الإصابة بمشكلة الصداع، فبعض هذه المسببات تكون عضوية مثل آلام الأسنان، وبعضها الآخر نفسي، وهو ما يطلق عليه الصداع النفسي، أو صداع القلق، ويؤدي القلق والتوتر لانقباض أو تقلص العضلات، وبالتالي يشعر الإنسان بالصداع.ويشير بعض الأخصائيين إلى أن المصاب بالصداع النفسي ليس ضرورياً أن يعاني من أعراض القلق النفسي، ولكن يمكن أن يرتبط هذا الصداع بموقف أو حدث معين، فيشعر المصاب بألم الصداع عند مقابلة شخص، أو الذهاب إلى المدرسة أو العمل أو مهمة خاصة أو مكان ما.ويظهر الصداع النفسي على شكل آلام تضغط على الرأس بأكمله، وتمتد هذه الآلام من مؤخرة الرقبة وحتى الجبين، ويعتبر هذا النوع من أنواع الصداع الأكثر انتشاراً، وخاصة عند التعرض للضغوط النفسية والاكتئاب والشد العضلي والجوع.نتناول في هذا الموضوع الصداع النفسي بالتفاصيل، والعوامل والأسباب التي تؤدي إلى الإصابة به، وكذلك نعرض طرق الوقاية وأساليب العلاج المتبعة والحديثة لتجنب هذا النوع من الصداع.نوبات متكررةيهاجم صداع القلق المصاب في شكل نوبات متكررة، كل يوم أو بشكل متقطع كل أسبوع مرتين أو 3 مرات، وفي الغالب فإن المسكنات لا تؤثر فيها.ويصف المريض شعوره وكأن رأسه مربوط بحبل حول الجبين، ويسبب الصداع ألماً في الرأس وخلف العينين، وذلك نتيجة انقباض حاد في معظم العضلات التي تغطي الرأس كله، ويمتد الانقباض حتى الرقبة.وتتفاوت شدة الألم من شخص لآخر، فيكون حاداً وقاسياً للدرجة التي لا يستطيع المصاب أداء أعماله أو أنشطته اليومية بشكل طبيعي، ويمكن أن يكون الألم طفيفاً أو متوسطاً لدى البعض الآخر، وبالتالي فلا يؤثر في حياته، ويتعايش معه.ويشترك الصداع النفسي في بعض صفاته مع الصداع النصفي، حتى إن بعض الخبراء يعتقد أنهما طرفان لمفهوم واحد، وأن الصداع النصفي، وهو الأكثر شدة وتطوراً، يتفاقم في بعض الأحيان إلى الصداع النفسي، الأقل شدة لكن الأكثر تكرراً، وينتشر صداع القلق في أوساط الكبار وبخاصة النساء.ثلاثة أنواعيقسم الأطباء الصداع النفسي إلى عدة أنواع، منها الصداع النفسي العرضي، وهو يهاجم الإنسان لمدة 30 دقيقة، وربما يستمر حتى 8 أيام.ويصيب النوع الثاني وهو الصداع النفسي العرضي المتكرر، الشخص لمدة 14 يوماً في الشهر، وتستمر نوباته إلى أكثر من 3 أشهر، ويمكن في بعض الحالات أن يتحول من النوع العرضي إلى النوع المزمن.ويعاني المصاب في النوع الثالث، وهو الصداع التوتري المزمن، من أعراض مستمرة، ويتم التصنيف بناء على الفترة الزمنية، وذلك إذا عانى من الأعراض مدة 15 يوماً أو أكثر في الشهر، ولمدة تزيد على 3 أشهر، ويتسبب هذا النوع في بعض الضغوط النفسية، والتي تصل لدرجة الاكتئاب، وهو ما يزيد من ألم الصداع.لا يزال مجهولاًيعترف الخبراء بأن السبب وراء الإصابة بالصداع النفسي لا يزال مجهولاً، وكان الاعتقاد السائد حتى وقت قريب أن تقلصات عضلية في الوجه والعنق وفروة الرأس هي المسببة لألم الصداع النفسي.وشكّكت الأبحاث الحديثة في هذه النظرية، وذلك عقب إجراء اختبار يسمى مخطط كهربائية العضل، وهو يقوم بتسجيل التيار الكهربائي الناجم عن النشاط العضلي، وبالفعل لم يلتقط أي زيادة في التوتر العضلي لدى المصابين بالصداع التوتري.ويرى الباحثون أن هناك علاقة بين الصداع النفسي والنصفي، وذلك أن التغيرات في كيماويات الدماغ متشابهة بينهما.ويبحث خبراء نظرية تقول إن الشقيقة ربما كانت بسبب الإصابة المتكررة بالصداع النفسي، وكان بحث أشار إلى أن الشقيقة البسيطة هي أحد أنواع الصداع النفسي.جوع وضغط نفسيتشمل أسباب الإصابة بالصداع التوتري الضغط النفسي والاكتئاب والقلق، ونقص النوم أو تغير نظامه.ويمكن أن يتسبب فيه، العمل في وضع جسدي غير مريح، ويذكر كثير ممن عانوا من هذا الصداع شعورهم بالجوع، أو الضغط النفسي قبل الإصابة بإحدى نوباته.وتتسبب التغيرات الهرمونية التي تتعلق بالحيض أو انقطاعه أو استخدام الهرمونات، وكذلك الحمل في إثارة نوبات الصداع في بعض الأحيان.وتؤدي بعض أدوية الاكتئاب أو ضغط الدم للإصابة به، ويمكن كذلك أن تتسبب كثرة استخدام المسكنات والأدوية المضادة للصداع.ويزيد من صداع القلق، ألم الفك الذي ينتج عن صرير الأسنان، أو التعرض لصدمة في الرأس، ويكون عرضة للإصابة بهذا النوع المصابون بتيبّس بالمفاصل والعنق، بسبب التهاب المفاصل في العنق أو التهاب مفاصل الكتفين.آخر النهاريصاب بالصداع النفسي الأشخاص الذين يعيشون دائماً تحت ضغط، وفي الغالب فإن نوبات الصداع تهاجم المصاب في فترة آخر النهار أو وقت المساء، وذلك عقب تراكم المواقف الكثيرة التي تسبب التوتر والإجهاد، وبسببها تبدأ نوبة الصداع والتي تشتد ليلاً ثم تزول.وتبدأ أعراض الصداع التوتري ببطء أو فجأة، وفي الغالب تكون متوسطة الألم أو بسيطة، وتظهر بشكل واضح في مرحلة منتصف العمر، وذلك على الرغم من أن ملامحه ربما تبدأ في الطفولة.وتأتي نوبات الصداع نصف ساعة يومياً، ولمدة أسبوع كامل، أو 15 يوماً في الشهر، ويختلف طول النوبة من شخص لآخر، وتكون هذه النوبات في الغالب شديدة الألم بصورة كبيرة.وتشمل أعراض صداع القلق ألماً في الرأس بشكل عام، وضغطاً حول الجبين، ويشعر المريض بألم في فروة الرأس وحول الجبين، ويصاب في حالات نادرة بحساسية تجاه الأضواء الساطعة والأصوات العالية.ويكون هناك إحساس بالألم عند لمس فقرات وعضلات الرقبة، وكذلك الكتفين، ولا يصاحب هذا النوع من الصداع دوخة أوغثيان أو زغللة مثل الصداع النصفي.ويتعايش المصاب بالصداع النفسي المزمن معه، ويعتاد على أعراضه بالرغم من حالة الضعف، وعدم الراحة التي يتسبب فيها.هناك فرقيشير الأطباء والأخصائيون إلى أن هناك تداخلاً بين الصداع النفسي والنصفي، كما أن الصداع النفسي العرضي والذي يتكرر، يمكن أن يتسبب في الإصابة بالصداع النصفي.ويعد من أبرز أوجه الاختلاف بينهما، أن الصداع النفسي لا يتسبب في الغثيان أو التقيؤ أو اضطراب الرؤية، في الوقت الذي يتسبب الصداع النصفي في هذه الأعراض.ويشعر المصاب بالصداع النصفي بحساسية شديدة من الضوء والصوت، وهو الأمر الذي لا يحدث في الصداع التوتري.ويزيد المجهود البدني والحركة من آلام وأعراض الصداع النصفي، وهو ما لا يحدث في الصداع النفسي.وينصح المختصون مريض الصداع النفسي بالعرض على الطبيب، في حالة كان هذا الصداع شديداً ويؤثر على نمط حياة المصاب، وكذلك في حالة وجود تاريخ مرضي من الإصابة بهذا النوع، وعند حدوث تغير مفاجئ لنمط الصداع، لأنه ربما كان مؤشراً على الإصابة ببعض الأمراض، كتمدد بعض أوعية المخ الدموية، أو تمزق أحد الأوعية الرقيقة.احترس من المسكناتيعتمد كثير من المصابين بالصداع النفسي على المسكنات كعلاج دون اللجوء إلى طبيب بعينه، وينفع هذا الإجراء معهم، إلاّ إن نوبات الصداع تجبر آخرين على الذهاب إلى الطبيب لوصف العلاجات المناسبة لهم.وينبغي على المريض الحذر في تعاطي المسكنات، حيث يمكن أن تتسبب في الإصابة بالصداع الارتدادي، وهذا النوع علاجه أصعب من صداع القلق.وتسبب بعض المسكنات القوية أعراضاً جانبية، مثل القرح والنزيف بالمعدة والجهاز الهضمي، كما تؤثر في القلب وضغط الدم، بسبب طول فترة الاستخدام.ويوجه الأطباء عدداً من النصائح للشخص المصاب بصداع القلق والخاصة بمسألة تعاطي المسكنات، ومنها يجب في البداية عدم الإفراط في استخدامها، بحيث لا يزيد على يومين في الأسبوع، مع الاقتصار تناولها في وقت الضرورة، ويتم استخدام أقل جرعة ممكنة من المسكن.علاجات غير دوائيةوتشمل الأساليب العلاجية غير الدوائية، تجنب الضغط النفسي، وذلك عن طريق اتباع أساليب منها تعلم أساليب الاسترخاء، والمساج وعلاجات الإجهاد، وتخفيف التوتر العصبي والعضلي.وتساعد ممارسة الأنشطة الرياضية بشكل منتظم في تخفيف شدة الصداع، مثل المشي أو السباحة، حيث تخفف من الضغط العصبي، وترخي العضلات، ويجب الحصول على استشارة الطبيب، إذا أدت التمارين الرياضية إلى الإصابة بالصداع في بعض الحالات.ويفيد في علاج صداع القلق تنظيم النوم، والحرص على تناول طعام صحي ومتوازن، وتفيد كمّادات الماء البارد أو الساخن على الرأس، ويستحسن تكرار هذا العلاج عدة مرات في اليوم، على أن تستمر 10 دقائق في المرة الواحدة.وينصح بأخذ فترة من الراحة كل مدة أثناء الجلوس أمام الكمبيوتر أو التلفاز، مع العمل على تحسين وضعية الجلوس، والاستمرار في عمل تدليك لفروة الرأس. الملاحظات سبيل الوقايةتشير دراسة حديثة إلى أن نوبات الصداع التوتري يمكن لها الاستمرار لأكثر من 17 يوماً في الشهر، ويصيب هذا النوع من الصداع نحو 93% من النساء، في حين يهاجم نحو 71% من الرجال يصابون به على مدى عمرهم كله.ويصيب في الأغلب البالغين بشكل أكبر، بخاصة بين الثلاثين والأربعين، ويؤثر الصداع التوتري في قطاع عريض من الناس بسبب حجم انتشاره، الأمر الذي ينعكس على الحياة اليومية للمصاب، وأداء عمله، وإنتاجه فيه.ويحتاج المصاب لالتزام البيت بسبب نوبة الصداع الشديد، ويكون وجوده في العمل بسببها شكلياً.وينصح الأطباء مرضى الصداع النفسي، أو صداع القلق، بتسجيل ملاحظات يومية، لأن تحديد العوامل وراء الإصابة بهذا النوع من الصداع سيجعل المريض يعمل على تغييره، وبالتالي يقي نفسه من الصداع. وتشمل هذه الملاحظات تسجيلاً دقيقاً للمؤثرات على مدى اليوم، ومنها مثلاً أنواع الطعام التي يتناولها الشخص المصاب، والمجهود الذي قام ببذله، والتحركات، وحالة البرد والمشروبات، ومن خلال هذه التفاصيل تتم معرفة السبب وراء الإصابة.
مشاركة :