لندن – تحاول إيران تجنب تبعات عقوبات أميركية خانقة من المنتظر أن تدخل حيز التنفيذ اليوم، من خلال سياسة متناقضة تجاه السعودية، عبر تنفيذ مناورات عسكرية كبيرة في مياه الخليج العربي، في نفس الوقت الذي تحاول فيه التوصل إلى تسوية تبقي مبادرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للحوار قائمة، لكن بطريقة غير مباشرة. والتقطت السعودية الإشارات الإيجابية الإيرانية، ومنحت لأول مرة منذ فترة طويلة تأشيرة دخول إلى أراضيها لرئيس مكتب رعاية المصالح الإيرانية في مدينة جدة. وأثنت وكالة “إرنا” الإيرانية للأنباء على الخطوة السعودية، ووصفتها بـ”خطوة دبلوماسية إيجابية”. وتحاول السعودية أيضا إبقاء مبادرة ترامب للحوار المباشر مع إيران على قيد الحياة. وتقول تقارير في واشنطن إن مسؤولين في البيت الأبيض يعتقدون أن منح السعودية توكيلا بمباشرة دعوة ترامب يمنح الرئيس الإيراني حسن روحاني مخرجا من ضغوط الحرس الثوري الإيراني، ويحفظ ماء وجه الإصلاحيين الداعمين لاستئناف الحوار مع الولايات المتحدة. فيما اعتبرت مصادر أميركية مطلعة المناورات العاجلة التي تجريها إيران في مياه الخليج تعبر عن ارتباك لدى طهران في مواجهة الضغوط المتصاعدة منذ انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي مع إيران في مايو الماضي. وأعلنت طهران أن الحرس الثوري أكد، الأحد، أنه أجرى مناورات حربية في الخليج خلال الأيام الماضية مضيفا أنها استهدفت “مواجهة تهديدات محتملة” من الأعداء. وكانت واشنطن قد أعلنت، الخميس، أن الولايات المتحدة تعتقد أن إيران بدأت تنفيذ تدريبات في مياه الخليج في تقديم على ما يبدو لموعد مناورات سنوية وسط تصاعد للتوترات مع واشنطن. وتشعر إيران بالغضب لقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي وإعادة فرض العقوبات على طهران، لذلك تسعى لخيارات بديلة للتهدئة مع دول الخليج من دون أن تتوقف عن رسائل التهديد بجاهزية قواتها العسكرية لأي حرب محتملة. وقال مسؤولون إيرانيون كبار إن البلاد لن ترضخ بسهولة لحملة أميركية تهدف إلى خنق صادرات إيران النفطية الحيوية. وكشفت تقارير أمنية أميركية أن طهران تسعى للتلويح بالخيار العسكري، لا سيما قدرتها على إغلاق المنافذ البحرية، في محاولة يائسة لردع المجتمع الدولي عن المضي قدما في الضغوط التي ينسجم معها، اتساقا مع مقتضيات العقوبات الأميركية ضد إيران. وأكدت القيادة المركزية بالجيش الأميركي، الأربعاء، أنها رصدت تكثيفا للنشاط البحري الإيراني. وامتد النشاط إلى مضيق هرمز وهو ممر مائي استراتيجي لشحنات النفط هدّد الحرس الثوري بإغلاقه. ارتباك إيرانيارتباك إيراني وسبق وأن هددت طهران بإغلاق مضيق هرمز كما مضيق باب المندب إذا ما منعت من بيع نفطها في الأسواق الدولية. واعتبر مراقبون أن قيام الحوثيين في اليمن باستهداف ناقلة نفط سعودية الشهر الماضي كان يرمي إلى التلويح بإمكانات إيران في إغلاق باب المندب، فيما تندرج المناورات البحرية الإيرانية الحالية في مياه الخليج في إطار التلويح بقدرة طهران على تهديد المنطقة ومنافذها البحرية الدولية. ونقل عن رمضان شريف المتحدث باسم الحرس الثوري في إيران قوله “أُجري هذا التدريب بهدف ضبط وحماية أمن الممر المائي الدولي وفي إطار برنامج تدريبات الحرس العسكرية السنوية”. وأبدى شريف رضاه عن “التدريبات البحرية الناجحة للحرس مؤكدا على الحاجة للحفاظ على التأهب الدفاعي وتعزيزه وكذلك على أمن الخليج ومضيق هرمز لمواجهة التهديدات والمغامرات المحتملة للأعداء”. ورأى خبراء في الشؤون الإيرانية أن طهران استنفدت أي خيارات خلاقة جديدة وعادت إلى تكرار تكتيكاتها السابقة المستندة على التهويل والتهديد من خلال هذه المناورات في مياه الخليج. وأضاف هؤلاء أن طهران تسعى لخلق “قضية وطنية” يجتمع حولها الإيرانيون في محاولة للالتفاف على المظاهرات التي اندلعت ضد الأداء الاقتصادي للنظام السياسي برمته، والتي ما برحت تتمدد باتجاه مدن جديدة في البلاد. غير أن خبراء في الشؤون العسكرية يعملون لصالح مقر الحلف الأطلسي في بروكسل حذروا من خطورة سياسة حافة الهاوية التي تنتهجها طهران في الخليج. وقال دبلوماسي أميركي إن ما يربو على مئة سفينة ربما شاركت في المناورات ومن بينها زوارق صغيرة. وقال خبراء الأطلسي إن الإيرانيين يسعون لاستدراج واشنطن نحو فرضيات جديدة ليست مشمولة بسياسة العقوبات القصوى ضد طهران. وأضافوا أن أي حادث عرضي بين سفن إيرانية وسفن أميركية قد يقلب الأمور باتجاه احتمالات عسكرية غير مبرمجة. وقال مسؤولون أميركيون لرويترز طالبين عدم ذكر أسمائهم إن المناورات استهدفت فيما يبدو بعث رسالة إلى واشنطن التي تكثف الضغوط الاقتصادية والدبلوماسية على طهران لكنها لم تصل حتى الآن إلى حد استخدام الجيش الأميركي في مواجهة أشرس مع إيران ووكلائها. واعتبر بعض المراقبين أن اندفاع طهران نحو المناورات العسكرية جاء بعد أيام على إعلان الرئيس ترامب عن استعداده للقاء قادة إيران دون شروط مسبقة. فبعد أشهر من التصريحات الهجومية، فاجأ ترامب المراقبين، الأسبوع الماضي، عندما عرض عقد لقاء مع الرئيس الإيراني حسن روحاني “في أي وقت” ودون شروط مسبقة. وأعقب عرض ترامب للحوار تلميح من وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بدعم تغيير القيادة الإيرانية، حيث قال أمام جمهور من المغتربين الإيرانيين في كاليفورنيا إن النظام في طهران شكل “كابوسا”. ولا يخفى أن مستشار البيت الأبيض للأمن القومي جون بولتون يعد من أبرز الأصوات الداعية إلى تغيير النظام الإيراني. ورأى المراقبون أن توازن القوى الفعلي الحالي لا يسمح لإيران بأن تكون في وضع مريح حيال أي مفاوضات محتملة. وجزم هؤلاء أن طهران تسعى من خلال هذه المناورات إلى تحسين شروط إيران على أي طاولة تفاوض “حتمية”، حسب رأيهم، بين واشنطن وطهران. ولفتت مصادر إيرانية مراقبة إلى أن لا مصلحة لإيران باستدراج الولايات المتحدة نحو الحرب، إلا أن طهران تعوّل على عدم وجود خطط لدى الإدارة الأميركية حاليا لشن حرب ضد إيران. العقوبات الأميركية تجفف نشاط الشركات الأوروبية في إيران إيران بين شقي الرحى.. التخلص من العقوبات أم إخماد نار الاحتجاجات
مشاركة :