انقلاب السحر الياباني على الساحر!! طلال القشقري انقلاب السحر الياباني على الساحر!! algashgari@gmail.com صنعت اليابان مُكيِّفات هواء لدول العالم أكثر بأضعافٍ مُضاعفة ممّا صنعته لنفسها، وربّما نحن في المملكة نستهلك مُكيِّفات يابانية أكثر ممّا تستهلكه اليابان، ممّا يعني تفوّق المصنوع له على الصانع في الاستهلاك، رغم الفارق الكبير في عدد السُكّان الذي يميل لصالح اليابان، وما ذاك بالطبع إلّا لحرارة الجوّ عندنا وبرودته هناك!. لكن مع ظاهرة انقلاب المناخ في كثيرٍ من الدول الباردة، و»نطنطة» حرارتها لدرجات عالية غير مسبوقة، كما حصل في اليابان مؤخراً بتسجيل درجة حرارة ٤٥ درجة مئوية لأول مرّة في تاريخها، حتّى كاد اليابانيون السائرون في شوارعهم باتجاه مقرّات أعمالهم وبين مداخل محطّات المترو الدقيقة قطاراتُها مثل الساعة السويسرية، يذوبون مثلما يذوب الآيسكريم تحت أشعّة شمس الظهيرة في الرياض أو جدّة!. وكم أحزنتني تلك الفتاة اليابانية، الجميلة والنحيلة الجسد، وهي تستظلّ من حرارة الشمس بمظلّة كبيرة تَسَعُها وأخريات غيرها، وتشرب من قارورة ماء وكأنّها تائهة وعطشى وسط صحراء قاحلة، بينما تحوّل لونُ وجنتيْها من الأبيض المُشْرَبّ بالصُفْرة إلى لون الطماطم الأحمر التي أينعت وحان موعد قطافُها، وأصبح شعر رأسها الناعم يقطر عرقاً مثلما يقطر الماء من شعر كوز الذرة الذي يُطلق عليه اسم (شواشي) في القاموس الزراعي، عند هطول الأمطار على مزارع الذرة!. واليابانيون مع الحرّ الذي حلّ ضيفاً جديداً وثقيلاً على ديارهم، سوف يزيدون حتماً من استخدام المُكيِّفات، وهنا سينقلب السحر على الساحر إذ سوف تزيد إصاباتهم بأضرار التكييف الصناعي على الإنسان، في كافّة أجهزته وأعضائه الظاهرة والباطنة، لكن لعلمي بعادات اليابانيين، وطريقة تفكيرهم الإيجابية، وشغفهم بالتحدّي، أعتقد أنّهم سيخترعون لنا أجيالاً جديدة من المُكيِّفات، لأجل أعينهم الضيّقة وأمّتهم العظيمة أوّلاً ثمّ للتصدير للعالم غير الصناعي، بحيث تكون أقلّ ضرراً، وأرخص تكلفةً، وأسهل صيانةً، فهم الآن محتاجون لذلك مثلنا، والفرق بيننا هو أنّ حاجتهم هي أمّ الاختراع، بينما حاجتنا هي أمّ الاستيراد، وهذا عشمي فيهم، وأقول هذا بعد تعرّضي للفحة هواء بارد من مُكيِّف ياباني في بيتي بعزّ الصيف، جعلت أعصاب وعضلات ذراعيّ وأكتافي تصرخ من الآلام، وجعلتني أهجر الجلوس والنوم في غُرفة مُكيّفة الهواء حتّى حِينٍ أرجو ألّا يُعَمِّرَ ويطول!.
مشاركة :