لا يزال الملف الحكومي الشغل الشاغل للوسط السياسي اللبناني، في ظل تمترس غالبية الفرقاء وراء الشروط والشروط المضادة المتبادلة، إذ إن العقد، تقول مصادر مواكبة، لا تزال على حالها، والأزمة الحكومية بدأت تتعمق أكثر فأكثر، من دون بروز أي بوادر للحل قريباً في الأفق، وتسهيل من الفرقاء المعنيين، تمكن الرئيس المكلف سعد الحريري من بإنهاء حال المراوحة التي تحاصر عملية التشكيل، حصصاً وأحجاماً. وأعلنت مصادر متابعة للملف الحكومي أن «التيار الوطني الحر لا يمانع أن تحصل القوات اللبنانية على أي حقيبة من غير حصته، وأن رئيس الحكومة يعرف مواقف الكتل من الحصص والحقائب وهو مسؤول وقادر أن يجيب القوات». وقالت: «كل ما في الأمر أن أي حصة يأخذها أي طرف في الحكومة، يجب أن ينظر إليها أن كانت من حقّه أو من حق الآخرين». واعتبرت مصادر التيار أن «أي طرح من جانب أي حزب، لا سيما مسيحي، يحتسب من الحصة الوزارية للرئيس على أساس عدد النواب المحسوبين على الرئيس، هو إضعاف متعمد لموقع رئاسة الجمهورية وصلاحياتها وهو مخالف للقاعدة التي اعتمدت بعد الطائف بمنح الرئيس حصة وزارية بغض النظر عن وجود كتلة نيابية محسوبة عليه». ووفق مصادر أخرى فإن «القوات عادت إلى حسابات حكومية تفضي إلى عدم تكريس حصّة لرئيس الجمهورية»، مشيرة إلى أنّ «احتساب وزراء الرئيس على أساس عدد نواب العهد من غير التيار تفريط بنقطة قوة للمسيحيين لمصالح آنية وخاصة». وقالت المصادر لـ «أوتي في»: «التيار لم يوافق على إعطاء الخارجية من دون مقابل ولا يمنع عن القوات أي حقيبة من غير حصته». وهنا قالت مصادر «قواتية» لـ «الحياة» إنه «وفق ما يقول التيار الوطني وقف نتيجة الانتخابات النيابية والأرقام التي نشروها هم بأننا حصلنا على 37 في المئة من أصوات المسيحيين فيحق لنا أكثر ما نطالب به الآن. أما وفق اتفاق معراب، فيكون للتيار 6 وزراء، ولنا 6 وزراء، ولرئيس الجمهورية ثلاثة وزراء». وفي المواقف رأى وزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال حسين الحاج حسن أن «من مصلحة اللبنانيين جميعاً أن يستطيع المعنيون تجاوز كل العقبات في عملية تشكيل الحكومة، على رغم الصعوبات التي ترافق التأليف». وقال: «عملية تشكيل الحكومة يجب أن تستند إلى معايير واضحة ومتوازنة على قاعدة نتائج الانتخابات النيابية». وأشار أمين سر تكتل «لبنان القوي» النائب إبراهيم كنعان إلى أن «هناك تسوية رئاسية أنتجت الوضع المستقر الراهن، ولا مصلحة داخلية في ضرب هذه التسوية، لا من جانب العهد ولا من الرئيس المكلف». واعتبر أن «الأرقام واضحة نتيجة ما أفرزته الانتخابات النيابية، والمبادرة هي لدى الرئيس المكلف الذي نعرف حرصه على التسوية، وهو يمكن أن يأخذ قرارا بمشروع تشكيلة بعد كل المشاورات التي قام بها». وفي المقابل لفت عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب وهبي قاطيشا إلى أن «هناك بعض الجهات أو القوى اللبنانية التي تتهم حزب «القوات اللبنانية« بكل العراقيل في تأليف الحكومة«، متسائلاً: «ما المشلكة في أن تأخذ «القوات» حقيبة سيادية وإذا أعطونا إياها «بربحونا جملية» ويعتبرونه تنازلاً علماً أننا ثاني أكبر كتلة مسيحية في مجلس النواب«. وأكد أنه «في حال تنازل البعض عن عنجهيتهم تتألف الحكومة و «القوات» من المسهلين للتأليف». وشدد على أن «العقد التي تحول دون تأليف الحكومة داخلية ونستغرب عدم حصول اللقاء بين رئيس الحكومة والوزير باسيل حتى الآن»، مؤكداً أن «اتهام القوات بمحاولة قضم حصة رئيس الجمهورية في الحكومة الجديدة عار من الصحة»، ومشيراً إلى «أننا قد نقبل كقوات بأربع وزارات إذا كانت دسمة وعلى الأفرقاء التنازل عن عنجهيتهم وتسهيل عملية التأليف». «للتواضع وتسهيل التأليف» وقال عضو كتلة «المستقبل» النائب محمد سليمان في تصريح: «اليوم وبعدما أكد الجميع ضرورة تشكيل حكومة وفاق وطني، وفي مقدمهم الرئيس المكلف، أدعو القوى السياسية إلى التواضع والتنازل لتسهيل مهمة الرئيس الحريري لتشكيل الحكومة التي ينتظرها مجموعة من التحديات الاقتصادية والاجتماعية الضاغطة على اللبنانيين». «حسابات باسيل الرئاسيّة أصل الأزمة» وقال عضو «اللقاء الديموقراطي» النائب فيصل الصايغ إنّ «مطالبنا الوزارية واضحة في ملف الحكومة وهي ٣ حقائب وفق تمثيلنا النيابي، الأمر الذي خلق العقدة في حين أن «التيار” مرتبط بأرسلان»، مشيراً إلى أن «طبيعة التعاطي السياسي معنا دفعتنا إلى التشدد في الحصول على حصّتنا». وإذ رأى أن «ولادة الحكومة ستتأخّر لشهر بالحد الأدنى»، تحدّث عن «إمكان حصول مفاجآت فهناك مساعٍ روسية– أميركية لحسم تأليف الحكومة كي يتزامن ذلك مع عودة النازحين السوريين». وأكد الصايغ أن «عهد الرئيس ميشال عون ليس مُستهدَفاً ولا عودة إلى التحالفات التعطيلية أو إلى اصطفافات تشبه ٨ و١٤ آذار، فهذا الإنقسام العمودي أثبت أنه لا يُفيد البلاد». وأوضح أن «كلام رئيس «التقدمي الإشتراكي» وليد جنبلاط عن «العهد الفاشل» أتى بناءً على عوامل عدة أبرزها القضايا الإقتصادية وعلى رأسها ملف الكهرباء»، مشدداً على أن «أولويتنا عدم الخروج عن اتفاق «الطائف» وعدم السير في الأعراف التي تهدد الإستقرار وتتجاوز دستور الطائف». وتابع: «البلاد لا تُحكَم بطريقة استئثارية، إذ ما عدنا نعلم إن كانت المشكلة مع الرئيس عون أو مع الوزير باسيل، لكنّ حسابات الأخير الرئاسية ومستقبله السياسي هي مصدر التصلّب وأصل الأزمة».
مشاركة :