كيف تقوم الشمس بتسخين الهالة حولها إلى ملايين الدرجات، فيما يبقى السطح تحتها بارد نسبياً؟ هذا اللغز الكبير المرتبط بالشمس سيسعى المسبار الفضائي «باركر» إلى حله، من خلال المهمة الفضائية التي بدأت أول من أمس.وأطلق المسبار، البالغة قيمته 1.5 مليار دولار أميركي، من منصة إطلاق في كيب كانافيرال، في فلوريدا بالولايات المتحدة، ومن المخطط له أن يصل خلال 3 أشهر إلى أقرب نقطة من الشمس لم تصل لها مركبة فضائية أخرى، على أن يحلق خلال السنوات السبع المقبلة حول الشمس 23 مرة، مقترباً أكثر فأكثر، حتى يكون قد حلق في النهاية 6.2 مليون كيلومتر فوق السطح، أي داخل الهالة الشمسية.ونقلت مجلة «نيتشر» العلمية، عن نيكولا فوكس العالمة المسؤولة عن مشروع البعثة، قولها: «إن المسبار (باركر) إذا كتب له النجاح، سيكون أقرب بـ7 مرات من مسافة قياسية حققتها مركبة الفضاء الألمانية (هيليوس 2) في عام 1976».ويحمل المسبار «باركر» مجموعة من الأدوات التي ستساعده على فحص الهالة الشمسية مباشرة، دون أن تؤثر عليه درجات الحرارة العالية، فتؤدي إلى انصهاره.وتقول فوكس إن الأدوات التي سيستخدمها المسبار تحميها درع حرارية عرضها 2.4 متر، وهي مصنوعة من رغوة كربونية، سمكها 11 سنتيمتراً، محصورة بين طبقتين من مركب كربوني.واستقبل المجتمع البحثي حول العالم هذا الحدث باهتمام بالغ، واضعين آمالاً كبيرة في الحصول على معلومات تساعد في حل اللغز الكبير الذي أعلنت عنه «ناسا».ويقول د.محمد غريب، أستاذ الفيزياء الشمسية بالمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيزفيزيقية بمصر، لـ«الشرق الأوسط»: «أول ما يقابل أي مركبة فضائية هو الهالة (corona)، وتبلغ درجة حرارتها ما بين المليون ونصف المليون والمليوني درجة مئوية، وهي درجة مرتفعة جداً، قياساً بالطبقة التالية للهالة، وهي سطح الشمس، التي تصل إلى 6 آلاف درجة مئوية، ثم طبقة الكروموسفير، أو الطبقة الملونة، التي تصل إلى 150 درجة مئوية. وعلامة الاستفهام الكبيرة هي: لماذا هذا التباين الكبير، مع أنه منطقياً من المفترض أن تزيد الحرارة كلما اتجهنا من أعلى إلى أسفل، وليس العكس».ويضيف: «إذا تمكنت المركبة الفضائية من الإجابة على هذا السؤال الكبير، فسيكون ذلك إنجازاً علمياً كبيراً».
مشاركة :