انتهز الرئيس الأميركي دونالد ترامب بدء تطبيق العقوبات التي فرضتها إدارته على طهران، لتهديد المتعاملين تجارياً معها، فيما طالبها مستشاره للأمن القومي جون بولتون بـ «تراجع واسع» عن «دعمها الإرهاب الدولي ونشاطها العدائي في الشرق الأوسط» وعن برنامجيها النووي والصاروخي. ويواجه قرار واشنطن مساعي أوروبية مكثفة للحدّ من تداعياته، وإنقاذ الاتفاق النووي المُبرم بين طهران والدول الست عام 2015. وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني: «نبذل جهدنا لإبقاء إيران في الاتفاق، وكي تبقى تستفيد من منافعه الاقتصادية لشعبها... نشجّع الشركات الصغيرة والمتوسطة خصوصاً، على زيادة نشاطاتها التجارية في إيران، في إطار أمر يشكّل أولوية أمنية (بالنسبة إلينا)». لكن مجموعة «دايملر» الألمانية لصنع السيارات أعلنت تجميد نشاطاتها «المحدودة في إيران، تماشياً مع العقوبات» الأميركية الجديدة (راجع ص 8). وأعربت روسيا عن «خيبة شديدة» من قرار الولايات المتحدة، واتهمتها بـ «تصفية حسابات» مع ايران، متعهدة «فعل كل ما يلزم» لحماية الاتفاق النووي وعلاقاتها الاقتصادية مع طهران. أما رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي فاعتبر العقوبات «خطأً جوهرياً واستراتيجياً»، مستدركاً أن بلاده «سنلتزم بها لحماية مصالح شعبها». وعلى رغم تشديد الرئيس الإيراني حسن روحاني على الوحدة لمواجهة العقوبات، واتهام وزير الخارجية محمد جواد ظريف واشنطن بـ «النفاق»، ساد تشاؤم في ايران. إذ قال عامل بناء: «أشعر بأن حياتي تُدمّر. الوضع الاقتصادي يعني الموت للطبقة العاملة. لا يمكننا تحمّل تكاليف شراء الطعام ودفع الإيجارات». ولفتت ياسامان، وهي مصوّرة في طهران، إلى أن «الأسعار ترتفع منذ ثلاثة أو أربعة أشهر وكل حاجاتنا باتت باهظة الثمن»، معتبرة أن القادة الإيرانيين «سيُضطرون إلى تجرّع كأس السمّ في نهاية المطاف» والتفاوض مجدداً مع الولايات المتحدة. ورأى المواطن محمود أن العقوبات الأميركية «فاعلة جداً»، مشدداً على ضرورة «حلّ المشكلات الداخلية، لأن الناس غارقون في فقر وبؤس». ونبّه إبراهيم غلام نجاد إلى أن «الاقتصاد يتحوّل غابة»، لكن فرزانة أكدت أن «أميركا لا تستطيع أن تفعل شيئاً» ضد ايران. في المقابل، شدّد ترامب ضغوطه على طهران، معتبراً أن العقوبات التي فُرِضت عليها «هي الأكثر إيلاماً إطلاقاً»، لافتاً إلى أنها «ستبلغ مستوى أعلى في تشرين الثاني (نوفمبر)» المقبل. وأضاف: «كل مَن يتعامل تجارياً مع إيران، لن يستطيع التعامل تجارياً مع الولايات المتحدة. لا أسعى إلى شيء أقلّ من السلام العالمي». ونفى بولتون تكهنات بتدهور العلاقات الأميركية مع أوروبا، مشيراً إلى أن إدارة ترامب «تواصلت معها باستمرار» في هذا الصدد. وأضاف: «ما زلنا نشترك في الهدف ذاته، وهو التأكد من عدم امتلاك إيران أسلحة نووية يمكن إطلاقها». وكرّر أن العقوبات لا تستهدف «تغيير النظام» في ايران، مستدركاً: «نريد أن نمارس أقصى مقدار من الضغط على حكومتها، لا العودة إلى مناقشة إصلاح صفقة (الاتفاق النووي) لا يمكن إصلاحها، والتعامل مع ملف الأسلحة النووية». وزاد: «نريد أن نرى تراجعاً أوسع من إيران، لدعمها الإرهاب الدولي ونشاطاتها العدائية في الشرق الأوسط وبرنامجيها الصاروخي والنووي. هناك مسائل كثيرة يجب أن تُحاسب عليها إيران».
مشاركة :