صدمة اقتصادية في إيران وترمب يحذر من التعامل معها

  • 8/8/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

الاقتصادية" من الرياض أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، أن العقوبات الجديدة التي فرضتها واشنطن على إيران هي "الأكثر إيذاء على الإطلاق"، وحذر باقي الدول من التعامل تجاريا مع طهران. ووفقا لـ"الفرنسية"، فإن ترمب قال في تغريدة على "تويتر" أمس، إن "العقوبات الإيرانية فرضت رسميا. هذه العقوبات هي الأكثر إيذاء التي يتم تطبيقها على الإطلاق، وفي تشرين الثاني (نوفمبر)، سيتم تشديدها إلى مستوى جديد". وأضاف أن "أي جهة تتعامل تجاريا مع إيران لن يكون بإمكانها التعامل تجاريا مع الولايات المتحدة. لا أسعى إلى شيء أقل من السلم العالمي". ويلقي كثير من الإيرانيين اللوم على حكومتهم جراء إعادة فرض العقوبات الأمريكية ويخشون في الوقت ذاته أن تكون "المسمار الأخير في نعش" الاقتصاد المتعثر أصلا. ووفقا لـ "الفرنسية"، فإنه رغم الاحتجاجات والإضرابات التي شهدتها البلاد خلال الأيام الأخيرة، بدت حدة الاضطرابات أخف مع عودة العقوبات أمس، ولو أن ذلك لا يعني الكثير في ظل اليأس المستشري في أوساط شرائح المجتمع الأكثر فقرا تحديدا. وقال عامل البناء علي بافي "أشعر أن حياتي تتدمر. الوضع الاقتصادي في الوقت الحالي يعني الموت للطبقة العاملة". وأضاف "العقوبات تؤثر من الآن سلبا في حياة الناس. لا يمكننا تحمل تكاليف شراء الطعام ودفع الإيجارات لا أحد يهتم بالعمال". وتضاف إلى ذلك مشكلات الفساد والمنظومة المصرفية الفوضوية والبطالة المتفاقمة التي تعانيها البلاد بعد عقود من سوء الإدارة. وقالت مصورة في طهران تبلغ من العمر 31 عاما وتدعى ياسامان "ترتفع الأسعار منذ ثلاثة أو أربعة أشهر وكل حاجياتنا باتت باهظة الثمن، وكان ذلك حتى قبل عودة العقوبات". وتعتقد ياسامان ككثيرين غيرها في العاصمة طهران أن قادة إيران سيجبرون على العودة إلى طاولة المفاوضات، وهو ما يأمله ترمب. وتقول "آمل أن يحدث ذلك يوما ما. يعتقد كثيرون أن السياسيين سيضطرون إلى "تجرع كأس السم" في نهاية المطاف". وهذه العبارة التي باتت تُسمع كثيرا في إيران هذه الأيام هي إشارة إلى التعبير الشهير الذي استخدمه الخميني الذي شبه التوقيع على اتفاق هدنة لإنهاء الحرب التي استمرت ثمانية أعوام مع العراق في 1988 بتجرع "كأس السم". وبما أن معظم الإيرانيين تأقلموا مع الموقف الأمريكي ضد نظامهم الحاكم، لكنهم باتوا يصبون غضبهم هذه المرة على قادتهم. ويقول مصمّم الديكور علي "35 عاما"، "عادت الأسعار إلى الارتفاع مجددا لأن السبب هو فساد الحكومة لا العقوبات الأمريكية". وكحال كثيرين غيره، يرى علي أن الرئيس حسن روحاني لا يملك السلطة التي تخوله تحسين الوضع. ويضيف "لا يمكنه حل المشكلات. أثبت في مناسبات عدّة أنه ليس صانع القرارات في البلاد. تكمن مشكلاتنا في ممثلينا والمنظومة بأسرها". ويبدو عديد من الإيرانيين من أصحاب الشهادات العلمية والأكثر ثراء فاقدي الأمل كذلك رغم امتلاكهم خيار مغادرة البلاد الذي يعتبرونه خيارا مرّا. ومن بين هؤلاء سوجاند، وهي شابة تحمل الجنسيتين الإيرانية والأمريكية قدمت للعيش في إيران للمرة الأولى قبل خمسة أعوام مستغلة تراجع التوترات الدولية التي رافقت إبرام الاتفاق النووي. لكنها بدأت خلال الشهور الأخيرة تشعر بالقلق إزاء وضعها كحاملة جنسية مزدوجة بعد اعتقال السلطات الإيرانية عددا من المواطنين الذين يحملون جنسية أخرى غير الجنسية الإيرانية، بتهم تتعلق بالتجسس، فقررت أن الوقت قد حان للمغادرة. وتقول "أشعر بالعار للتخلي عن زملائي في ظل هذه الأزمة الاقتصادية. أشعر بالذنب لامتلاكي الموارد التي تمكنني من المغادرة بهذه السرعة تحت نظر أصدقائي". وتضيف "عدم استقرار الوضع الاقتصادي وانهيار القدرات المالية للبلاد كان المسمار الأخير في النعش". ودخلت دفعة أولى من العقوبات التي قررت الولايات المتحدة إعادة فرضها على إيران حيز التنفيذ أمس، بهدف ممارسة ضغط اقتصادي على طهران، ما يهدد بزيادة الاستياء الشعبي في البلاد حيال الظروف المعيشية الصعبة. ويحمل عديد من الإيرانيين قادتهم مسؤولية إعادة فرض العقوبات باعتبارهم فشلوا في إيجاد حل. وأعادت واشنطن فرض عقوبات قاسية على إيران بعد سحب الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بلاده في أيار (مايو) من الاتفاق التاريخي حول الملف النووي الإيراني الموقع عام 2015. وأثار هذا الانسحاب الأمريكي من طرف واحد استياء الأطراف الموقعة الأخرى، ولا سيما الأوروبيين الذين أبدوا تصميمهم على الحفاظ على النص. لكن عديدا من الشركات الغربية ترى ارتباطاتها التجارية بإيران مهددة بفعل العقوبات. ومن المرجح أن تكون وطأة العقوبات قاسية على الاقتصاد الإيراني الذي يواجه في الأساس صعوبات أثارت في الأيام الأخيرة موجة احتجاجات اجتماعية ضد معدل بطالة مرتفع وتضخم شديد، وقد تدهور الريال الإيراني فخسر نحو ثلثي قيمته خلال ستة أشهر. وبعدما راهن بكل ما لديه على الاتفاق النووي، اتهم الرئيس الإيراني حسن روحاني واشنطن بـ "شن حرب نفسية على الأمة الإيرانية وإثارة انقسامات في صفوف الشعب". وجاءت تصريحات روحاني ردا على توجيه ترمب قبل ساعات تحذيرا جديدا لإيران، مبديا في الوقت نفسه "انفتاحه" على "اتفاق أكثر شمولا يتعاطى مع مجمل أنشطة "النظام الإيراني" الضارة، بما فيها برنامجه الباليستي ودعمه للإرهاب". وقال في بيان "على النظام الإيراني الاختيار. فإما أن يغير سلوكه المزعزع للاستقرار ويندمج مجددا في الاقتصاد العالمي، وإما أن يمضي قدما في مسار من العزلة الاقتصادية". ويعتزم ترمب الذي تبنى موقفا معاديا لإيران منذ وصوله إلى السلطة "تشديد الضغط على طهران حتى تغيّر سلوكها"، ومن مآخذه عليها تحالفها مع بشار الأسد ودعمها لميليشيا الحوثي في اليمن ولحزب الله اللبناني. وكان الاتفاق النووي الذي أبرم بعد مفاوضات شاقة بين إيران من جهة، والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين وألمانيا والاتحاد الأوروبي من جهة أخرى، يهدف إلى ضمان الطبيعة السلمية للبرنامج النووي الإيراني من خلال فرض رقابة صارمة عليه، مقابل رفع تدريجي للعقوبات التي كبلت الاقتصاد الإيراني وعزلت البلاد. وقال الباحث في معهد "كاتو" للدراسات جون جليزر "إن الولايات المتحدة تعتبر العقوبات وسيلة ضغط من أجل أن تعود إيران إلى طاولة المفاوضات، بهدف تعديل شروط الاتفاق بما يناسبها، وهذا لن يحصل". وتشمل الحزمة الأولى من العقوبات الأمريكية التي دخلت حيز التنفيذ أمس، الساعة 04:01 بتوقيت جرينتش، تجميد التعاملات المالية وواردات المواد الأولية، كما تستهدف قطاعي السيارات والطيران التجاري. وستعقبها في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، تدابير تطول قطاعي النفط والغاز إضافة إلى البنك المركزي الإيراني. وشهدت مدن إيرانية عدة الأسبوع الماضي تظاهرات متفرقة وإضرابات، ما يعكس استياء حيال الوضع الاقتصادي المتدهور وامتعاضا من الطبقة السياسية، وكذلك احتجاجا على ارتفاع الأسعار والنقص في المياه نتيجة الجفاف. وقام عديد من الإيرانيين في الأيام الماضية بادخار دولارات وجمع مؤن خوفا من تدهور أوضاعهم أكثر في ظل العقوبات. وإزاء انهيار العملة الوطنية وموجة الاحتجاجات الاجتماعية، أعلنت الحكومة الإيرانية تليين القيود المفروضة على صرف الريال، فيما أوقف عدد من المسؤولين بينهم أحمد عراقجي، مساعد محافظ البنك المركزي لشؤون العملات الصعبة، لاتهامهم بالفساد.

مشاركة :