وقع الرئيس الاميركي باراك اوباما الجمعة، قانون الدفاع السنوي، منتقداً البنود التي تبقي إغلاق معتقل غوانتانامو أمراً محظوراً خشية "تقويض الأمن القومي" للولايات المتحدة. كما تعهد أوباما بالرد على الهجوم الكتروني الذي تعرضت له شركة سوني بيكتشرز، وألقى باللائمة فيه على كوريا الشمالية. وكان من أوائل قرارات اوباما التحرك لإغلاق المعتقل الذي فتح في قاعدة غوانتانامو الأميركية في كوبا قبل 13 عاما، في عهد الرئيس السابق جورج بوش، لكنه واجه عقبات داخلية ودولية عديدة لتحقيق ذلك. وقال الرئيس الأميركي: إنه وقع قانون السياسة الدفاعية لأنه يؤمن "فوائد حيوية للعسكريين وعائلاتهم وكذلك الإمكانيات التي تحتاج إليها السلطات للتصدي لتنظيم داعش" وتهديدات أخرى. إلا أنه انتقد القانون الذي أبقى على منع أو تعديل أي سجن داخل الولايات المتحدة لنقل معتقلي غوانتانامو اليه. وقال اوباما بحسب بيان للبيت الأبيض: إن "سجن غوانتانامو يقوض أمننا القومي عبر استنفاد مواردنا ويتسبب بتدهور علاقاتنا مع حلفائنا ويشجع المتطرفين الذين يمارسون العنف"، مؤكداً أن "إغلاق هذا السجن يشكل أولوية قومية". وأضاف الرئيس الأميركي: "بدلاً من إزالة القيود التي تعرقل خيارات السلطة التنفيذية لمعالجة مشكلة المعتقلين، يمدد هذا القانون العمل بها". وبعد ست سنوات على انتخاب اوباما الذي وعد بإغلاق المعتقل، ما زال هذا السجن يضم 136 معتقلاً بينهم 67 تبين أنه يمكن الإفراج عنهم في عهد بوش أو أوباما. وقال اوباما: إن "استمرار عمل معتقل غوانتانامو يقوض أمننا القومي ويجب علينا إغلاقه". وأضاف: "أدعو أعضاء المعسكرين إلى العمل معنا من أجل إغلاق هذا الفصل في التاريخ الأميركي". ويمدد قانون الدفاع السنوي (اكثر من 500 مليار دولار) القيود المفروضة على اغلاق سجن غوانتانامو في كوبا. كما يمدد حظر نقل معتقلين في السجن الى الولايات المتحدة رغم المعارضة المتكررة للرئيس. ومنذ إنشائه، يثير معتقل غوانتانامو الذي شيد لنقل الذين يشتبه بتورطهم في الارهاب بعد اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر 2001، جدلا كبيرا بسبب اعتقال مشبوهين فيه بدون محاكمة وبدون تحديد مدة زمنية، وكذلك بسبب عمليات الاستجواب الوحشية التي يخضع لها المعتقلون فيه. وعبر هذا القانون، يمنع الكونغرس وزارة الدفاع من نقل معتقلين الى الاراضي الاميركية لمحاكمتهم ومعالجتهم وسجنهم او لأي سبب آخر. ويعتبر الجمهوريون ان هؤلاء قد يفرج عنهم بناء على قرار قاض ما يشكل تهديداً للأمن القومي. وقال اوباما: "ينبغي تمكين الحكومة من أن تقرر أين ومتى يجب محاكمة من تبقى من سجناء؟ (...) أين ومتى يجب نقلهم انسجاما مع موجبات أمننا القومي ومع سياستنا على صعيد المعاملة الانسانية؟". واضاف ان "في حال كانت القيود على نقل المعتقلين تطبق بطريقة تنتهك المبادئ الدستورية لفصل السلطات، فإن ادارتي ستقوم بتطبيقها بما يسمح بتجنب اي نزاع دستوري". وانتقد وزير الدفاع الاميركي تشاك هيغل ايضا القانون مؤكدا انه يمنع وزارة الدفاع من مواصلة اجراءات عديدة لخفض النفقات. وقال "بقدر ما نرجئ الخيارات الصعبة تزداد صعوبتها". التعهد بالرد على صعيد آخر، تعهد الرئيس الأمريكي بالرد على هجوم الكتروني تعرضت له شركة شركة سوني بيكتشرز، وألقى باللائمة فيه على كوريا الشمالية، كما انتقد الشركة بشدة لأنها رضخت لما وصفه برقابة فرضها دكتاتور أجنبي داخل الولايات المتحدة. وذكر أوباما الجمعة، أن الهجوم الالكتروني ألحق ضررا جسيما بسوني لكن الشركة كان يجب ألا ترضخ وتوقف طرح فيلم المقابلة (ذا انترفيو) الكوميدي الذي يروي قصة خيالية عن اغتيال زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون. وقال أوباما في مؤتمر صحفي بمناسبة قرب نهاية العام: "سنرد.. سنرد بالطريقة المناسبة وسنرد في المكان والوقت وبالأسلوب الذي نختاره." وكان مكتب التحقيقات الاتحادي الأمريكي قد أعلن في وقت سابق أنه خلص إلى أن كوريا الشمالية مسؤولة عن اختراق شبكة الكمبيوتر الخاصة بشركة سوني وقال: إن تصرفات بيونجيانج "تجاوزت حدود التصرفات المقبولة للدول." مشاورات وذكر أوباما أن كوريا الشمالية ربما تصرفت من تلقاء نفسها. وبدأت واشنطن مشاورات مع اليابان والصين وكوريا الجنوبية وروسيا وطلبت مساعدتهم في كبح جماح كوريا الشمالية. وتعهدت اليابان وكوريا الجنوبية بالتعاون. ولم يصدر رد بعد من الصين أكبر حليف لكوريا الشمالية لكن صحيفة تديرها الدولة قالت: إن "فيلما مثل المقابلة (ذا انترفيو).. لا يدعو هوليوود والمجتمع الأمريكي للفخر.. السخرية غير الأخلاقية من كيم ليست سوى نتيجة للغطرسة الثقافية الفارغة." وهذه هي المرة الأولى التي تتهم فيها الولايات المتحدة مباشرة دولة أخرى بشن هجوم الكتروني بهذا الحجم على الأراضي الأمريكية، وينذر الهجوم بمواجهة جديدة محتملة بين الخصمين اللدودين واشنطن وبيونجيانج. وقال المكتب: إن الطبيعة التخريبية للاختراق وتهديدات المتسللين التي دفعت سوني إلى سحب الفيلم تجعل الهجوم مختلفا عن الهجمات الالكترونية السابقة. ونفى دبلوماسي من كوريا الشمالية في مقر الأمم المتحدة بنيويورك أي صلة لبيونجيانج بالهجوم الالكتروني. وقال الدبلوماسي لرويترز: "جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية (كوريا الشمالية) ليست طرفا في هذا." وقال أوباما: إنه كان يأمل أن تتحدث سوني معه أولاً قبل أن تسحب الفيلم مشيرا إلى أن الأمر قد يمثل سابقة سيئة. وتابع "أعتقد أنهم أخطأوا." وقال: "لا يمكن أن يكون لدينا مجتمع، حيث يفرض دكتاتور ما في مكان ما رقابة هنا في الولايات المتحدة... لأنه إذا تمكن أحدهم من إرهاب الناس من طرح فيلم ساخر فتخيل ما يمكنهم فعله إذا رأوا فيلما وثائقيا لا يعجبهم أو تقارير اخبارية لا تروق لهم." وأصر مايكل لينتون الرئيس التنفيذي لشركة سوني بيكتشرز انترتينمنت على أن الشركة لم ترضح للمتسللين، وقال: إنها ما زالت تبحث عن منابر بديلة لطرح الفيلم من خلالها. وتفرض الولايات المتحدة عقوبات على كوريا الشمالية منذ 50 عاما لكنها لم تؤثر كثيرا على سياسات البلد المنعزل في مجال حقوق الإنسان أو تطويرها للأسلحة النووية. ويقول خبراء أمريكيون: إن خيارات أوباما قد تشمل الرد الالكتروني والعقوبات المالية وتوجيه الاتهامات الجنائية إلى أفراد ضالعين في الهجوم أو حتى زيادة الدعم العسكري الأمريكي لكوريا الجنوبية.
مشاركة :