غربة الموسيقى في الدراما العربية

  • 8/8/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

إذا استثنينا أغنيات شارات المقدمة والنهاية نلاحظ أن المشاهد العربي لا يهتم كثيراً بموسيقى الأعمال الدرامية. لا نعتقد بأنه يفعل ذلك بسبب عدم إدراكه دور الموسيقى في السياق الدرامي وهو الذي عرفها من أيام السينما «تصويرية» تمنح الحدث الدرامي زخماً وتساهم في خلق مناخه وتدفع للتفاعل معه. كانت السينما دراما الساعتين وكانت تعني التكثيف في حين انحازت الدراما العربية للأعمال الطويلة التي ذهبت بسرعة إلى تقاليد الثلاثين حلقة بما تعنيه من وقت طويل لا نعتقد بأنه يسمح فنياً بتأليف موسيقى خاصة للأحداث كلها، ما دفع لاختيار جملة موسيقية واحدة تتكرر طيلة الحلقات ما يبتعد بها عن أية علاقة بمفهوم «التصويرية» القديم ويجعلها «حلية» تزيينة لا أكثر. هذا في السياق الفني، أما في السياق الإنتاجي فالأمر يبدو أكثر إرباكاً، إذ إن البحث عن موسيقى تصويرية تواكب العمل الدرامي بأكمله وتتجدد مع كل مشهد من مشاهده تبدو لنا في الحالة الدرامية العربية ضرباً من الخيال غير الواقعي والذي لا تتوافر له الإمكانات الفنية ولا الإنتاجية على حد سواء بل ولا يرغب فيه أحد. الممكن والواقعي في حالة كهذه هو العودة إلى تقاليد السينما العربية التي كانت تذهب إلى التراث العالمي من الموسيقى الكلاسيكية فتقوم بانتقاء ما يناسبها من مقاطع موسيقية تراها تنسجم مع وقائعها وتغنيها عن العقيمة. غني عن القول هنا أنه حل «إسعافي» لا يغني عن التأليف الخاص بما فيه من صدقية تنبع من حالة تفاعل مع السيناريو كما مع البيئة وملامحها وما فيها من خصوصيات. لجأت السينما العربية كثيراً للموسيقى العالمية لكنها قدمت تجارب كثيرة أيضاً لموسيقين أثروا الأفلام بموسيقاهم، كان أشهرهم المصري أندريه رايدر صاحب التجارب الغزيرة والمميزة في هذا المجال إلى جانب ما قدمه الراحل فريد الأطرش من موسيقى تصويرية سينمائية وحقق بها تناغماً منح تلك الأفلام نجاحاً أكبر. هي مفردة أساسية من مفردات فن الدراما المركب والذي يكتمل نجاحه باكتمال كل مفرداته وارتقائها إلى مستوى الإبداع والتميز.

مشاركة :