الشركات والنمو المستدام والأداء «1 من 2»

  • 8/9/2018
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

8 يعمل عديد من الشركات على دفع عجلة الأداء المالي وتهميش الأهداف البيئية والاجتماعية. يقول بول بولمان "إنه ما من شك في أن التغيرات غير المسبوقة التي شهدناها في الاقتصاد العالمي على مدى العقد الماضي هي فرصة وليست تهديدا"، ويضيف "نحن على نحو متزايد أكثر نجاحا فيما أُسميه بيئة فوكا، أي إنها بيئة متقلبة وغير مؤكدة ومعقدة وغامضة". بدأ النجاح عام 2011 عندما أطلق الرئيس التنفيذي لشركة يونيليفر "خطة المعيشة المستدامة" التي تم بموجبها دمج جميع جوانب الأعمال التجارية لشركة يونيليفر. وقد تطلب التجديد والتحسين أن تضاعف الشركة مبيعاتها وتُقلص إلى النصف تأثيرها البيئي خلال عقد من الزمن. يقول بولمان "إنه نموذج عمل واقعي وصعب، لكن في عالم يشعر الناس فيه على نحو متزايد بأن النظام غير عادل، أو أنهم مستبعدون، وحيث تشكل الموارد طغوطا هائلة، فإن الشركات التي لا تعمل بنشاط لتكون جزءا من الحل، ستكون شيئا من الماضي". ويدرك أن وسائط الإعلام الاجتماعية، في عالم اليوم المترابط والمتشابك، تُشكل أداة قوية في يد الناس، وأن المستهلك لا يخشى قول ما يريد، ويضيف "شاهدنا في هذا العصر الرقمي تعاظم قوة المستهلك، وأقول دائما للناس هنا إنهم يستطيعون إسقاط أي شركة غير مسؤولة في جزء بسيط من الثانية.. المستهلك هو الرئيس، ولا توجد قوة أكبر من قوة محفظة النقود، لذلك فإننا نفتح أبواب شركاتنا للمستهلك أكثر من أي شيء آخر، هنالك مليارا مستهلك في جميع أنحاء العالم يستخدمون منتجاتنا يوميا، ونقول كشركة إن أفعالك الصغيرة تحدث فارقا كبيرا". الربط بالمستهلك، وفقا لبولمان، هو عملية ذات اتجاهين، إذ يمكن للشركة الترويج لمنتجاتها وخدماتها، أما المستهلك فيمكنه جعل ما يفضله معروفا، ما يؤدي إلى تطوير أفضل للمنتجات الجديدة لتتناسب على نحو أفضل مع حاجات المستهلكين. تشتمل الابتكارات الجديدة على المنظفات الصناعية التي لا تتطلب إلا الشطف دورة واحدة بدلا من ثلاث دورات، والشامبو الجاف، وهو ما يتناسب مع المناطق الجافة في العالم. ويعتقد بولمان أنه لا سبب يدعو إلى التعارض بين النمو الأخضر والربحية، وفي الحقيقة، لم يعد تجاهل البيئة خيارا إذا أرادت الشركات أن تنجو "نحن نعيش في عالم لا يزال مليار من الناس فيه يأوون إلى فراشهم وهم جائعون، وحيث كلَّفت الصدمات المناخية الأعمال التجارية مبالغ طائلة – 200 مليار في العام الماضي وحده. هنالك في إفريقيا 300 مليون لاجئ نتيجة للتغير المناخي. سيكون العمل التجاري عملا ناجحا إذا توافر له نموذج للعمل التجاري يستجيب لحاجات المجتمع. ويحاول بولمان جاهدا أن يشير إلى أن شركة يونيليفر ليست جمعية خيرية: "نحن شركة أولا وأخيرا، وكل ما نقوم به يجب أن يكون ذا معنى من حيث الربحية، ويجب ألا يكون النمو المستدام على حساب الخط الأعلى أو الأدنى للنمو. في الواقع أود أن أقول إن هذه الاستراتيجية ستعمل فعلا على تسريع كلٍ من الخط الأعلى والخط الأدنى للنمو". ويسارع بولمان ليشير إلى أن خطة يونيليفر المعيشية مدينة أكثر إلى فكرة آدم سميث المتعلقة بالرأسمالية المُنصفة منها إلى السياسة الخضراء الحديثة. يقول بولمان "نحن نرى بأم أعيننا يوما بعد يوم أن الحكومات غير قادرة على الإنجاز، إن جوهر ما نفعله يكمن في الأصول الرأسمالية، وهو شيء لم نلقِ له بالا". قد لا تكون "يونيليفر" جمعية خيرية، لكنها شركة ذات تاريخ طويل في الأعمال الخيرية، إضافة إلى كونها شركة ذات مسؤولية اجتماعية وبيئية. قد تكون "المسؤولية الاجتماعية للشركات" كلمات طنانة في القرن الحادي والعشرين، لكن "يونيليفر" كانت وما زالت تمارس المسؤولية الاجتماعية لأكثر من 130 عاما. لقد انبثقت استراتيجية اللورد ليفرهولم لبناء شركة تعمل على تحسين أوضاع المجتمع، لا تقويضه من الحرمان الذي شاهده في إنجلترا أواخر القرن التاسع عشر، حيث لقي 50 في المائة من الأطفال حتفهم قبل بلوغهم عامهم الأول بسبب قلة النظافة. لقد دفعت الإحصاءات التي تقشعر لها الأبدان اللورد ليفرهولم إلى طرح قطع الصابون في الأسواق بأسعار معقولة. بولمان هو الرئيس التنفيذي الوحيد لشركة أنجلو الهولندية العملاقة الذي لم ينخرط لمعظم سنوات حياته المهنية في الأعمال التجارية. في الحقيقة إنه قضى 27 عاما مع شركة بروكتر آند جامبل، المنافس اللدود لشركة يونيليفير، وفترات وجيزة من العمل في شركة نيستله، التي تُعتبر نموذجا عملاقا للشركات الأوروبية ذات النمو المستدام، لكنه الآن ملتزم برسالة شركة بونيليفير لتطوير نموذج مستدام للنمو محدد بأطر إنجيلية. يؤكد بولمان أن "المصادر المستدامة هي من صميم استراتيجيتنا، وأن العالم سيستهلك من الطعام في السنوات الثلاثين المقبلة بقدر ما تم استهلاكه في الـ 30.000 عام الماضية، ولذلك، يجب أن تزداد الإمدادات الغذائية بمقدار 70 في المائة خلال هذه الفترة

مشاركة :