من يتأمل قول الله عز وجل: «وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (227)». (سورة الشعراء) يوقن تمام اليقين أن الأصل في الشعراء التناقض بين ما يقولونه في أشعارهم وما يفعلونه على أرض الواقع.. فتجد الشاعر يتغنّى بالشجاعة ويتمنّى ساحة الوغى، وعندما يحل الخطب وتتداعى الفرسان للميدان يفر كأجبن هر رأته عين انسان! وتجد الشاعر يتغنّى بالكرم والكرماء وهو أبخل مخلوق رمت به أرحام النساء على سطح الأرض!.. وهكذا! ولكن لأن الشعراء كثيرون إلى حد كبير جدا كان الاستثناء في حالاتهم ليس بالعدد القليل. فهناك شعراء كانت قصائدهم عن المروءة والشهامة انعكاسا حقيقيّا لأخلاقهم وحياتهم الشخصية، ومن هؤلاء الشعراء الشاعر الشهم تركي عواد… فمن يقرأ شعر تركي عواد الذي ينضح بالمروءة ومكارم الأخلاق ويقيسه على شخصية تركي لا يستطيع الا أن يقول: ان تركي عواد قدم سيرته الذاتية للقراء في قوالب شعرية، فالشاعر تركي عواد الذي يقول: «أنا عدوي إليامن غاب ما اغتابه» هو الإنسان تركي عواد الذي عُرف بعفّة اللسان وانصاف خصومه قبل أصدقائه… فلن تجد أي فرق بين الشاعر تركي عواد والإنسان تركي عواد! ولن تجد ما يشخّص حالة تركي عواد الاسثنائية في منظومة الشعراء إلا ما قاله الدكتور عبداللطيف خليف في الشاعر محمود سامي البارودي عندما وصفه بقوله: «إن مروءة البارودي ونخوته الواضحتين في شعره… صورة حقيقية من سمو نفسه، وارتفاع همته، فهو يصدر عن طبع خُلقي لا عن تكلّف بياني»! رحم الله البارودي وأدام الله النبيل تركي عواد. عبدالكريم دوخي المجهول@a_do5y
مشاركة :