التصعيد سيد الموقف في غزة رغم إعلان الفصائل وقف عملياتها

  • 8/10/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

غزة (فلسطين) - تواصل القصف الإسرائيلي على مناطق في قطاع غزة، الخميس، رغم إعلان الفصائل الفلسطينية عن وقف إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل. وأثار التصعيد الأخير بين إسرائيل وحركة حماس -والذي راح ضحيته، ثلاثة فلسطينيين بينهم طفلة رضيعة وأمها-، مخاوف جدية من فشل الجهود العربية والدولية الرامية إلى تحقيق هدنة طويلة بين الجانبين. وقالت مصادر فلسطينية إن طائرات استطلاع إسرائيلية أطلقت صاروخا تجاه مجموعة من الشبان شرق بلدة جباليا شمال قطاع غزة دون إصابات، فيما أطلقت المدفعية عدة قذائف في أراض زراعية شرق مناطق وسط قطاع غزة. وكان مسؤول فلسطيني كبير في غزة قد صرح أن “الغرفة المشتركة للفصائل أعلنت توقف كافة عمليات الردّ سواء إطلاق النار أو القصف بالصواريخ، حيث تعتبر الفصائل أن جولة التصعيد انتهت ردّا على العدوان الإسرائيلي”. واستدرك قائلا “لكن الأمر مرتبط بسلوك الاحتلال. في حال ارتكب أيا من جرائمه ستدافع المقاومة عن شعبها ولن تقف مكتوفة الأيدي”. ويأتي قرار الفصائل على ما يبدو نتيجة ضغوط خارجية تدعو لتفويت الفرصة على إسرائيل التي وجهت إنذارا بضرورة وقف إطلاق الصواريخ قبل الرابعة بتوقيت القدس من عصر الخميس، وهو موعد اجتماع مجلس الوزراء المصغر في إسرائيل، قبل أن تتخذ إجراءات عقابية أشد قسوة ضد حماس. وقتل ثلاثة فلسطينيين هم طفلة تبلغ من العمر عاماً ونصف العام ووالدتها وناشط في حركة حماس في سلسلة غارات جوية عنيفة شنّها سلاح الجو الإسرائيلي منذ مساء الأربعاء ردّاً على إطلاق العشرات من الصواريخ من قطاع غزة الأربعاء، أدت إلى إصابات في صفوف الإسرائيليين بينهم حالات خطيرة. بدورها أعلنت الغرفة المشتركة أنها أطلقت عشرات الصواريخ وقذائف الهاون باتجاه المواقع والبلدات الإسرائيلية الحدودية مع القطاع ردّا على “العدوان الإسرائيلي المستمر وآخره استهداف موقع للمقاومة (تابعة لكتائب القسّام في بلدة بيت لاهيا) شمال قطاع غزة” حيث قتل عنصران من الكتائب خلال “مناورة تدريبية”. ويرى مراقبون أن التصعيد الأخير بين الطرفين يأتي في سياق سعي كل من حماس وإسرائيل لتحسين موقفهما التفاوضي بشأن مقترح مصري تدعمه الأمم المتحدة لهدنة طويلة بين الجانبين تتراوح بين خمس وعشر سنوات، مقابل تخفيف الحصار بشكل واضح على القطاع الذي يشهد معاناة إنسانية. وأوضح بركات الفرا، سفير فلسطين السابق في القاهرة، “أن حماس معنية بعقد صفقة مع إسرائيل، وقامت بمناوشات عسكرية كي لا يُقال إنها أقدمت على هدنة مجانية، لأنها تتعامل بمنطق أن المزيد من التوتر يضاعف المكاسب السياسية؟”. بركات الفرا: مصر لن تقبل بوصول المساعدات إلى حماس بشكل يكرس حكمها بركات الفرا: مصر لن تقبل بوصول المساعدات إلى حماس بشكل يكرس حكمها وعلمت “العرب”، أن وفدا لحماس برئاسة صالح العاروري قادم من غزة أعلم القاهرة الأربعاء عن موافقة الحركة على إبرام هدنة مع إسرائيل، شريطة فصل ملف تبادل الأسرى بين الجانبين عن هذا الملف، وعدم الربط بين رفع الحصار الإسرائيلي على القطاع والتهدئة، وهو ما يتناقض مع شروط إسرائيل. وكانت حركة حماس، قد وجهت قبل وصول وفدها إلى القاهرة لإعطاء رد على مقترح الهدنة إشارات عدة، حول موافقتها المبدئية عن هذه الخطوة، وقالت إنها تتصرف بمنطق وانفتاح مع الجهود الدولية والعربية لتحقيق المصالحة ورفع الحصار وتنفيذ مشاريع تنموية وإنسانية في القطاع. ويرى مراقبون أن تعاطي حماس مع التهدئة لا يعني تكريس حكمها في غزة، لأن مصر (ودول عربية عدة) تتحفظ على تسليم حماس مفاتيح إدارة الأوضاع الاقتصادية لسكان القطاع وتلقي المساعدات الخارجية، ما يفرض التحرك سريعا على مسار المصالحة الفلسطينية، كي تتمكن السلطة الوطنية من وضع يدها على غزة، والقيام بهذه المهمة. ومقرر أن تشهد القاهرة الأسبوع المقبل سلسلة من اللقاءات مع قوى فلسطينية، أملا في الوصول إلى إجماع وطني حول القضايا محل النقاش والخلاف. وكان عزام الأحمد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ومسؤول ملف المصالحة فيها، قام بزيارة القاهرة من الثلاثاء إلى الخميس، وأجرى مباحثات إيجابية حول آليات تنفيذ المصالحة. وتدرك مصر أن البدء أولا بإنهاء الانقسام، يأخذ فترة طويلة بسبب المناكفات السياسية بين فتح وحماس، جراء تعامل الطرفين مع المصالحة بمنطق المكسب والخسارة، في حين أنها لا تمتلك رفاهية الوقت لفرض الاستقرار والهدوء في القطاع. وأكد مصدر مصري لـ“العرب”، “أن القاهرة لا تزال تتحرك في كل ما يخص غزة، بالتنسيق مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبومازن)، لأن مصر تتمسك بأن تأخذ كل تحركاتها مسارات تلتزم بالشرعية القانونية، وهو ما لا تريد حماس الاقتناع به”. وتبدو تحركات أبومازن الأخيرة، باتجاه الأردن وقطر، رافضة لما يجري بشأن التهدئة في غزة، وتظهر تصريحات بعض قيادات فتح، كأن القاهرة تنحاز لحماس وأنها أوقفت التعاون مع السلطة الفلسطينية، وهو ما نفاه المصدر المصري، مشددا على أن القاهرة “حريصة على عدم الوقوع في هذا الخطأ التكتيكي”. واستشهد المصدر بأن وفد حماس في الخارج عندما زار قطاع غزة قادما من مصر، “أبلغنا الرئيس أبومازن بهذه الخطوة، لكن الرجل يخشى عواقب مناورات حركة حماس والالتفاف على أي اتفاقات مستقبلية”، قد يتم التوصل إليها. ويرى متابعون أنه إذا أظهر أبومازن رفضه المطلق لإبرام هدنة بين حماس وإسرائيل سيتم وضعه في مأزق أمام فلسطيني غزة وكذلك المجتمع الدولي الذي يدعم التهدئة، لذلك يحرص على أن يكون في صورة الرئيس الداعم للخطوة في الخفاء، لكنه يتصرف في العلن بما هو يوحي بغير ذلك لمنع تفجير الأوضاع داخل فتح. وقال بركات الفرا سفير فلسطين سابقا في القاهرة، لـ“العرب”، إن “مصر ليست ساذجة كي تتحرك في اتجاه تخفيف حدة المعاناة الإنسانية في غزة دون تشاور مع السلطة، لأنها لن تقبل بوصول المساعدات المالية لحماس بشكل يكرّس حكمها”. وأضاف الفرا أن المصالحة الفلسطينية الأساس عند مصر، وأي تحركات راهنة أو مستقبلية تصب في هذا الاتجاه، لأنها معنية برفع المعاناة عن قطاع غزة، لافتا إلى أن “القاهرة لا تتحرك في اتجاه التهدئة دون مشاركة أو على الأقل تشاور مع السلطة”. وأكد مصدر مطلع بحركة فتح لـ“العرب”، أنه من الضروري قبل المصالحة إنقاذ غزة من الانهيار، وذلك لن يحدث قبل الالتزام بالتهدئة. وأوضح المصدر، أن الرئيس محمود عباس معني بالمصالحة في أقرب وقت ممكن، لكنه يدرك أن التخلص من الرافضين لها داخل صفوف حركة فتح “سوف يكلفه ثمنا سياسيا باهظا.. وهناك شخصيات ذات ثقل تتعامل مع المصالحة على أنها سجن أبدي لهم”. ودعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس “المجتمع الدولي إلى التدخّل الفوري والعاجل لوقف التصعيد الخطير الجاري في غزة وعدم جرّ المنطقة إلى مزيد من الدمار وعدم الاستقرار”، كما أوردت وكالة الانباء الفلسطينية (وفا).

مشاركة :