حملات إعلامية تشنها أقلام وجهات مغرضة بين الحين والآخر، ضد السعودية، قوبلت بتجاهل كبير من مسؤولي الدولة، بشكل أربك الجهات التي تواصل نشر الأكاذيب، دون أي أسس في التعامل المهني، لاسيما استضافة أشباههم من المأجورين ومنحهم ألقابًا وأوصافًا "منتحلة"؛ لتضليل الرأي العام. وتتكرر ملفات الهجوم التى تتعرض لها المملكة، مرة بسبب حجاب المرأة، وأخرى متعلقة بحقوق الإنسان، وثالثة عن أحكام القضاء، وهكذا تدور العجلة ولا تتوقف طالما كانت هناك بلد اسمها السعودية. معظم تلك الحملات تقابلها المملكة بالتجاهل، لاسيما أنها لا تصدر عن جهات ومؤسسات وأشخاص غير رسميين، إلا أن ما أقدمت عليه كندا (عبر وزيرة خارجيتها، وسفارتها في الرياض) حول ما زعمت أنه "قلق بالغ، على نشطاء مجتمع مدني، وحقوق المرأة بالمملكة" تطلبا ردًا حاسمًا على هذه الاستفزازات والتدخلات السافرة. وقالت وزارة الخارجية السعودية، فور صدور هذه التصريحات غير المسؤولة: "هذا الموقف السلبي والمستغرب من كندا يعد ادعاءً غير صحيح جملة وتفصيلًا ومجافيًا للحقيقة، ولم يبن على أي معلومات أو وقائع صحيحة، وإيقاف النشطاء المذكورين تم من قبل النيابة العامة؛ لاتهامهم بارتكاب جرائم توجب الإيقاف وفقًا للإجراءات النظامية المتبعة". واعتبرت الخارجية السعودية الموقف الكندي "تدخلًا صريحًا وسافرًا في الشؤون الداخلية للمملكة، ومخالفًا لأبسط الأعراف الدولية، وتجاوزًا كبيرًا وغير مقبول على أنظمة المملكة، وإخلالًا بمبدأ السيادة وهجومًا على المملكة". ولاقى الموقف السعودي تأييدًا إقليميًا كبيرًا؛ حيث أصدرت حكومات مختلفة بيانات أدانت فيها التصرف الكندي، ودعت إلى اعتذار صريح إلى السعودية، ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل إن وسائل الإعلام الكندية ضجت بالأصوات الغاضبة من حكومة بلادها، جراء التداعيات التي أحدثها ما وصف بأنه خسائر كبيرة لأوتاوا بعد إجراءات السعودية الصارمة، رفضًا للتدخل في شؤونها الداخلية. وقال أندرو ماكدوغال المتحدث سابقًا باسم رئيس الوزراء الكندي السابق، وزعيم حزب المحافظين ستيفن هاربر، إن هذا الفشل الدبلوماسي الكندي في مواجهة السعودية لم يكن الوحيد في سجل الحكومة الكندية الحالية، التي ألمح إلى أن أبرز ما يتصدر اهتماماتها هو "حقوق المثليين"، بينما تخفق في قضايا كبرى ملحة. ومع تزايد الضغوط الداخلية، شرعت كندا في اللجوء للوساطة لإنهاء الأزمة مع المملكة، فيما أبرزت وسائل الإعلام الكندية حجم الخسائر المادية الكبيرة التي تكبدتها البلاد جراء الإجراءات السعودية، والتي تجاوزت 20 مليار دولار. وأعلنت شركة جنرال دايناميكس لاند سيستمز الكندية، أن القرار أثر على صفقة بيع 928 مركبة عسكرية مدرعة خفيفة وثقيلة يُجرى تصنيعها للمملكة، بقيمة إجمالية تقدر بـ15 مليار دولار. وأضافت الشركة أن القرار السعودي سيؤدي إلى فقدان ألفين و470 موظفًا جديدًا وظائفهم، إذ كانت الشركة عينتهم مؤخرًا من أجل تصنيع المركبات العسكرية الموجودة على خط الإنتاج. ومع تزايد الخسائر، يشير المحللون إلى أنه ليس أمام كندا سوى محاولة التسوية والتراجع عن المواقف التي أغضبت المملكة. يأتي هذا فيما يؤكد خبراء أن المنطق والعقل وحتى القانون يؤكد أنه من أبسط حقوق المجتمعات أن تتشكل بحسب طبيعتها، والقوانين التي ارتضت بحكمها، ولا يجوز للمجتمعات الأخرى أن تفرض عليها تفسيرات دينية أو مجتمعية باعتبارها الحق المطلق الذي لا يقبل التشكيك فيه أبدًا.
مشاركة :