الفصائل الفلسطينية تحمّل إسرائيل مسؤولية استمرار الهدوء في غزة

  • 8/10/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تركت كلمات الشهيدة إيناس أبو خماش (23 سنة) لرضيعتها بيان (سنة ونصف السنة) أثراً حزيناً عميقاً في نفوس الفلسطينيين، خصوصاً في قطاع غزة: «لأجلكِ سأصنع أي شيء». واستشهدت إيناس الحامل، ورضيعتها، وأصيب زوجها بجروح متوسطة، في قصف إسرائيلي استهدف منزلهم في مدينة دير البلح وسط القطاع ليل الأربعاء - الخميس، في واحدة من أعنف جولات المواجهات بين فصائل المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال الإسرائيلي. ولم يُتح الصاروخ الإسرائيلي لإيناس الفرصة كي تفعل شيئاً لبيان، ولم تستطع حمايتها من البطش الإسرائيلي. وكتبت الأم لطفلتها على حسابها في «فايسبوك: «كوني بقربي دائماً، خففي من ضجيج الحياة بصوتك، أخبريني أن لا شيء سيء وأنت بالقرب مني». وأضافت: «ابنتي إرمي حملك عليّ ما دمتي تثقين بي، فأنا لأجلك سأصنع أي شيء». هذه الكلمات أبكت كثيراً من الغزيين، الذين شيعوا الأم وطفلتها وشهيداً ثالثاً، سقطوا جراء قصف الطيران الحربي الإسرائيلي، الذي شن أكثر من 150 غارة خلال الساعات الماضية. وتوترت الأجواء الثلثاء، بعدما اغتالت قوات الاحتلال ناشطين من «كتائب القسام» الذراع العسكرية لحركة «حماس» فيما كانا يطلقان النار داخل موقع للتدريب على هامش تخريج دفعة من مقاتليها، بحضور عدد من القادة السياسيين والعسكريين للحركة، في مقدمهم نائب رئيس المكتب السياسي صالح العاروري. وانتظرت «حماس» إلى ما بعد مغادرة وفد الحركة القطاع أول من أمس إلى القاهرة، كي تثأر لمقتل ناشطيها، فأطلقت عدداً من الصواريخ محلية الصنع محدودة التأثير على مستوطنات محاذية للقطاع. إلا أن إسرائيل ردت بقوة كبيرة، وشنّت سلسلة غارات على منشآت مدنية، من بينها معمل لصناعة الخرسانة الجاهزة في مدينة رفح جنوب القطاع، ومبنى لبلدية المغراقة جنوب مدينة غزة، واغتالت الناشط علي الغندور (30 سنة)، قبل أن تقصف منزل عائلة أبو خماش، ما أسفر عن استشهاد الأم ورضيعتها، وإصابة 12 آخرين بجروح متفاوتة وفق وزارة الصحة الفلسطينية. وإلى جانب «كتائب القسام»، شاركت في القصف «سرايا القدس» الذراع العسكرية لحركة «الجهاد الإسلامي»، و»كتائب أبو علي مصطفى» و»كتائب المقاومة الوطنية» الذراعين العسكريتين للجبهتين «الشعبية» و»الديموقراطية» لتحرير فلسطين على التوالي، وغيرها من الأجنحة العسكرية، الممثلة في «غرفة العمليات المشتركة». وردّت الفصائل بإطلاق أكثر من مئة صاروخ محلي الصنع، وعدد قليل آخر من نوع «غراد». ووسعت الفصائل دائرة القصف، إذ وصل نطاق الصواريخ إلى مدينة بئر السبع وسط صحراء النقب. وفيما بات المستوطنون اليهود في ملاجئ محصنة تحت الأرض، ظل الفلسطينيون مستيقظين طوال ساعات الليل، فيما توالت أصوات الانفجارات، واهتزت المنازل، كما لو كانت هزة أرضية ضربت المنطقة جراء القوة التفجيرية الهائلة للصواريخ التي تطلقها عادة طائرات أميركية الصنع من طراز «إف 15» و»إف 16». واستمر القصف الإسرائيلي المكثف إلى ما قبل ظهر أمس، بعد جهود حثيثة بذلتها مصر ودول أخرى، إضافة إلى منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام نيكولاي ملادينوف، واتصالات دولية مكثفة أجراها الرئيس محمود عباس، قبل أن يتجدد مرة أخرى مساء أمس. وأعلن مصدر بارز في «غرفة العمليات المشتركة» ظهر أمس، أن «فصائل المقاومة تعتبر أن هذه الجولة من التصعيد انتهت من طرفها وأن استمرار الهدوء مرتبط بسلوك الاحتلال». وقال المصدر إن «المقاومة ردت على جرائم العدو التي كان آخرها قتل عنصرين من المقاومة أثناء التدريب». على صلة، قال مصدر مصري مسؤول إن «مصر تبذل منذ (أول من) أمس جهوداً كبيرة وحثيثة لوقف التصعيد الميداني والهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة» وإنها «أجرت اتصالات متواصلة مع جهات عدة من أجل إعادة تثبيت وقف إطلاق النار وتهدئة الأوضاع على الأرض، ومنع تفاقمها أو توسيع دائرة التصعيد». وأشار إلى أن القاهرة «تسعى إلى جسر الهوة بين الطرفين، ومنع أي أحداث أو خطوات أو تطورات قد تؤجج الصراع في المنطقة بما لا تحمد عقباه». وأعرب ملادينوف، الذي ألغى زيارته أمس إلى غزة بسبب كثافة الغارات الإسرائيلية، في بيان ليل الأربعاء - الخميس، عن «قلقه العميق نتيجة التصعيد على جبهة غزة». وقال إنه يحذر منذ شهور عدة من أن «الأزمة الإنسانية والأمنية والسياسية في غزة ستتسبب بحدوث صراع مدمر لا يريده أحد. الأمم المتحدة تعاونت مع مصر وكل الأطراف المعنية في جهد غير مسبوق لتجنب هذا التطور». وشدد ملادينوف على أن «جهودنا الجماعية منعت الوضع من الانفجار حتى الآن»، محذراً من أنه «إن لم يتم احتواء التصعيد الحالي فوراً، فإن الوضع يمكن أن يتدهور بسرعة مع عواقب مدمرة للجميع». وأكد ملادينوف أنه سيواصل العمل الجاد «لضمان عودة غزة من حافة الهاوية، وأن يتم تناول القضايا الإنسانية ومواصلة الجهود التي تقودها مصر لضمان نجاح المصالحة بين الفلسطينيين». وأكدت «حماس» أن «المقاومة تصر بكل شموخ وإباء وتحمل للمسؤولية الكبرى، على قلب موازين المعركة مع الاحتلال الإسرائيلي». وقال الناطق باسم الحركة فوزي ‏برهوم في بيان، إنه «بعزيمة الرجال وبإرادة الأبطال كان الوعد وحان الوفاء لدماء الشهداء». وأكدت «سرايا القدس» أنها «لن تسمح للاحتلال الإسرائيلي بأن يغير قواعد المواجهة مهما كلف المقاومة ذلك من ثمن». وشددت في تصريح مقتضب على «تمسكنا بالرد على كل عدوان ينفذه الاحتلال ضد شعبنا الفلسطيني تثبيتاً لقاعدة القصف بالقصف».

مشاركة :