هيفاء باعيسى أحيانا نكتب عمن نحب، ليس لأجلهم بل لأجلنا. لن أنتظر يوما خصصته منظمة، لأذكر فضلها، ولن أنتظر أن أفقدها لأبكي ألم رحيلها، بل كلما تلمّست مواضع القوة لدي كانت سببها، وكلما احتجت وجدتها. أعتذر إن كان كثيري هو حروف أنثرها، بينما قليلها سهر ورعاية وحب. أعتذر إن كان جل ما أستطيع هو كلمات، بينما تعدت هي مرحلة الأفعال للتضحيات. وراء كل نهوض بعد كبوة هي. إن صفعتنا الحياة، زودتنا بالقوة، وإن خذلنا المقربون كانت لنا العزوة. أطول حكاية حب معها، شح مورد عطائنا ففاض نبعها، القرآن حث على برها، والنثر طوّع الكلمات لذكر فضلها، والشعر بأعذب الكلمات أجزل في وصفها. فما أنا بينهم إلا قلم عاجز عن التعبير. في أيام الصبا أهديتها محاولة شعرية فاشلة، لكن اجتهدت فيها لأسعدها بكلمات عنها. الآن أكتب نثرا لأسعد نفسي بالحديث عنها، فعلا أنا فخوره لأنها أمي. الأب قد يشجع بالمقارنة أو بالتوبيخ أو بتقليل الشأن، يعتبر ذلك محفزا، له عدة أساليب ليصل إلى هدفه. لكن الأم ليست لها إلا طريقة واحدة، هي الحث والنصح، وإن ضلّت بنا الطريق، لا تمل ولا تكل من البذل والعطاء، العودة إلى أي فعل جميل مصدره، حتى إن كانت العودة إلى الكتابة. هي ترانا الأفضل وإن لم نكن، أحيانا نكتب عمن نحب ليس لأجلهم، بل لأجلنا، هم من يدفعنا، من يحرضنا، من يشحذ هممنا.
مشاركة :